حقائق لا تعرفها عن «إسماعيل ياسين»فى ذكرى رحيله


2015-05-24 21:27
نقلا عن : وشوشة
حقائق لا تعرفها عن "إسماعيل ياسين" فى ذكرى رحيله: لقن أحمد مظهر درسًا قاسيًا.. ورد بذكاء على سخرية أم كلثوم
كتب: أية محمد حسن
شهدت حياة نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين تقلبات كثيرة، ففي الوقت الذي كان يضحك فيه الملايين من الشعب العربي، كان يخفي وراء ابتسامته الشهيرة مأساة حقيقية عاشها في بداية حياته، حتى بعد وصوله لقمة النجومية، فقد انحدرت به الظروف مرة أخرى، ليتوفى محطما كسيرا بعدما انحصرت عنه الأضواء غير مهتمة بمشواره الفني.
النجم الملقب بـ"الضاحك الباكي" تمر اليوم ذكرى رحيله الـ 43، ورغم كل هذه السنوات إلا أنه لازال نجم نجوم الكوميديا بلا منازع ولازالت أفلامه في المقدمة.
"وشوشة" ترصد ملامح الراحل إسماعيل ياسين فى التقرير الآتي.
ولد “إسماعيل ياسين على نخلة” يوم 15 سبتمبر عام 1912م في محافظة السويس لأب صائغ ميسور الحال في شارع عباس، إلا أن وفاه والدته وهو لا يزال طفلاً صغيرًا وإفلاس والده لسوء إنفاقه ودخوله السجن بعد أن تراكمت عليه الديون جعله يقضي طفولة بائسة حيث اضطر للعمل مناديًا أمام محل لبيع الأقمشة لتحمل مسئولية نفسه خاصةً بعد أن هجر منزل والده خوفًا من بطش زوجة أبيه.
كان “إسماعيل ياسين” منذ صغره يعشق أغنيات الموسيقار “محمد عبد الوهاب” ويحلم أن يكون مطربًا منافسًا له، وعندما بلغ عامه السابع عشر اتجه إلى القاهرة وعمل صبيًا في أحد المقاهي بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية، ثم التحق بالعمل مع أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت، ولكنه لم يجد ما يكفيه من المال فتركها وعمل وكيلاً في مكتب أحد المحامين بحثاً عن لقمة العيش.
لما ظل حلم الغناء يراود “إسماعيل ياسين” فذهب إلى بديعة مصابني التي انضم إلى فرقتها للعمل كمونولوجست بعد أن اكتشفه المؤلف الكوميدي “أبو السعود الإبياري” شريك رحلة كفاحه الفنية الذي كون معه ثنائيا فنيًا شهيرًا، وكان شريكًا له في ملهى بديعة مصابني وفي السينما والمسرح.
تألق الفنان “إسماعيل ياسين” في فن المونولوج وظل عشر سنوات (1935- 1945) متألقًا في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة، كما اقتحم عالم التمثيل عام 1939م عندما اختاره “فؤاد الجزايرلى” للمشاركة في فيلم “خلف الحبايب”، ثم قدم مجموعة من الأفلام التي لعب فيها الدور الثاني من أشهرها “علي بابا والأربعين حرامي” و”نور الدين والبحارة الثلاثة” و”القلب له واحد”.
وفي عام 1945م جذبت موهبة “إسماعيل ياسين” انتباه الفنان “أنور وجدي” الذي استعان به في معظم أفلامه، ثم أنتج له عام 1949م أول بطولة مطلقة في فيلم “الناصح” أمام الوجه الجديد “ماجدة”، وعلى الرغم من أن إسماعيل ياسين كان لا يتمتع بالوسامة؛ إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير حتى أصبح نجمًا لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، فسعى المنتجون للتعاقد معه حيث بلغ عدد أفلامه 16 فيلمًا في العام الواحد وهو ما لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر، كما كان البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه.
أم كلثوم كانت في إحدى زياراتها للإسكندرية بصحبة أحمد رامي ورياض السنباطي، وهناك التقوا مصادفةً إسماعيل يس، في إحدى الصيدليات بمنطقة محطة الرمل، وبعد تبادل التحيات، لفت نظر أم كلثوم وقوفه بجوار الميزان الآلي، فسألته عن وزنه، وأجاب: «زي الفل 78 كيلو فقط لا غير»، وهنا اندهشت كوكب الشرق وقالت: «مش معقول.. لازم اتوزنت من غير بقك» فضحك الجميع بقوة، وهنا أصر إسماعيل على أن تزن نفسها هي الأخرى.
ورفضت أم كلثوم بعد تحذيرات رامي لها بأنه يتميز بسرعة البديهة وخفة الدم، وما من شك أنه يريد الانتقام منها في نفس اللحظة، وبعدما لاحظ نجم الكوميديا ترددها ثم رفضها، أجاب سريعًا: «أكيد سيبتي صوتك في مصر وخايفة توزني نفسك من غيره»، فلم يتمالك الجميع أنفسهم من الضحك وكانت هي أولهم.
كون الفنان الراحل ثلاثيًا من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية مع المؤلف “أبو السعود الإبياري” والمخرج “فطين عبد الوهاب”، وقدم أكثر من 482 فيلماً من أبرزها “إسماعيل يس في الجيش” و”إسماعيل يس في الأسطول” و”إسماعيل يس في مستشفى المجانين” و”ابن حميدو” و”العتبة الخضراء” و”الستات ما يعرفوش يكدبوا” و”ملك البترول” و”المجانين في نعيم”.
وكما يذكر المؤرخ الفني الدكتور محمد فتحي في أحد مقالاته أوعز الملك فاروق إلى أحد رجاله بدعوة إسماعيل إلى الاستراحة الملكية للتسرية عنهم وقال الملك لإسماعيل: “يلا يا إسماعيل سمِّعنا نكتة جديدة".
من فرط الارتباك بدأ إسماعيل النكتة قائلاً: مرة واحد مجنون زي جلالتك كده! فصرخ الملك: انت بتقول إيه؟ يا مجنون! أدرك إسماعيل الموقف فما كان منه إلا أن سقط متظاهراً بالإغماء، وغادر الملك غاضباً لمتابعة بقية الحفلة، وإن ظل بعض رجال الحرس حول إسماعيل، لينفذوا العقاب الذي سيأمر به جلالة الملك
يوسف رشاد- طبيب الملك الخاص- قال لتمرير الموقف إن إسماعيل مريض، تصيبه حالات من ضعف الذاكرة وفقد الإدراك، وهو في حاجة لأن يقضي فترة تحت الرقابة الطبية لمعالجة هذه الحالة، فأمر الملك بإيداعه “مستشفي الأمراض العصبية والنفسية
الصحف في اليوم التالي صدرت مشيدةً بالعطف الملكي الكريم علي إسماعيل ياسين، الذي عاوده مرض الصرع أثناء الحفل الخيري، فأمر الملك بعلاجه علي نفقته الخاصة.
وبعد عشرة أيام، غادر إسماعيل المستشفي لكن محنته مع الملك ظلت ذكرى أليمة، فكان يخشى أن يعاود التنكيل به وظل في هذا الوضع لمدة عامين إلى أن قامت ثورة 23 يوليو والتي غنى لها إسماعيل يس.
كما ساهم إسماعيل يس في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة عام 1954م تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني “أبو السعود الإبياري”، والتي ظلت تعمل على مدي 12 عاماً قدم من خلالها ما يزيد علي 50 مسرحية بشكل شبه يومي.
لكي يصبح الفنان ناجحًا عليه أن يتعلم دومًا ممن يحيطون به ويستوعب جيدًا الدروس التي يقابلها حتى وإن كانت قاسية، وهو ما اعترف به فارس السينما المصرية الفنان أحمد مظهر.
مظهر وخلال مشاركته في فيلم «العتبة الخضراء» مع نجم الكوميديا إسماعيل ياسين وصباح، أصرّ أثناء توقيع العقد على أن يكون اسمه في مقدمة الأفيش، ولم يبد ياسين اعتراضًا بل على العكس أظهر روحًا طيبة ووافق على هذا الشرط، فجاء اسمه ثالثًا بعد مظهر وصباح
وعند عرض الفيلم في دور السينما ذكر الفنان المصري أن إسماعيل سرق الأضواء من جميع طاقم العمل بحضوره وخفة ظله وأدائه الكوميدي، وأصبح بذلك البطل الحقيقي للفيلم وكل النجاح الذي حققه الفيلم يُنسب له «فالجمهور كان يذهب إلى السينما لمشاهدته هو، وظهوره على الشاشة كان يلغي تمامًا أي ممثل آخر إلى جواره
مظهر تعلم من ياسين درسًا قاسيًا وهو أن ترتيب الأسماء على الأفيش لا يعني شيئًا ولا قيمة له في الواقع «فالمهم هو ماذا نقدمه داخل الفيلم وقد علمني هذا الفنان الكبير هذا الدرس دون أن يتحدث مطلقًا معي بل كان متسامحًا إلى أقصى درجة
ولكن تعثر المشوار الفني للفنان “إسماعيل ياسين” في العقد الأخير من حياته نتيجة إصابته بمرض القلب، الأمر الذي أدى إلى ابتعاده عن الفن وانحساره عن الأضواء تدريجياً، كما تراكمت عليه الضرائب وأصبح مطارداً بالديون حتى تم الحجز علي العمارة التي بناها بكفاح عمرة ليخرج من رحلة كفاحه الطويلة خالي الوفاض، فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966م ثم سافر إلى لبنان وعمل مرة أخري كمطرب للمنولوج.
وعندما عاد إلى مصر محطماً كسيراً عمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل حتى وافته المنية يوم 24 مايو 1972م إثر أزمة قلبية حادة، قبل أن يستكمل دوره الأخير في فيلم بطولة “نور الشريف”، تاركاً على الرغم من زواجه 3 مرات ولداً وحيداً هو المخرج الراحل “ياسين إسماعيل ياسين” من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
تعليقات القراء