«فلاحة الإسماعيلية» .. حملت طفلها فوق كتفها للتمويه وقامت بأخطر عملية استطلاع في «الثغرة».. لم تكتفي بما فعلته وطلبت من الضابط قنابل يدوية وسلاح لتدمير آليات العدو المتمركزة في فايد

الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم 

المعارك تبدأ بالنساء وينهيها الرجال ، فإذا ما أعددن العقول فى الأسرة ومن ثم المجتمع للمواجهة خاض الرجال المعركة بقناعة وطمأنينة أنه يقاتل وترك وراءه بالفعل مقاتل فى قلب الأسرة وفى الشارع والعمل وفى كل مكان ..

وتاريخ المرأة المصرية حافل فى سجله ما بين النضال و إعداد المناضلين ..

وفى معارك الثغرة وقفت تقدم الماء والطعام للجنود ،، بدون استدعاء

فلاحة فايد 

ولم يقف دورها عند ذلك بل قامت بعمليات استطلاع .. مثل فلاحة فايد ، تلك السيدة العظيمة التى طلب منها أحد الضباط أن تذهب إلى مكان تمركز آليات العدو ومجنزراته ، تختبىء بين الأشجار الكثيفة فى منطقة فايد وسرابيوم ، وما كان من هذه السيدة إلا أن توجهت إلى أداء المهمة ... ولكن ليس بمفردها ،، بل حملت ابنها الصغير فوق كتفها لتمويه العدو ... وقامت بعملية الاستطلاع وعادت تخبر الضابط بما رأت ... لم تكتف بذلك بل إنها طلبت قنابل أو أى سلاح يساعدها فى تدمير دبابات العدو ...

فالاستطلاع وحده لا يكفيها !!

ولا يكفيها أيضاً أن تخدم وطنها وتخاطر بحياتها وحدها فى سبيل النصر وإنما جعلت طفلها شريكاً فى المهمة بما يتعرض له من مخاطر جمة .. وكان موعده مع البطولة ... بطولة لم يصنهعا بنفسه وإنما حملته والدته إليها ... موطدة فى طفلها معانى من أرقى ما يكون ...

يتردد على ذاكرتى ما سمعته من البطل اللواء باقى زكى يوسف ، وهو يقص علينا فى إحدى اللقاءات قصة السيدة التى داومت على حمل الخبز الطازج إلى الجنود يومياً أيام الحرب وحينما حاول أحد الضباط أن يدفعها إلى توفير الخبز قائلاً (( العيش كتير يا أمى متجبيش تانى )) ، فما كان منها إلا أن قالت له أن ابنها مجند مثلهم وحينما تطعمهم فكأنما أطعمته ،، لم يكن فى مرادفات تلك السيدة ابنى وابنهم بل كان جميع الجنود أبناء مصر وأبنائها ..

ويطالعنى وجه الفتاة التى حكى لنا عنها العقيد محمد صالح جمال ، وهو يقول :

(( من المواقف العظيمة التى لا أنساها أبداً أن أحد المدنيين المخلصين كان يأتى كل صباح برفقة ابنته وهى عروس فى سن 20 سنة ، يحضران فى الصباح ومعهما سندوتشات ولحوم وغلايات شاى ، يأتى الجنود الذين عادوا ولهم أسبوع أو أكثر لم يتناولوا الطعام وعلى الفور يشرع الأب وابنته فى تقديم الطعام لهم ، كان حضور هذا الرجل وابنته يومياً ، يمضون الليل فى إعداد الطعام للجنود العائدين ، ونظرة لهم فى الصباح فور الوصول وأخرى آخر اليوم تكفى لندرك التعب والإرهاق الذى ينال منهما ، أضطلعوا بهذا الدور وهذه المهمة الإنسانية من تلقاء أنفسهم وبدافع وطنى بحت . )) (م. 73 مؤرخين)

الست فاطوم

ومن أبرز الأمثلة النسائية المناضلة الست "فاطوم"، تلك المرأة المصرية العظيمة التي أسهمت بعشر دجاجات ذبحتها لإطعام رجال المقاومة، وكانت تعمل قدر استطاعتها، رغم القصف الشديد على نقل الذخيرة وتضميد جراح الأبطال ومصابي الحروب، ونجد أن فلاحة فايد مثال مشرف للمرأة المصرية المناضلة فقد كلفها أحد الضباط أن تذهب إلى مكان تمركز آليات العدو لتختبئ بين الأشجار الكثيفة في منطقة فايد وسرابيوم، لتنفيذ خطة الاستطلاع المطلوبة منها، واستطاعت بدهائها أن تحمل طفلتها على كتفها لتنفيذ المهمة والتمويه على جنود الاحتلال لكي لا يشك فيها أحد، دون أن تخشي انكشاف أمرها والتعرض لمخاطر القتل أو القبض عليها، فلا أجد يستطيع أن ينكر كفاح المرأة المصرية ونضالها في محاربة العدو المتربص لها ضد الدولة.


المرأة السيناوية

ونجد أن المرأة السيناوية كان لها دور فعال وبارز في فترة ما بعد نكسة 1967، والمرأة البدوية بوجه عام كان لها أثر فعال في حرب أكتوبر فهي التي قامت بتهريب الفدائيين وعلاجهم ومساعدتهم في الوصول إلى الأراضي المصرية عقب طرق لم يعرفها العدو رغم أن تلك المرأة لم تتعلم ولم تدرب ولكن بفطرة الانتماء وحب الوطن دافعت عن أرضها في مواجهة العدو والفتك به.
ونحن نحتفل اليوم بالذكري الـ35 من الانتصارات الجيش المصري على العدو الصهيوني في سيناء وتحرير الأرضمن الاحتلال حيث لم يستطع العدو الإسرائيلي التغلغل داخل كيان أهل سيناء أو تجنيد أحد أبنائها لأن المرأة المصرية زرعت في نفوس أطفالها حب الوطن.
وكانت المرأة المصرية في حرب أكتوبر أما لكل مصاب وجريح وعونا له بالجهد الذي لا يكل بالعرق والمال، وضمت سجلات التطوع في التنظيمات والهيئات النسائية آلاف الأعداد من الأسماء اللاتي أسهمن بالفعل في التطوع والمساعدة في حرب أكتوبر وساندتهم في ضماد جراحهم الداخلية والخارجية.
وظهر دور المرأة المصرية بقوة حينما نظمت نفسها في لجان تطوف بالمستشفيات وتساعد أهالي المجندين وتقف بجانبهم لتلبية احتياجاتهم، وأقامت المشروعات ومن أهمها مشروع "النور والأمل" لرعاية المعاقين ومصابي الحرب كي يشعروا أن وطنهم يكرمهم ويرفعهم إلى أعلى مكانة.
ونجد أن المرأة بالحرب إنشأت العديد من التنظيمات النسائية حيث سجلت الأرقام 13 ألف سيدة ثم تدريبهن بالفعل على أعمال الإسعاف والتمريض للمساعدة في المستشفيات في حين وفي نفس الوقت كان هناك خمسة آلاف من النساء يتم تدريبهن بالفعل، أما طابور الانتظار فكان به ستة آلاف ينتظرن دورهن.
أما من تطوعن بالدم فهناك تسجيل حوالي تسعة آلاف سيدة بخلاف من يقمن بالحياكة وأعمال الديكور وفي خدمة المستشفيات، وهذا نموذجا واحدا من أحد التنظيمات النسائية بينما كانت تضم جمعيات الهلال الأحمر ألف عضوة أساسية مدربة تدريبا فنيا عاليا على أهبة الاستعداد للمساعدة والمشاركة.
فكانت النساء متقدمات ومشاركات بقوة سواء في إسعافات الجرحى أو في دعم أهالي الشهداء والمصابين.
وكانت المرأة عضو في تنظيم "فصائل خدمة الجبهة" والذي تأسس بعد نكسة يونيو، وكان يضم التنظيم آلاف من النساء المتطوعات، ولقد حصلن على دورة في الإسعاف الأولية، وشاركت في تضميد جراح آلاف من المصابين أثناء نقلهم إلى المستشفيات التابعة للجيش.(البوابة)

تعليقات القراء