بعد «سرت والجفرة».. خطاً أحمر آخر بالمتوسط.. ما هي مكاسب مصر من اتفاق ترسيم الحدود مع اليونان؟ وكيف تحركت أنقرة!

الموجز

قبل ثلاثة أيام وتحديدًا في 6 أغسطس الجاري، وقَّعت كل من مصر واليونان اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وذلك خلال زيارة لوزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، حيث يأتي على خلفية التفاهم بين البلدين والتنسيق المستمر في عدة ملفات منذ تأسيس منتدى غاز شرق البحر المتوسط.

بعد أن حددت مصر في يونيو الماضي منطقة سرت الجفرة في ليبيا كخط أحمر يحظر على فصائل حكومة الوفاق والميليشيات الموالية لتركيا في ليبيا تجاوزه، وإلا يعتبر تهديداً مباشر لمصر يستوجب التدخل، رسمت مصر واليونان خطاً آخر لتركيا، لكن هذه المرة في البحر المتوسط.

فقبل يومين وقعت مصر واليونان اتفاقية تعيين الحدود البحرية، بينهما في المتوسط، وهو اتفاق كشفت خريطة أرسلتها الخارجية المصرية لوكالة "رويترز " قطعه للخط بين تركيا وليبيا، بما يعني فعليا إبطال الاتفاق الموقع بين حكومة فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ورصد موقع «الوطن» مدى الاستفادة من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، من الجانب الاقتصادي والسياسي:

مكاسب اقتصادية واسعة ومميزات

على الجانب الاقتصادي، تتمكن مصر بموجب هذا الترسيم من التنقيب عن النفط والغاز في المناطق الاقتصادية الشمالية الغربية الواقعة على الحدود البحرية مع تلك الخاصة باليونان، كما أنه بموجب هذه الاتفاقية ستجني مصر مكاسب اقتصادية واسعة، إذ سيكون من حقها التنقيب غرب حقل ظهر والحقول الصغيرة التي بجواره بشكل قانوني، مما يحسم احتماليات الصراع حول الطاقة والغاز الطبيعي في شرق المتوسط.

وبموجب الاتفاقية، ستحصد مصر مميزات جديدة من جانب الاتحاد الأوروبي، كتسهيل الفيزات المفتوحة وتخفيض الجمارك وزيادة حجم الاستثمارات، وتفتح الاتفاقية الباب لاكتشافات جديدة.

ومن المتوقع أن تفتح الاتفاقية آفاقًا لاكتشافات جديدة وتفتح الباب لطرح مزايدات جديدة من شركات الطاقة العالمية للتنقيب، ومد أنابيب الغاز تجاه أوروبا مما يمهد لمصر أن تكون مركز طاقة إقليمياً.

فوز سياسي يقطع الطريق على أطماع تركيا في المتوسط

وعلى الصعيد السياسي، حققت مصر فوزًا سياسيًا يحسب لها بعدما أعلنت الخميس الماضي عن التوقيع عن الاتفاقية، حيث أثبتت فعليًا على الأرض أنها لا تقبل التفريط في مقدرات شعبها عبر احترام القانون الدولي في الوقت الذي تشهد المنطقة فيه العديد من الاضطرابات بين أطراف أجنبية عدة.

وبناء على الاتفافية، يحق لمصر ممارسة استغلال ثرواتها من الناحية الشمالية الغربية، وبالتالي يمكن لمصر واليونان أن تمارسا سيادتهما على حدودهما بشكل مطلق بعد إيداع اتفاقية الترسيم في منظمة الأمم المتحدة.

وعلى صعيد الأمن القومي، فإن الاتفاق يقطع الطريق على الأطماع الاقتصادية لتركيا في غاز المتوسط ويحرمها من ادعاءاتها بامتلاك حقوق في المنطقة، فبموجب هذه المزاعم كانت أنقرة تريد السيطرة حتى على عملية تصدير الغاز من دول منتدى غاز المتوسط إلى أوروبا.


وتعزز الاتفاقية العلاقة الثنائية والتوافق بين القاهرة وأثينا في مجالات عدة، خصوصًا مواجهة التعدي التركي على مياه البحر المتوسط، حيث إنه بموجب الاتفاقية ستتصدى البلدان للتحركات غير المشروعة لتركيا في مياه المتوسط وتفتح الطريق أمام مرحلة جديدة في التعاون الثنائي والإقليمي للاستفادة من ثروات شرق المتوسط من جانب ومواجهة الإرهاب من جانب آخر.
واستنفر هذا الاتفاق أنقرة، فاعتبرت الخارجية التركية أن المنطقة التي شملها الاتفاق بين اليونان ومصر تقع في نطاق الجرف القاري التركي.

كما اعتبرت هذا الاتفاق المصري اليوناني لاغياً وباطلاً لانتهاكه الحقوق البحرية الليبية.

فما هي تلك الاتفاقية التي أثارت حفيظة أنقرة؟

لتفسير أسباب الغضب التركي، أوضح وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال لـ "العربية.نت" أن الحدود البحرية يتم ترسيمها وفقاً لمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والموقعة من كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، حيث يوجد ما يسمى بالمياه الإقليمية وما يسمى بالمياه الاقتصادية، وتبدأ المياه الإقليمية من نقطة التقاء اليابسة بالمياه عند الشاطىء، وبعمق 12 ميلاً، أما المياه الاقتصادية فتبدأ من نفس النقطة وتمتد في البحر 200 ميل إذا كانت المسافة بين الدولة والجار تزيد عن 400 ميل، أما إذا كانت أقل من 400 ميل فيتم ترسيمها بالاتفاق مع الدول المجاورة بطريقة متناسبة ومتساوية ولا يجوز البحث عن الثروات البحرية في تلك المناطق، إلا بعد التوافق حول أسلوب استغلال تلك الثروات بالإنصاف مع الدول المتلاصقة والمتقابلة معا، كما هي حالة مصر واليونان المتلاصقة معا في الحدود البحرية. حسبما نشر موقع "العربية".

إلى ذلك، أشار إلى أن الدول التي تمارس حقوقا على مناطقها الاقتصادية تصدر نشرات بحرية تلتقطها أجهزة الراديو على السفن الملاحية المارة، تحدد فيها إمكانية المرور من عدمه، حيث يمكن أن تقوم الدولة التي تمارس حقوقا على المناطق الاقتصادية بأعمال تنقيب أو بحث أو مسح سيزمي ، أو أعمال عسكرية، وبالتالي يمكن أن تصطدم السفن المارة بها، فتحدث مشكلة.

وأضاف أن ترسيم الحدود يحدد لكل دولة مناطقها الاقتصادية التي تمارس عليها من البحث عن الثروات أو عمل مسح سيزمي.

كما لفت إلى أنه بناء على تلك الاتفاقية الموقعة، الخميس، يمكن لمصر واليونان القيام بكل عمليات البحث والتنقيب كل في منطقته الخالصة، دون مشاكل، ويمكن أن تقوم شركات التنقيب العالمية بضخ استثمارات في تلك المناطق بعد أن اكتسبت الصفة القانونية، وثبت خضوعها للدولة صاحبة الحق في البحث والتنقيب عن الثروات، وهو ما ليس حقا لتركيا.

مداخل لتركيا باتجاه ليبيا

من جانبه، قال السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ "العربية.نت" إنه بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان وبعد اتفاق ترسيم الحدود بين اليونان وإيطاليا، لم يعد لتركيا أي مدخل باتجاه ليبيا يمكن أن يتوافق مع قواعد القانون الدولي، مضيفا أن سكرتير عام الأمم المتحدة رفض إيداع الاتفاق البحري الذي أبرمته تركيا مع حكومة السراج في ليبيا ولم يعتمده البرلمان الشرعي الليبي.

كما كشف أن تركيا وإسرائيل لم توقعا على الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وبالتالي لا يمكنهما استغلال أي ثروات طبيعية في المناطق الاقتصادية بالبحر المتوسط التي تخص دولاً أخرى، وسيعد أي تدخل منهما بمثابة اعتداء على القانون الدولي، وافتئاتا على الاتفاقيات القانونية الموقعة بين الدول المتشاطئة على البحر المتوسط سواء كانت بين مصر وقبرص أو قبرص واليونان أو اليونان وإيطاليا، والآن بين مصر واليونان.

وأكد أنه ليس لتركيا أي حق في مزاعمها بوجود حدود بحرية لها مع ليبيا بناء على كل الاتفاقيات.

تعليقات القراء