«هددها بالقتل وإطلاق الرصاص على من يساعدها».. سر الخلاف بين محمد فوزي وهدى سلطان أبناء أحد أشهر مقرئي القرآن الكريم.. وكيف ساعدها الأطرش بمعركتها ضد شقيقها؟

الموجز

في بيت ريفي بسيط بوسط دلتا مصر، يمتلكه الشيخ عبد السلام عبد العال الحوّ، أحد أشهر مقرئي القرآن الكريم في قرية كفر جندي بمحافظة الغربية والقرى المجاورة لها، نشأ الثنائي الموسيقار والمغني والممثل الكبير محمد فوزي (مولود في 15 أغسطس 1918)، وشقيقته القديرة الراحلة المطربة والممثلة.

ويشتهر الوسط الفني بوجود العديد من العائلات تعمل به سواء كان الأب وأبناؤه مثل الفنان سمير غانم وبناته أو الزوج والزوجة مثل الفنان الراحل نور الشريف وزوجته، إلا أن بعض الحالات الفنية حدثت أزمات عائلية بسبب دخول أحد أفرادها للوسط الفني رغم وجود سوابق لذلك بذات العائلة.

وهو ما حدث بين الفنان محمد فوزي وشقيقته الفنانة هدى سلطان، والذي رفض عملها بالوسط الفني في البداية، فهما أبناء الشيخ عبدالسلام أحد أشهر مقرئي القرآن بمحافظة الغربية.

ولد فوزي في أغسطس من العام 1918، وكان يهوى الغناء منذ صغره، وولدت شقيقته هدى سلطان في العام 1925، وبدأت الحياة الفنية للفنان محمد فوزي من خلال الغناء بالموالد والأفراح حتى انتقال غلى القاهرة، وكأغلب الفنانين في ذلك الوقت التحق بفرقة بديعة مصابني، ثم فرقة فاطمة رشدي، وقدم أول أعماله الفنية في العام 1944، ورغم ذلك ظلت العلاقة متوترة بين محمد فوزى ووالده، ولم يرضَ عنه إلا بعدما رأى أهالى القرية يفتخرون به وتحقيقه نجاحًا وشهرة واسعة.

ثم جاء الدور على هدى التي ألمحت إلى والدها بأنها تريد أن تفعل مثل شقيقها وتلتحق بالفن، إلا أن الرد العنيف من الواد كان بتزويجها في سن 14 عامًا وأنجبت ابنتها في سن صغيرة، وحاولت إقناع زوجها بأن يساعدها في تحقيق حلمها بالعمل في الفن وهو ما رفضه الزوج، إلا أنها انفصلت عنه وتقدمت لاختبارات الإذاعة المصرية في العام 1949، ونجحت في تلك الاختبارات، ليجيء الرفض هذه المرة من شقيقها محمد فوزي، نتيجة خوفه الشديد عليها من مخاطر المهنة، وتوسط الكثير للصلح بينهما وبالفعل وافق فوزى بدخولها مجال الفن، ولكن شريطة أن تعمل في الإذاعة فقط، وعادت علاقة الرضا بين فوزى وهدى، وكانت أول أغنية لها "حبيبي مالقيتش مثاله سلطان على عرش جماله".

حتى جاءت الصدفة التي سببت الأزمة الأكبر بينهما، حينما أعلن المخرج نيازي مصطفي عن حاجته لمطربة ممثلة للعمل في فيلم "ست الحسن" ووقع الاختيار حينها على هدى سلطان ومن هنا بدأ مشوارها الفني الثري وحكت هدى سلطان في أحد البرامج التلفزيونية أن رد فعل محمد فوزي كان عنيفًا جدًا، وقالت: "تبرأ مني وهددني بالقتل وهدد كل من يتحدث أنني شقيقته بأنه سيطلق عليه الرصاص"، وخافت هدى من التهديد، ولم تمثل في الفيلم، وقررت بعد ذلك الزواج لتكسر حاجز العائلة، وتزوجت من المخرج والمنتج فؤاد الجزايرلي، ولكن انفصلت بعد مدة قصيرة، بسبب الغيرة، ثم تزوجت من فؤاد الأطرش شقيق فريد الأطرش وأسمهان، ولكن وقع الطلاق بسبب الغيرة أيضًا.

بالفعل استطاعت هدى الوقوف في وجه الأهل، وتخطي التحديات وتنفيذ حلمها، وصوّرت فيلم "ست الحسن" عام 1950 وحقق نجاحًا واسعًا، عادت العلاقة بينها ومحمد فوزى بعد علمها بأنه مريض قبل مرضه الخطير بفترة، فرغبت في الوجود بجانبه، فاتصلت بمديحة يسري زوجته وأخبرتها بأنها تريد رؤيته ولكنها تخاف من رد فعله فأقنعتها مديحة بالمجيء، وبالفعل ذهبت لزيارته، وفور وصولها فتح ذراعيه، وضمها في أحضانه قائلًا: وحشتيني أوي، هكذا انتهى الخلاف بينهما، وبعد ذلك أنتج فوزي لأخته فيلمًا هو "فتوات الحسينية"، من إخراج نيازي مصطفى، وقدّم لها العديد من الأغانى وأحبها إليها "لاموني"، وعندما اشتد المرض به، وأصابه الفيروس اللعين سافرت معه إلى نيويورك ولندن للاطمئنان عليه، إلى أن توفي في 20 أكتوبر 1966. حسبما نشر موقع "الدستور".

أما الفنانة مديحة يسري زوجة محمد فوزي فقد كانت الزوجة الثانية في حياة محمد فوزي، وقالت في أحد البرامج التلفزيونية، أنه كان يأتي إليها بعد مرور ساعتين على أي مشكلة تحدث بينهما ويطلب منها مرافقته للسينما: "لما كنت أقوله لا عشان زعلانة يقولي إيه ده مين مزعلك أقوله أنت، يقولي ياه ده إنتي قلبك أسود أوي ولكنها فوجئت بخيانته لها بعد ذلك".

وفى أحد الأعداد النادرة من مجلة الكواكب صدر عام 1954 كتبت هدى سلطان مقالاً تحكى فيه عن أكثر شخص ساعدها فى بداية حياتها الفنية فى معركتها لإقناع شقيقها فوزى للسماح لها بالغناء تحت عنوان " سلاح الدوشة".

وقالت هدى سلطان فى مقالها أن هذه القصة لا يعرفها أحد عن بداية مشوارها الفنى وعن أكثر شخص ساعدها لدخول المجال الفنى وأنها تسردها إعترافاً بفضل هذا الشخص.

وتابعت :" فى ليلة من ليالى رأس السنة جئت إلى القاهرة طامعة فى أن تتاح لى فرصة للغناء، بعد أن اكتشفت موهبتى فى مدينة طنطا وغنيت على نطاق ضيق فى الحفلات الخاصة"

وأشارت هدى سلطان إلى أنها جاءت إلى القاهرة يلاحقها وعيد الأسرة وعلى رأسها شقيقها محمد فوزى، حيث كان شديد الغيرة عليها وعلى شقيقتها هند علام.

وأوضحت:" دعتنى صديقة إلى حفلة تقيمها بمناسبة ليلة رأس السنة، وعندما ذهبت وجدتها تعطينى فستاناً رائعاً لارتدائه وقالت لى أنها تعد مفاجأة خصيصاً لى، وفوجئت بأنها دعت مجموعة من كبار الفنانين يتصدرهم الفنان الكبير فريد الأطرش، وطلبت منى الغناء أمامهم، مؤكدة أنها فرصة عمرى"

وأكدت الفنانة الكبيرة أنها ارتعدت وخافت ولكنها تمالكت أعصابها وغنت وكأنها منومة مغناطيسياً ، وفوجئت بتصفيق حار من كل الموجودين وكان أكثرهم حماساً الفنان فريد الأطرش، الذى طلب منها أن تقابله فى اليوم التالى بمكتبه ووعدها بأن يتيح لها الفرصة للغناء فى فيلم من أفلامه.

وقالت هدى سلطان أنها صعقت من هذا العرض فرحة بحماس فريد الاطرش لها، خوفاً من رد فعل شقيقها فوزى وباقى العائلة، وطلبت من فريد الأطرش أن يمهلها حتى تدبر أمرها، وفهم فريد الأطرش مخاوفها ووعدها بالتفاهم مع شقيقها فوزى.

وأشارت الفنانة الكبيرة إلى أن فريد الأطرش اتصل فى اليوم التالى بشقيقها محمد فوزى الذى ثار ثورة كبيرة، ورفض رفضاً قاطعاً أن يسمح لها بالغناء أو التمثيل أمام الكاميرا.

وأكدت هدى سلطان أن هذا الموقف ضايق فريد الاطرش وعدد من اهل الفن الذين تحمسوا لموهبتها، لكن فريد الاطرش اتبع طريقة غريبة ليتنازل فوزى عن رأيه.

وأضافت :" استخدم فريد الأطرش سلاح الرأى العام فألبه على فوزى، فصار لا يصبح ولا يمسى إلا على كلام المحيطين به عن موهبتى، وكانت هذه الطريقة التى اتبعها فريد الأطرش ليزلزل أعصاب شقيقى، الذى استدعانى يوماً ليعلن أنه رفع عنى الأحكام العرفية وسمح لى بالعمل فى الفن بعد أن اشترط على عدة شروط"

وأكدت هدى سلطان أنها تعاقدت على أول أفلامها ولكن شاءت الأقدار ألا يكون من أفلام فريد الأطرش الذى قطف غيره ثمرة جهده لإقناع فوزى بعمل شقيقته فى الفن.

وأشارت إلى فريد الأطرش قال لها ضاحكاً بعد أن ساعدها فى معركتها ضد شقيقها فوزى :" مش قلت لك إننا هنكسب المعركة علشان السلاح اللى استخدمته سلاح الدوشة والشوشرة ماينزل الأرض"

تعليقات القراء