البنك المركزي يكشف أسباب تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض
قررت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركــزى المصـرى فى اجتماعهـا يــوم الخميس الموافـــق 5 سبتمبر 2024 الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. ويأتى هذا القرار انعكاسا لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمى والمحلى منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.
على الصعيد العالمى، يظل معدل النمو الاقتصادى مستقرا إلى حد كبير، وإن كان أقل من مستواه خلال الفترة السابقة على جائحة كورونا. وقد ساهمت سياسات التشديد النقدى فى اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة فى انخفاض التضخم عالميا، حيث استمر بعض البنوك المركزية فى خفض أسعار العائد الأساسية مع اقتراب التضخم من مستوياته المستهدفة. ويعود التيسير الطفيف فى الأوضاع النقدية أيضا إلى المخاطر النزولية المتعلقة بالتشغيل والنمو الاقتصادي. وبالنسبة لأسعار السلع الأساسية، فعلى الرغم من تفاقم التوترات الجيوسياسية فى المنطقة شهدت أسعار الطاقة انخفاضا طفيفا، وإن كانت التوقعات لا تزال متأثرة بحالة عدم اليقين تجاه أسعار السلع الأساسية بشكل عام.
وعلى الجانب المحلى، تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالى الحقيقى إلى 2.2% فى الربع الأول من عام 2024 مقارنة بنحو 2.3% فى الربع الرابع من عام 2023. ويرجع هذا التباطؤ إلى انخفاض مساهمة القطاع العام فى النشاط الاقتصادى بسبب تأثير أزمة الملاحة فى البحر الأحمر على قطاع الخدمات، كما أن الارتفاع الأخير فى النشاط الاقتصادى للقطاع الخاص لم يكن كافيا لتعويض ذلك التراجع. وتفيد آخر المؤشرات الأولية للربع الثانى من عام 2024 بأن نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بدأ فى الارتفاع، ومن المتوقع أن يتعافى تدريجيا اعتبارا من السنة المالية 2024/2025، بعد تباطؤ ملحوظ خلال السنة المالية 2023/2024. ومع ذلك، يظل النشاط الاقتصادى الحقيقى أقل من طاقته الإنتاجية، مما يدعم المسار النزولى للتضخم خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن يظل كذلك حتى يقترب من طاقته القصوى على المدى المتوسط. وفيما يتعلق بمعدل البطالة، فقد تراجع إلى 6.5% فى الربع الثانى من عام 2024 مقارنة بنحو 6.7% فى الربع الأول من عام 2024، مدفوعا بشكل أساسى بارتفاع أعداد المشتغلين فى قطاع الزراعة.
وقد واصلت الضغوط التضخمية تراجعها مع الانحسار التدريجى لأثر الصدمات السابقة، حيث انخفض التضخم السنوى العام إلى 25.7% والأساسى إلى 24.4% فى يوليو 2024 وذلك للشهر الخامس على التوالي. وعلى الرغم من استمرار التضخم المرتفع فى السلع غير الغذائية، فإن الانخفاض الكبير فى التضخم السنوى للسلع الغذائية لا يزال يدفع التضخم العام نحو الانخفاض. وجدير بالذكر أن المعدل السنوى لتضخم السلع الغذائية سجل 29.7% فى يوليو 2024، وهو أدنى معدل له منذ ما يقرب من عامين، مما يعكس الأثر الإيجابى لفترة الأساس بعد معدلات التضخم المرتفعة خلال عام 2023. وعليه، يشير التراجع التدريجى فى تضخم السلع الغذائية بجانب تحسن توقعات التضخم إلى أن التضخم يسير حاليا فى مسار نزولي.
ويشير تباطؤ التضخم إلى عودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد بفعل سياسات التشديد النقدى الأخيرة، مع تراجع تأثير صدمات سعر الصرف والعرض السابقة. وتفيد التوقعات أن التضخم سوف يسجل معدلات مقاربة لمستوياته الحالية حتى الربع الرابع من عام 2024 أخذا فى الاعتبار إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المتخذة والمتوقعة. ومن المتوقع أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2025 بسبب التأثير التراكمى لسياسات التشديد النقدى والأثر الإيجابى لفترة الأساس. غير أن المسار النزولى للتضخم لا يزال عُرضة لمخاطر صعودية، بما فى ذلك تراجع إمدادات النفط العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية، وحالة عدم اليقين بشأن انتهاج سياسات تجارية حمائية، واحتمالية أن يكون لإجراءات ضبط المالية العامة تأثير يتجاوز التوقعات.
وفى ضوء ما سبق وارتكازا على قرارات لجنة السياسة النقدية فى اجتماعاتها السابقة، ترى اللجنة أن إبقاء أسعار العائد الأساسية للبنك المركزى دون تغيير يعد مناسبا فى الفترة الحالية إلى أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ ومستدام. وستواصل لجنة السياسة النقدية تقييم تأثير قرارتها على الاقتصاد فى ظل التقييد الحالى للأوضاع النقدية وفى ضوء ما يرد من بيانات خلال الفترة القادمة. وتشير اللجنة إلى أنها ستواصل متابعة التطورات الاقتصادية عن كثب وتقييم المخاطر المحيطة بتوقعات التضخم، مؤكدة على أن المسار المتوقع لأسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة. ولن تتردد اللجنة فى استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة لأجل تعزيز المسار النزولى للتضخم وتحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.