بعد تصريحات إثيوبيا المستفزة.. مصر تُصعد أزمة سد النهضة لمجلس الأمن.. وتحذير شديد اللهجة من السودان.. والسيسي يوجه رسالة حاسمة

كتب: ضياء السقا

وصلت مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الجانب الإثيوبي وإصراره على عدم التوقيع على اتفاقية عادلة تراعي مصالح الدول الثلاث، الأمر الذي دفع الخارجية المصرية إلى تصعيد الموقف إلى مجلس الأمن الدولي، لمناقشة الملف، فيما وجه الرئيس السيسي رسالة هامة إلى أديس أبابا، مؤكدا حرص القاهرة على سلك المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته.

استفزاز إثيوبي

وواصلت إثيوبيا تصريحاتها المستفزة، حيث قال وزير الخارجية الإثيوبية غيدو أندارغاشيو، إن بلاده ليست ملزمة بالتوصل إلى اتفاق قبل ملء سد النهضة.

وأضاف، حسب تصريحات عرضتها فضائية "العربية"، الجمعة: "ملتزمون بالجدول الزمني لملء سد النهضة مهما كانت العواقب، ولن نتوسل مصر والسودان للسماح لنا باستغلال مواردنا المائية".

تصريحات الخارجية الإثيوبية أثارت غضب نظيرتها المصرية، مما دفعها للتقدم بطلب إلى مجلس الأمن للتدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وأثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي.

مصر تصعد الأزمة لمجلس الأمن

وفي سياق متصل، أعلنت، الخارجية المصرية، الجمعة، إنها تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة حول سد النهضة الأثيوبي تدعو فيه المجلس إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وأثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق. وقد استند خطاب مصر إلى مجلس الأمن إلى المادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين. 

ووبحسب بيان للخارجية، اتخذت مصر هذا القرار على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت مؤخراً حول سد النهضة نتيجة للمواقف الأثيوبية غير الإيجابية والتي تأتي في إطار النهج المستمر في هذا الصدد على مدار عقد من المفاوضات المضنية، مروراً بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية وكذلك المفاوضات التي عقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة ومشاركة البنك الدولي والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث والذي قوبل بالرفض من أثيوبيا، ووصولاً إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها مشكوراً السودان الشقيق وبذل خلالها جهوداً مقدرة من أجل التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح كافة الأطراف، إلا أن كافة تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى أثيوبيا، وإصرارها على المضي في ملء سد النهضة بشكل أحادي بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في ٢٣ مارس ٢٠١٥ والذي ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويلزم أثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب.

وتؤكد مصر مجدداً على حرصها على التوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث ولا يفتئت على أي منها، وهو ما دعا مصر للانخراط في جولات المفاوضات المتعاقبة بحسن نية وبإرادة سياسية مُخلِصة. ومن هذا المنطلق، ونظراً لما تمثله مياه النيل من قضية وجودية لشعب مصر، فقد طالبت مصر مجلس الأمن بالتدخل وتحمل مسئولياته لتجنب أي شكل من أشكال التوتر وحفظ السلم والأمن الدوليين.

وزير الخارجية يكشف أسباب إحالة الملف إلى مجلس الأمن

من جانبه، أكد وزير الخارجية سامح شكري أن مصر تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي، وذلك وفقاً للمادة 35 والتي تتيح للأعضاء إحاطة المجلس وتنبيهه إلى قضايا تمس الأمن والسلم الدوليين، وذلك بعد تعثر المفاوضات الأخيرة والتي دعت إليها السودان.

وقال شكري، في مداخلة هاتفية ببرنامج "الحكاية" الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب والمذاع على فضائية "إم بي سي مصر" مساء أمس الجمعة، إنه "للأسف المفاوضات التي دعت إليها السودان لم تأت بأي ثمار نظراً لعدم وجود إرادة سياسية من الجانب الإثيوبي للوصول إلى تفاهم وتراجع الكثير من القضايا التي تمت مناقشتها عبر جولات عديدة من المفاوضات."

وتوجه شكري بالتحية والتقدير لدولة السودان بعد المجهودات والمساعي التي بذلتها بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وأكد شكري أن مصر لا تسعى إلى أي تصعيد أو توتر، موضحاً أنها تسعى إلي حلول تخدم مصالح الدول الثلاث، مشدداً على أن مصر والسودان وإثيوبيا عليهم العمل بشكل تعاوني تستفيد منه شعوب الدول الثلاث.

وأضاف أن دول العضوية في مجلس الأمن هي دول مؤثرة وقراراتها ملزمة، مؤكداً أن الهدف هو البعد عن أي تصعيد، بخلاف ما تحدث عنه وزير الخارجية الأثيوبي، مشيراً إلى أن هذه هي المسئولية الملقاة على مجلس الأمن، الذي عليه أن يحسم ذلك بجدية، مشيرا إلى أن تصريحات وزير الخارجية الأثيوبي غير لائقة واتهاماته لمصر غير مقبولة.

وعن تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي، قال سامح شكري إنها "غير لائقة وغير مقبولة."

وأكد أن مصر لا تسعى إلى أي تصعيد أو توتر، موضحاً أنها تسعى إلي حلول تخدم مصالح الدول الثلاث، مشدداً على أن مصر والسودان وإثيوبيا عليهم العمل بشكل تعاوني تستفيد منه شعوب الدول الثلاث.

وأشار شكري إلى أن مصر أكدت مراراً وتكراراً استعدادها للتوصل إلى اتفاق، وأن على المجتمع الدولي أن يشجع الدول ويطالبها، وأن قرارات مجلس الأمن يجب أن تحترم، وأن خرقها يؤدي إلى تصعيد الإجراءات من المجتمع الدولي ضد الدول التي تخرق تلك القرارات، مؤكداً أن مصر بذلت مجهوداً كبيراً ومرونة في المفاوضات.

السيسي يوجه رسالة حاسمة لـ«أثيوبيا» 

من جانبه، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر وإثيوبيا يحتاجان للتحرك بقوة لإنهاء ملف مفاوضات سد النهضة.

وأضاف السيسي في كلمة له، السبت، أثناء تفقده المنطقة العسكرية الغربية، إن مصر حرصت على مدار السنوات الماضية على التعامل مع مسألة سد النهضة من خلال التفاوض، مؤكدا أننا ما زلنا نتحرك في هذا الاتجاه.

وأوضح أنه "عندما اتجهت مصر إلى مجلس الأمن بشأن سد النهضة لإعطاءه هذا الملف هو الحرص على أن نسلك المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته".

وأشار إلى أنه وجه حديثه إلى الشعب الإثيوبي منذ 5 سنوات، مؤكدا أنه يقدر تحقيق التنمية في إثيوبيا وأيضا يجب أن تقدر إثيوبيا الحياة في مصر، مع وضع أساس لا ضرر ولا ضرار لأي دولة.

وطالب الرئيس أن تصل رسالته السابقة إلى الشعب الإثيوبي والقيادة الإثيوبية، لافتا إلى أن هناك تحرك من أجل إنهاء المفاوضات والوصول إلى حل لإبراز إمكانياتنا كدول عاقلة رشيدة للوصول إلى حلول بشأن سد النهضة.

السودان يحذر من أي تحرك أحادي 

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن جولات التفاوض الأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي، حققت "تقدمًا ملموسًا في القضايا الفنية مما عزز من القناعة بأهمية تمسك الدول الثلاث بخيار التفاوض كأفضل وسيلة للتوصل لاتفاق شامل ومرض.

وقالت وزيرة الخارجية السودانية، أسماء محمد عبدالله، في بيان لها السبت، إن الخلاف لا يزال قائمًا بشأن بعض القضايا القانونية الجوهرية، مما حتم إحالة الملف إلى رؤساء الوزراء في الدول الثلاث بهدف التوصل إلى توافق سياسي يفضي إلى استئناف التفاوض في أسرع وقت ممكن.  

وأكدت الوزيرة على "رفض السودان القاطع لأي تحرك أحادي من شأنه إلحاق الضرر بالسودان، بالبدء في عملية ملء السد دون التوصل إلى اتفاق"، خاصة فيما يتعلق بسلامة وتشغيل سد النهضة.

وشددت على ضرورة التزام كافة الأطراف بالتفاوض بحسن نية ومراعاة قواعد القانون الدولي ذات الصلة وتغليب روح التعاون المحقق لمصالح شعوب الدول الثلاث.

وأكدت أسماء محمد عبدالله استمرار السودان "في بذل كل الجهود في إطار مبادرته المطروحة حاليًا والهادفة إلى استمرار التفاوض والحوار كأفضل وسيلة لتحقيق مصالح الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن."

وأعربت عن تقديرها لمشاركة المراقبين، جنوب أفريقيا (رئيس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية) والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، في كافة جولات التفاوض الأخيرة، معربة عن التطلع لدور أكثر فاعلية في تقريب وجهات النظر ودفع جهود التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة.

وأضافت الوزيرة السودانية أن بلادها حريصة على حماية وتأمين مصالحه القومية، ملتزمة في ذلك بمبادئ القانون الدولي وتغليب لغتي التعاون والحوار.

الأمن القومي الأمريكى يتدخل

وكان مجلس الأمن القومي الأمريكى، قد وجه رسالة للقيادة الأثيوبية بضرورة إبرام صفقة عادلة مع دول المصب المتضررة من بناء سد النهضة، قبل الملئ.

وكتبت الصفحة الرسمية لمجلس الأمن القومي على تويتر، "257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على اثيوبيا في إظهار قيادتها القوية لإبرام صفقة عادلة، حان الوقت لإنجاز الصفقة قبل ملئها للسد من نهر النيل".

ويتركز الخلاف بين الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل السد الذي يتكلف أربعة مليارات دولار ويجري تشييده قرب حدود إثيوبيا مع السودان على النيل الأزرق الذي يصب في نهر النيل.

تعليقات القراء