صحفي أمريكي عن صديقه سيد الزبال: الحياة في فياجرا «مضروبة» وبيرة «سلف»

اليوم الجديد

«هناك العديد من الأشياء التي لا تسير بشكل جيد في مصر، حركة المرور سيئة، رحلات القطارات يتم إلغائها، وفى الصيف ليس غريبًا أن يتم قطع الكهرباء 5 مرات فى اليوم الواحد»، يقول الصحفى الأمريكي بيتر هيسلر  في مقال له بمجلة "نيويوركر" الأمريكية الشهيرة عن تجربة العيش فى مصر مع زوجته وطفلتيه فى بداية 2012، يضيف: «منذ انتقلنا إلى شقتنا، وتم إعادة تدوير البلاد من خلال 3 دساتير، و3 رؤساء، وأربعة رؤساء وزراء، وأكثر من 700 عضو بالبرلمان».

عن طريق صداقة خاصة جمعت بين هيسلر و«سيد»، أحد «الزبالين» في الحي، والمسئول عن جمع قمامة البناية التى يسكن بها الصحفي الأمريكي بالدور الأرضي الملحق بحديقة صغيرة على كورنيش الزمالك، تعرف على مصر الحديثة.

يدعي هيلسر أنه لم يعرف عن مصر قدر ماكتشفه من خلال علاقته بسيد، بالرغم من بقائه لعدة سنوات بها، وقطع شوطا معقولا فى تعلم اللغة العربية.

حكايات الحباية الزرقا فى مصر

بدأت القصة عندما قصد سيد، الصحفي الأمريكي من أجل سؤاله إذا كان قد سافر إلى الصين من قبل، وعندما سأله هيسلر عن السبب، زاره ليلًا ومعه علبة دواء، طلب منه ترجمة النشرة الخاصة بها، ليتضح أنها منشطات جنسية مستوردة من الصين.

يروي هيسلر كيف كانت ترتسم علامات السعادة على وجه سيد، وهو يحدثه عن فائدة هذه الأدوية، وأخبره أنه وجد عدد من المنشطات الجنسية المصرية بالإضافة إلى مجلات جنسية  بالقمامة التى جمعها من منزل أحد السفراء، والذي توفى مؤخرًا.

مع الوقت أصبح هيسلر هو مستشار سيد فى أمور الأدوية الجنسية والكحوليات، والتى يحتاج إنجليزيته لترجمة أسمائها، وبذلك يتعرف على الأنواع الغالية التى يجمعها من قمامة سكان الزمالك.

«اللون الأزرق يلفت انتباهه ويسعده، كان يأتي لي بمجموعة مختلفة من الأدوية التى يجمعها من القمامة.. فى مرة جاء لي بنصف علبة لدواء يسمى Aerius والذي اتضح أنه للحساسية، ولكن له نفس لون حبة الفياجرا».

يضيف هيسلر: «سيد كان مسلم، ولكن ليس ملتزمًا بشكل كبير، أحيانا كان يمر بي ليلًا ويطلب زجاجة من البيرة.. كان الضيف الوحيد الذي يأخذ معه كل ما يقوم باستعماله لأنه يعرف أن عليه أن يجمعه في القمامة صباحًا".

أرني قمامتك أقل لك من أنت

فى رحلة من نوع خاص، صاحب هيسلر سيد فى جولته اليومية لجمع القمامة عن طريق السلالم الخلفية للمباني. كان سيد يُعرفه على سكان البيت قبل أن يبدأ فى فرز صندوق القمامة الخاص بهم، والذي يتنبأ دائما بمحتواه قبل ان يقلبه ليثبت له صدق ما يقوله.

«هذا الصندوق لقسيس، الأب مايكل، هو بخيل جدًا, يعطيني 5 جنيهات فقط كل شهر» يقول سيد.

ويضيف: «يقول إن ليس لديه أي مال، ولكن انظر لديه كيسين كبيرين من القمامة فأنا أرى كل علب وأكياس الهدايا التي يتلاقها باستمرار، الناس يعطونه كل شئ لأنه قسيس».

يمر سيد على شقة أخرى ليخبر هيسلر أنها لسيدة لديها مشاكل مع إدمان الكحوليات، وفتح كيس القمامة ليريه عدد زجاجات الويسكي والنبيذ الفارغة.

وبالجهة الأخرى من الشارع يقدم سيد زبالة «أستاذ حسن» للصحفى الأمريكي ويخبره بأنه مريض، يفتح بعدها قمامته ليريه عدد السرنجات فى الكيس، ويوضح: «يأخذ حقنة صباحًا وأخرى مساءً يوميًا».

النساء.. المال.. والزبالة

يقول هيسلر: «حياة سيد تتمركز حول 3 أشياء: النساء، المال، والقمامة»

كانت النساء السبب الرئيسي الذي جعل من سيد يعمل بجمع القمامة.

يحكي سيد قصته فيقول إن والده كان يحب النساء، وتزوج 10 مرات، من بينهم سيدة مسيحية، وأنجب عددًا لا يعرفه أحد من الأبناء، وفى السادسة من عمره توفى والده، وفى سن الـ11 بدأ سيد العمل كمساعد زبال.

أما عن زوجة سيد، وهيبة، فشكلت أزمة جديدة فى حياته بعد أن زادت حدة الخلافات لتطلب الطلاق، ويصاحب هيسلر صديقه الزبال لمحكمة الأسرة، ويقرأ لسيد الرسائل النصية التى قامت وهيبة بإرسالها مهددة ومتوعدة.

يقول هيسلر: «وهيبة كانت جميلة بشكل مفاجئ: بشرة صافية وعيون زرقاء، ولكنني لم أرها غير مرة واحدة، عندما ذهبت أنا وزوجتي لتهنئتهم بالمولودة الجديدة، بعدها ارتدت وهيبة النقاب طول الوقت، وفى المحكمة كانت ترتدي جوانتي يغطي يدييها».

الختان

كان هيسلر يجلس مع سيد بحديقة منزله، عندما أشار إلى بناته الاثنتين وسأله إذا  ينوي ختانهن، أجاب هيسلر بالنفي، وسأل سيد  إذا ما كان يخطط ذلك لطفلته التى أنجبها مؤخرًا، فقال: «بالطبع وإلا ستجن النساء بحثا عن ذكر»، مؤكدًا أن الفتاة التى لا يتم ختانها تخرج فى الشوارع باحثة على رجل لإقامة علاقة جنسية معه.

يقول هيسلر: «في مصر، الرغبة قاصرة فقط على الرجل»، مؤكدًا أن كل من قابله أثناء إقامته بالزمالك يتناول العقاقير الجنسية والترامادول، كلما انتوى إقامة علاقة جنسية.

أنفلونزا الخنازير وأزمة الزبالين

يتطرق هنسلر لأزمة إعادة تدوير الزبالة فى مصر مع انتشار الخوف من انفلونزا الخنازير فى 2009 اثناء حكم مبارك،والذي جعل الحكومة تقوم بإعدام جميع الخنازير والتى يستخدمها الزبالين فى عملية إعادة التدوير .

لم يكن هناك دليل ان الخنازير تقوم بنشر المرض ولكن هناك من يرجع القرار لإرضاء الإسلاميين والذين يكرهون الخنازير اكثر من كرهم لمبارك وحكومته.

يقول هنسلر أن النزاع الذي بدأته الحكومة مع الزبالين بسبب الخنازير كان واحد من اسباب الغضب التى ادت لثورة يناير.

تعليقات القراء