الإعدام للمتهمين في مذبحة المرج

الموجز

أودعت محكمة جنايات شمال القاهرة، حيثيات حكمها بالإعدام شنقا لسيدتين اتفقتا مع زوجهما على قتل أطفال أحدهما في الواقعة المعروفة إعلاميا بـ"مذبحة المرج".

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد علوان السيد، وعضوية المستشارين كمال الدين عبد الرحمن همام، وعلاء مصطفى فتح الباب، وأمانة سر أحمد فهمي رفاعي، بالإعدام شنقا لكل من إيمان زكريا محمود صالح وهالة مصطفى محمد عبد التواب، وبانقضاء الدعوى الجنائية لزوجهما أحمد عبد القادر عبد الصادق أبو السعود بوفاته.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها التي حصلت "الشروق" على نسخة منها، إن الواقعة تتخلص حسبما استقر في يقينها من الأوراق والتحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة بأن المتهم الثاني أحمد عبد القادر عبد الصادق تزوج من المتهمة الثالثة هالة مصطفى محمد عبد التواب التي تكبره بسنوات عديدة دون موافقة أسرته التي قاطعته، ثم تزوج من المتهمة الأولى إيمان زكريا وأنجب منها الصغيرتين المجني عليهن ملك وجنى، وحال كون المتهمة الثالثة عاقر ولم تنجب وسوست إليه بأن يتخلص من طفلتيه المار ذكرهما مقابل إعطائه شقة تمليك بضاحية الزاوية الحمراء بالقاهرة وحررت له توكيل رسمي عام بهذه الشقة وأبدت رغبتها له في عدم وجود أطفال له لتورثه، واقنعت بذلك أيضا المتهمة الأولى والدة الطفلتين المجني عليهن.

وأضافت المحكمة أن المتهمين عقدوا العزم وبيتوا النية على التخلص من الطفلتين الصغيرتين ملك وجنى وأعدوا لذلك إناء بلاستيكي ملوءه بالمياه وأغرقوا فيه الطفلتين الصغيرتين الواحدة تلو الأخرى حتى زهقت روحهما إلى بارئها وتخلصوا من جثة كلاً منهما، وعقب ذلك حملت المتهمة الأولى من المتهم الثاني زوجها ووضعت طفلاً ذكراً لم يتم تسميته وعقدوا العزم وبيتوا النية ثلاثتهم على قتل ذلك الطفل المولود عقب ولادته مباشرة بأن أعدوا إناء بلاستيكي ملوءه بالمياه وأغرقوا فيها الطفل المولود حتى مات وتخلصوا من جثمانه وقاموا بتسجيل مقاطع صوتية ومرئية حال ارتكابهم الجريمة ووضعوا على جثمان المجني عليهم الثلاثة عقب إزهاق روحهم مادة كيميائية لإخفاء معالم جثة كلاً منهم وتخلصوا من جثمان كلاً منهم بوضعه داخل حقيبة من حقائب السفر وتركهم في أماكن داخل دائرة قسم شرطة المرج.

وذكرت المحكمة أن المتهمين الثلاثة اعترفوا أمام النيابة بارتكاب الواقعة وقاموا بإجراء معاينة تصويرية وتمثيل ارتكابهم للجريمة النكراء وأرشدو عن الأدوات المستخدمة في ارتكابها، وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أن الجثمان المعثور عليه للطفلة التي تم العثور على جثمانها في المحضر رقم 2089 لسنة 2018 إداري الخصوص تتطابق وراثياً في كونها ابنة للمتهمين الأولى والثاني، وثبت بتقرير الطب الشرعي أن الجثمان المعثور عليه لأنثى في العقد الأول وأن واقعة الوفاة تحدث وفق التصوير الوارد بإقرار المتهمين، وتم العثور على ذاكرة الهاتف الخاص بهم والذي تم ضبطه على مقاطع صوتية ومرئية حال ارتكاب ثلاثتهم للواقعة، ودلت تحريات الشرطة على صحة الواقعة التي أقر بها المتهمين الثلاثة.

واعترف المتهمة الأولى إيمان زكريا محمود صالح أنها كانت تعمل موظفة بالأمن بمترو الأنفاق، وكان المتهم الثاني أحمد عبد القادر يعمل بالمترو وتعرف عليها وبعد فترة تزوجها، وأنجبت منه الصغيرة ملك ثم الصغيرة جنى ثم ساءت العلاقة بينه وبينها.

وتابعت المتهمة أنها اتفقت مع زوجها والمتهمة الثالثة على قتل طفلتيها المجني عليهما ملك وجنى، مقابل أن تقوم المتهمة الثالثة بإعطاء المتهم الثاني شقة تمليك بالزاوية الحمراء وتشتري له سيارة ميكروباص، مشيرة إلى أن زوجها كان يشك في صحة نسب الطفلتين له بعدما شككته المتهمة الثالثة في نسبهما له، ثم حملت منه في ولد ذكر وضعته وقامت المتهمة الثالثة بقطع الحبل السري له.

وأودع المتهمين الثاني والثالثة في أحد منشآت الصحة النفسية الحكومية لمدة شهر لبيان ما إذا كان أي منهما يعاني من اضطراب نفسي وعقلي وقت ارتكاب الواقعة ومدى تأثيرها على إدراكه، وأورد تقرير الطب النفسي والعقلي لكل من المتهمين الثاني والثالثة أنهما لا يوجد لديهما في الوقت الحالي ولا وقت الواقعة محل الاتهام ثمة أعراض دالة على اضطراب نفسي أو عقلي نافي للمسئولية الجنائية وهما كلا منهما سليم الإدراك والاختيار وتم عرض المتهمة الأولى على استشاري الأمراض النفسية والعصبية، وأورد تقريره أن المتهمة الأولى تامة الإدراك ولا تعاني من ثمة أمراض نفسية أو عقلية ولا يوجد لديها أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها أو ينقصها الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب.

وعرضت المحكمة المتهمة إيمان زكريا محمود صالح على الطب الشرعي في لجنة ثلاثية ويكون من بينهم طبيب نفسي لتوقيع الكشف الطبي عليها لبيان ما بها من إصابات وسببها وتاريخ وكيفية حدوثها ومدى تأثيرها وظروفها الأسرية على إرادتها وادراكها واختيارها وقد تبين من التقرير الطبي ضرورة عرضها وتحويلها إلى وحدة الطب الشرعي النفسي بالعباسية.

وجاء التقرير الطبي النفسي والعقلي للمتهمة أنها لا يوجد لديها وقت الواقعة ولا في الوقت الحالي أي أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها الإدراك والاختيار وسلامة الإرادة والتمييز والحكم الصائب على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب مما يجعلها مسئولة عن الاتهام المنسوب إليها، ولما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن الى ما جاء بذلك التقرير وتأخذ به ومن ثم بات ما تساند عليه الدفاع عن المتهمة الأولى في هذا الخصوص غير سديد.

وعن دفع الدفاع عن المتهمة الأولى ببطلان تقرير الطب النفسي للمتهمة الأولى لقصوره وعجزه، ردت المحكمة قائلة: "لما كانت المحكمة تطمئن إلى ما جاء به وترى أن ما تم توجيهه إليه من مطاعن فإن المحكمة تلتفت عنها لاطمئنانها الى ما جاء به ويكون ما تساند عليه الدفاع عن المتهمة الأولى في هذا الشأن غير سديد".

وعن الدفع المتعلق بتطبيق المادتين 61 و62 من قانون العقوبات على المتهمة الأولى لارتكابها الواقعة وهي في غير كامل إرادتها، ردت المحكمة: "لما كان الثابت أن المحكمة بجلسة 23/10/2021 قررت إيداع المتهمة مستشفى العباسية للصحة النفسية والعصبية لمدة خمسة وأربعون يوماً لبيان عما إذا كانت تعاني من أمراض نفسية أو عصبية تعدم إرادتها وقت الواقعة أو بعدها وبيان عما إذا كان هناك إكراه وقت الواقعة أدى الى ارتكابها لها وجاء التقرير الطبي المار البيان أنها لا يوجد لديها في الوقت الحالي ولا في وقت الواقعة أي أعراض دالة على وجوب اضطراب نفسي أو عقلي يفقدها أو ينقصها إدراكها واختيارها وإرادتها سليمة وقادرة على التمييز والحكم الصائب علي الأمور ومعرفة الخطأ والصواب ومن ثم يجعلها مسئولة عن الاتهام المنسوب إليها في الدعوى محل الاتهام والمحكمة تلتفت عن هذا الدفع".

وعن طلب الدفاع الحاضر مع المتهم الثاني باستدعاء الطبيبة الشرعية لمناقشتها، قالت المحكمة إنه من المقرر قانوناً أن المحكمة غير ملزمة إلى طلب استدعاء الطبيبة الشرعية مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم ترى هي من جانبها حاجة الى اتخاذ مثل هذا الإجراء، ولما كان ذلك وكانت الطبيبة الشرعية قد تم سؤالها بتحقيقات النيابة تفصيلياً عن الواقعة وتقرير الصفة التشريحية التي قامت به فإن المحكمة قد وضحت لديها الواقعة ولا ترى حاجة الى طلب استدعاء الطبيبة الشرعية المار ذكرها وتلتفت المحكمة عن هذا الطلب من الدفاع عن المتهم الثاني.

وعن دفع الدفاع عن المتهم الثاني بتناقض أقوال الطبيبة الشرعية بتحقيقات النيابة العامة عن ما جاء بتقرير الصفة التشريحية، قالت المحكمة إنه من المقرر قانوناً أن التناقض بين أقوال الشهود وتقرير الخبير على فرض وجوده لا يقدح في أن تطمئن إليه المحكمة، مادام تناقضاً لا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كان ذلك وكانت اقوال الطبيبة الشرعية تتفق مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن المجني عليها ملك أحمد عبد القادر ثبت أن وفاتها باسفكسيا الغرق وجائز حدوثها وفق التصوير الوارد بإقرار المتهمين الثلاثة وأن ما تساند عليه الدفاع عن المتهم الثاني في هذا الشأن غير سديد .

وبشأن الدفع المبدي من الدفاع عن المتهم الثاني بعدم جدية التحريات، ذكرت المحكمة أنها تقتنع بجدية التحريات التي أجراها كلاً من عقيدي الشرطة حسام الدين علي مصطفى حنفي وأحمد محمود محمد الاعصر وتصدق من أجراها وأنها تم إجرائها من قبلهما وجاءت واضحة وصريحة وتتفق مع ما جاء بإقرار المتهمين أمام النيابة العامة بالتحقيقات ومن ثم بات ما تساند عليه الدفاع عن المتهم الثاني في هذا الخصوص غير سديد.

وعن الدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى المتهمة الثالثة هالة مصطفى محمد عبد التواب، قالت المحكمة: "إنه ثابت من ظروف الدعوى وملابساتها ومن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها ملك أحمد عبد القادر عبد الصادق أن مما يدل بيقين على توافر نية القتل نية إزهاق روح المجني عليهم، إذ أن الثابت من إقرار المتهمين ومنهم المتهمة الثالثة أنهم أعدوا إناء بلاستيكيا كبيرا مملوئا بالمياه وأغرقوا فيه الأطفال الثلاثة المجني عليهم وهم صغار دون وازع أو ضمير والمتهمون يعلمون أن في إغراقهم في المياه داخل الإناء يؤدي إلى إزهاق روحهم الوحدة تلو الأخرى ثم الطفل الملود حديثاً والذي لم يسمى مما يتوافر به نيل القتل لدى المتهمين الثلاثة إذ أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول الى هذه المحكمة التي استخلصتها استخلاصاً سائغاً لها صدى في الأوراق واطمأنت الى توافره في حق المتهمين الثلاثة في حدود سلطتها التقديرية".

وانتهت المحكمة إلى أنه ثبت إلى وجه اليقين أن المتهمتين الثلاثة قتلوا عمداً الأطفال ملك وجنى والطفل حديث الولادة أبناء المتهمين الأولى والثاني مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلهم وأعدوا لذلك الغرض إناء بلاستيكي ملؤه بالمياه وأغرقوهم فيه قاصدين من ذلك قتلهم مما أودى بحياتهم.

تعليقات القراء