جحيم الإسماعيلية .. قتلى ومصابون إسرائيليون بالمئات.. و«بارليف» يرفض إرسال طائرات لإخلائهم .. وفي جبل مريم.. مكالمة عائلية على خَط النار «تُرد الروح»

الموجز - إعداد -- محمد علي هـاشم 

- لا تكفي السطور ولا الصفحات للكتابة عن بطولات أبناء شعب مصر العظيم ، ولكننا نقدم لكم بعض الصفحات المضيئة في تاريخ البطولات العسكرية المصرية ، ما فعله الجيش المصري في حرب أكتوبر وهزيمته لمن ادعوا أنهم لا يقهرون سيظل شاهداً على قوة هذا الشعب وجسارة أبنائه .

- لقربها من الجبهة المشتعلة شهدت مدينة الإسماعيلية، هذه المدينة الهادئة والمطلة على شط قناة السويس، العديد من المعارك والبطولات لأبناء الجيش المصري، نقدم لكم في السطور التالية لمحات ومشاهد بطولية لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه 

 

>> قتلى ومصابون إسرائيليون بالمئات.. و«بارليف» يرفض إرسال طائرات لإخلائهم
> شارون حاول احتلال المدينة لتنفيذ «خطة الغزالة»
> 30 دبابة إسرائيلية اختبأت بين أشجار المانجو فى منطقة الدفرسوار

كان يوم 22 أكتوبر 1973 علامة فارقة في تاريخ العسكرية المصرية ,فقد دارت معركة الإسماعيلية, التي لاتزال حية في ذاكرة الأجيال, فالثغرة و رغم الهالة الإعلامية الصهيونية التي صاحبتها, والتي حاولت - عن عمد - طمس تلك المعركة المهمة في تاريخ العسكرية المصرية, بل إنها من المعارك التي يتم تدريسها في المعاهد والأكاديميات العسكرية.


دارت رحي معركة الإسماعيلية البطولية في 22 أكتوبر عام 1973, وقد اجريت دراسة تحليلية للمعركة, تؤكد أن القوات الاسرائيلية بدأت العبور إلي غرب قناة السويس ليلة 15 / 16 اكتوبر 1973, بـ 30 دبابة برمائية و300 مظلي من فرقة شارون المدرعة، وتصور القادة العسكريون أن القوة الإسرائيلية لا تزيد على سبع دبابات فقط ، فتم التعامل معها باستهتار كبير في الهجمات المضادة، رغم الكثافة المدفعية القوية من مدفعية الجيش الثاني الميداني بقيادة العميد أركان حرب عبد الحليم أبو غزالة، ورغم ذلك فإن قوة الاختراق الإسرائيلي المحدودة قامت بما لم يستطع سلاح الجو الإسرائيلي فعله خلال أحد عشر يوماً من القتال.


وقد اختبأت تلك الدبابات الثلاثون في منطقة الدفرسوار, التي تكثر بها زراعات المانجو ,مما جعل القصف المدفعي غير مؤثر، وبدأت الدبابات الإسرائيلية تنطلق في مجموعات من 2 إلي 3 دبابة لمهاجمة مواقع صواريخ الدفاع الجوي, التي لم تكن علي علم بما يحدث ولم تتوقع وجود دبابات إسرائيلية في المنطقة، فتم عمل فجوة عميقة في حائط الصواريخ المصري, جعل للقوات الإسرائيلية حرية الحركة في قطاعات معينة بعيداً عن مدي الصواريخ المصرية, وتستطيع مهاجمة القوات المصرية شرق القناة, بعد أن كانت هذه المنطقة محرمة عليهم منذ أول يوم في القتال .


وفي صباح يوم 18 أكتوبر, كان يوجد للجيش الإسرائيلي علي الضفة الغربية لقناة السويس 300 دبابة و 2000 جندي مظلات, وفي نفس الوقت كان يقابل القوة الإسرائيلية في نفس المنطقة اللواء 23 مدرع ,القادم من القاهرة, وكتيبة من اللواء 116 مشاة ميكانيكي,وعدد من كتائب الصاعقة والمظلات المصرية, أي أن القوة المصرية لا تزيد عن 100 دبابة وعدد من العربات المدرعة, بالإضافة إلي كتائب القوات الخاصة.


وفشل الهجوم المضاد المصري يوم 18 كما فشل هجوم يوم 17 اكتوبر , وتم تدمير اللواء 23 مدرع بالكامل, والكتيبة 116 ميكانيكي، وبانتهاء تلك المعارك أصبح التواجد المصري المدرع غرب القناة منعدما تماماً، ولا يمكن اعتبار تواجد الفرقة الرابعة المدرعة في النطاق الدفاعي للجيش الثالث كقوة مدرعة مقابلة, لأنها كانت تبعد نحو 80 كيلو مترا من منطقة الثغرة في ذلك الوقت، ولاحقا في نفس اليوم تم استخدام تلك الفرقة في محاولات تثبيت الثغرة عن طريق المناورة بها في نطاق الجيشين الثاني والثالث معاً, لصد محاولات العدو في التقدم للقاهرة, بعد أن تم دعمها بلواء من الحرس الجمهوري، ووضعها تحت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية.


ومنذ يوم 18 أكتوبر انطلقت فرقة «شارون» تجاه الإسماعيلية شمالاً, وفرقة الجنرال «ابراهام أدان» وفرقة الجنرال ماجن ( عبرت القناة يوم 18 ) تجاه السويس بدون أي عائق حقيقي, لكن القوات المصرية تمكنت من تكبيد العدو خسائر فادحة في الأفراد والمعدات، وكانت المعلومات الواردة لشارون وأدان أن هناك قراراً يتم التحضير له في مجلس الأمن لإيقاف إطلاق النار, وأن التحرك السريع لتطويق الجيشين الثاني والثالث وحصارهما واحتلال الإسماعيلية والسويس أصبح أمراً ملحاً, فاندفعت المدرعات الاسرائيلية بسرعة, لقتال أي قوة مصرية.


وصدر قرار وقف إطلاق النار يوم 22 أكتوبر, وكالعادة التزمت مصر، ولم تلتزم إسرائيل, فقد كانت قوات شارون علي مشارف الإسماعيلية, وقوات أدان وماجن علي مشارف السويس، وقد أطلقت مصر أول صاروخ سكود قبل وقف إطلاق النار بدقائق كنوع من أنواع الحرب النفسية، لتؤكد أن لدينا سلاح ردع حقيقيا يصل إلي عمق إسرائيل في محاولة لوقف الهجوم الإسرائيلي .
جدير بالذكر أنه في منطقة فايد - جنوب الدفرسوار- كانت ترابط كتيبة مشاة للدفاع عن تلك المنطقة، وفوراختراق القوات الإسرائيلية مواقعها، انسحبت تلك القوة بدون أوامر وبدون سلاح إلي القاهرة رأسا.


التحليل الاستراتيجي لمعركة الإسماعيلية يقول: إنه مع انتشار رقعة الثغرة الاسرائيلية شمالاً, وفشل قوات الصاعقة والمظلات المصرية في وقف تقدم القوات الاسرائيلية، فقد أدرك قائد الجيش الثاني اللواء عبد المنعم خليل أن وصول القوات الإسرائيلية لمشارف الإسماعيلية مسألة وقت فقط، فبدأ يعد العدة لمعركة من المعارك التاريخية ، فاتخذ عددا من الاجراءات السريعة لحماية مداخل المدينة, وتحركت الكتيبة 85 مظلات بقيادة المقدم عاطف منصف الي نقطة جبل مريم للدفاع عنها . . وتحركت المجموعة 139 صاعقة- بقيادة العقيد أسامة إبراهيم- إلي مناطق نفيشة وأبو عطوة للدفاع عنها, وسحب كتيبة ميكانيكية من منطقة عين غصين– جبل مريم إلي الشمال من الترعة الحلوة - بعد ان استلمت الكتيبة 85 مظلات مهمة الدفاع عن تلك المنطقة, وسحب مجموعة مدفعية الجيش الثاني رقم 1 ( 7 كتائب مدفعية تقريباً ) من جنوب ترعة الإسماعيلية إلي الشمال، لتنضم إلي مجموعة مدفعية الجيش الثاني.. وحشد مجموعات مدفعية الفرقة 16 مشاة والفرقة 21 المدرعة ( شرق القناة ) بالتنسيق مع مجموعات مدفعية الجيش الثاني ,ليكون الاجمالي 16 كتيبة مدفعية مختلفة الاعيرة ، وهنا تجدر الإشارة والإشادة بحسن توقع العميد أركان حرب أبو غزالة قائد مدفعية الجيش الثاني في حشد قوة نيرانية مؤثرة لمحاور تقدم العدو ووضع القوة المناسبة لوقف هجماتها.


وبدأت وقائع معركة الإسماعيلية في 22 أكتوبر 1973 عندما قصف الطيران الإسرائيلي مدينة الإسماعيلية، بعد أن استطاعت قواته المدرعة دفع حائط الصواريخ المصري تجاه الغرب، مما اتاح للطيران الإسرائيلي حرية الحركة في سماء الاسماعيلية.


وتركز القصف الجوي الاسرائيلي علي معسكر الجلاء, حيث قيادة الجيش الثاني، ونقطة جبل مريم وموقع ابو عطوة ونفيشة وكوبري ابو جاموس, وتم تدميره كلياً, وكان الهجوم الجوي لتمهيد تقدم مدرعاته علي تلك المحاور, وكان حلم شارون الذي يراوده أن تنشر صورته وهو في مدينة الإسماعيلية في الصحف العالمية، وكانت هذه المعركة حياة أو موت، فهي الهدف الرئيسي له ,الذي علي أساسه حارب لكي يتم تنفيذ خطة الاختراق والثغرة المسماة - في الارشيف الاسرائيلي- بخطة الغزالة.


بعد القصف الجوي بدأت الدبابات الإسرائيلية في التقدم عبر المحاور الثلاثة، وكان أول المواقع التي اتجهت اليها الدبابات الاسرائيلية هو موقع كوبري نفيشة وموقع أبو عطوة, اللذان تعرضا لقصف مدفعي وجوي عنيف، لكن بسالة مقاتلي المجموعة 139 صاعقة أجبرت العدو علي الارتداد والتوقف, بعد أن أحدثت بدباباته خسائر فادحة .
وتوقف الهجوم الاسرائيلي تجاه أبو عطوة بعد ثلاث هجمات فاشلة، فتحول مرة اخري الي كوبري نفيشة, حيث قام العدو بتدمير الكوبري لحصار القوات المصرية وسحقها، لكن قوة الصاعقة المصرية تمكنت من وقف الهجوم وتكبيد العدو خسائر.


وحاول العدو بعد الظهرالتقدم تجاه الكوبري العلوي علي طريق (القاهرة- الاسماعيلية) الصحراوي, إلا أن القصف المدفعي المصري وبسالة القوات المصرية ردت الهجوم وأجبرت القوات الاسرائيلية علي الارتداد جنوباً مرة أخري.


وحاول شارون دفع دباباته تجاه جبل مريم, واستمر التراشق المدفعي طوال اليوم بدون هجمات جديدة، ومع حلول الظلام هدأت حدة التراشقات النيرانية قليلاً, وبدأ وقف إطلاق النار في السريان مع منتصف الليل, وحاولت كل قوة تعديل أوضاعها قبل وقف إطلاق النيران، ومع توقف إطلاق النار تبددت أحلام شارون باحتلال الإسماعيلية, ولم يفكر في الهجوم مرة أخري .


وذكر المؤرخ العسكري الراحل جمال حماد في كتابه «المعارك الحربية على الجبهة المصرية»: عندما خيم الظلام وحل موعد سريان وقف إطلاق النار في الساعة السادسة والدقيقة الثانية والخمسين مساء يوم 22 أكتوبر، ونظرا لوجود جرحى اسرائيليين كثيرين على أرض المعركة لم يتم سحبهم بعد، ولم يكن في الامكان القيام بمعركة أخرى خاسرة من أجل إنقاذ الجرحى، لذا طلب شارون إمداده بعدد من طائرات الهليكوبتر لمساعدة رجاله في عمليات الإنقاذ. ولكن الجنرال بارليف لم يوافق على مطلبه، فقد كانت الليلة مظلمة وكان من الصعب على الطائرات الهبوط بالقرب من ميدان المعركة منعا لإصابتها.. ولذا أمر شارون رجاله بضرورة الاعتماد على أنفسهم، واستمرت عمليات الإنقاذ أكثر من أربع ساعات إلى أن تم إخلاء معظم القتلى والجرحى من أرض المعركة, وعندما بزغ الفجر وجد رجال المظلات الإسرائيليون أنفسهم على بعد نحو 20 متراً فقط من مواقع رجال الصاعقة المصريين.(فيتو)

********

عبر مُكالمة هاتفية واحدة يُمكن أن تسترد روحك، يأتيك الصوت الذي تشتاق إليه، رغم ما تحمله تلك من ثِقل وتوتر وقلق، إلا أن هذه الصوت يُنحيّ أي مشاعر مخيفة، تتحول إلى لهفة لسماع صوت يتردد بعد شهور فراق، وشوق يعبر المسافات. مكالمة عائلية قدمت لقائد كتيبة، وسط حرب يدور رحاها، فيُنفخ في روحه من جديد، وينثر من نشوته على مجنديه، يجدد حماسهم بقلب الدفة ثانية، وتتحول المكالمة إلى طوق نجاة لميل الكفة مرة أخرى تجاه المصريين.

كانت رحى الحرب تدور، وكفتها تميل إلى الوطن، حتى ليلة 14 أكتوبر، حينما تمكّنت القوات الإسرائيلية من إحداث الثغرة بين الجيش الثاني والثالث الميداني، على مسافة من مدينة الاسماعيلية عُرفت بـ"ثغرة الدفرسوار"، فرصة مثالية للجيش الإسرائيلي تمكنه من الدخول إلى عُمق الأراضي المصرية، لكن القوات المسلحة لم تكن تسمح بحدوث ذلك "جالنا أوامر نتحرك لجبل مريم فورًا" يقولها اللواء عاطف منصف، قائد الكتيبة 85 مظلات- التي أدت دورًا بطوليًا في التصدي لقوات العدو خلال الحَرب.

في ساعات قليلة نُقلت الكتيبة من موقعها بـ "أنشاص" إلى جَبل مريم، تبة جبلية ارتفاعها نحو 150 متر فوق مستوى سطح البَحر، تطل على البحيرة المُرة ومقابلة لجبل "حنيدق" الذي يُسيطر عليه الجيش الإسرائيلي، وهو في الوقت نفسه بوابة الدخول إلى محافظة الإسماعيلية "مهمتنا كانت تأمين الجبل ومنع العدو من الاستيلاء عليه".

بين جنوده، وقف "مُنصف" يراجع خطة الانتشار على طول الجَبل، توجيهاته لا تتوقف، المعنويات مرتفعة، والجاهزية للقتال مع العدو في أعلى مستوياتها، قبل أن تبدأ المواجهة بغتة، سيل من ضربات المدفعية من قِبل العدو تغزو المكان، ضربات متواصلة لدك الجَبل، القوات المصرية ترَد، حرب ضروس تدور بين الطرفين، طائرات إسرائيلية تُحلق في السماء، تُسقط قذائق ألهبت المنطقة "اتضرب علينا كمية بشعة من النيران، ساعة إلا ربع بالمدفعية ونص ساعة طيران لكننا صمدنا"، لم تقف الكتيبة ساكنة، ضربة بضَربة، وشهيد من ناحيتنا بعدد أكبر من قتلاهم، يُضيف "مُنصف" لمصراوي: "الناس في الإسماعيلية شافوا (مريم) مولعة من شدة القتال".

في ذلك الحين، كانت نيران من نوع أخر تستعر في قَلب زوجة القائد، تقطع صالة المنزل ذهابا وإيابا، الشوق ينهش صَبرها، الخوف يهاجمها بقوة، الأخبار الواردة من الجَبهة مُقلقة، أسر الضباط يتبادلون الاتصالات المُقلبة للمواجع يوميًا، لا يوجد أخبار جديدة عن الواقفون على خَط النار، لم تَسمع صوت حبيبها منذ فترة طويلة "والأولاد كانوا دايمًا يسألوا بابا فين" تَرد الأم بغصة "في الشغل وقريب يرجعلنا"، تضمد قلقها بالأمل، وتمنع اليأس عنها بالفَخر بأن رجلها يقاتل من أجل تحرير بلاده "الجيران كانوا بيتعاملوا معانا كويس. ويقولوا دي جوزها بطل من أبطالنا".

البطولة في جَبل مريم، لم تكن مجرد كلمات على شفاه المُعجبين، كانت حقيقية بقدر الموت المُلتف بحول أعناق الرجال، القتال مع الوقت يشتد، الضربات موجعة لكلا الطرفين، القائد- مُنصف- يتشاور مع مساعديه، يطالب القيادة بإمداده بالمزيد من المعدات فيُلبى طَلبه، يتأكد من التزام الجميع بالتعليمات "لقناهم الخطة قبل المعركة وكانوا عارفين هيعملوا إيه وقت الاشتباك" يدفع جنوده لبذل أرواحهم من أجل الوطن، قبل أن يهتف فيه أحدهم بأن هناك اتصالا هاتفيًا عاجلًا من قائد اللواء عبدالمنعم خليل، قائد الجيش الثاني الميداني.

نحو مقره، داخل الجبَل، على عُمق 13 متر تحت الأرض، هرول القائد باتجاه "خط ماركوني"- الهاتف المُخصص لقوات الجيش، يُحدث قائده بثقة رغم ما يعانيه، يتماسك، لا يُريد أن يشعر أحد جنوده بصعوبة الوضع، هزيمة القائد تعني سقوط قواته وهو المستحيل بعينه، يُخبره قائد الجيش الثاني الميداني بالانتظار على الهاتف.

لحظات وجاءه صوته يألفه القَلب "انت كويس؟" رجفة سرت في جسده "كان بقالي زمان متصلتيش بيها من ساعة ما استنفرنا"، كانت زوجته "أمينة غالب" على الخَط: "أنا كويسة وسهيلة وحمادة وسالي كويسين.. متقلقش" توقف الزمن لحظة،انخفض صوت الطائرات قليلًا، تنحى دويّ المدافع، صورتها بدت واضحة في عيناه، ابتسامتها حينما يدلف من باب المنزل، قفزة ابنتيه وولده بين يديه "المهم هتيجي إمتى؟" تُعيده الزوجة إلى روحه، يبتسم، يطمئنها عليه، يُخبرها بأن كل شيء على ما يرام، يعدها بالعودة سالمًا "هأجي قريب بإذن الله".

انتهى الاتصال، قلب القائد امتلأ بدفء المحبة، اطمئن فجأة رغم انتشار النيران من حوله "المكالمة فرقت مع معنوياتي، مفيش كلام طبعًا"، نشاط دبّ في حركته وهو يغادر مكتبه، إلى أرض المعركة عاد، صرخاته صارت أكثر حماسه، حرارة صوته انتقلت إلى جنوده، اليوم سننتصر، قالها لنَفسه، سيصد العدو عن الأرض والعَرض، وسيفي بوعده كما قال لزوجته.

عقود عديدة مرت على تلك المكالمة، لم تُمحَ من ذاكرة الزوجين وأبنائهما، ظل هذا الاتصال موقفًا فريدًا، شاهدًا على ما جرى في الحَرب، على هذه الليلة الصعبة القاسية العنيدة التي خرج منها "مُنصف" وجنوده منتصرين، وعلى تلك اللفتة المُبهجة التي قام بها قائد الجيش الثاني الميداني من أجل منح أحد رجاله دفعة جيدة خلال القتال "اللواء عبدالمنعم كان ملك المعنويات" يذكرها "مُنصف" بامتنان شديد.(مصراوي)

تعليقات القراء