«سلة غذاء فلسطين وغنية بالموارد المائية».. لماذا سيُهدي ترامب «غور الأردن» لإسرائيل في خطة السلام؟

الموجز 

اقترحت الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب أمس الثلاثاء، ضم غور الأردن إلى إسرائيل.

وتعد غور الأردن منطقة استراتيجية وتقع بين نطاقين صحراوين وحيوية لأمن إسرائيل، فضلاً عن تمتعها بسهولاً زراعية غنية بمواردها المائية.

وغور الأردن عبارة عن قطاع ضيق إستراتيجي يمثّل نحو 30% من مساحة لضفة الغربية المحتلة على طول الحدود مع الأردن.

وإذا ضمت إسرائيل تلك المنطقة، سيصير هذا السهل الحدود الشرقية للدولة العبرية، بما يزيد من المناطق الحدودية مع دولة الأردن التي وقّعت معها تل أبيب اتفاقية سلام في 1994.

وبالرغم من اتفاق السلام، إلا أن منطقة غور الأردن ستكون من منظور إسرائيل منطقة عازلة قليلة السكان في حال تعرضت إسرائيل لهجمات برية.

وفي سبتمبر من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تعهده بتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إذا أعيد انتخابه في انتخابات 17 سبتمبر.

وأثارت تصريحات نتنياهو ردود فعل عربية وعالمية منددة بها، حيث اعتبرها البعض بأنها استفزاز صريح وخطير وعدواني، فيما أكد البعض الآخر بأنها تتعارض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية وتقوض جهود السلام الدولية.

سيطرة إسرائيلية

وبحسب إحصائيات الحكومة الإسرائيلية ومنظمات غير حكومية، فإن نحو 10 آلاف من أصل 400 ألف من مستوطني الضفة الغربية المحتلة يعيشون ضمن غور الأردن.

وبحسب منظمة "بتسليم" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، فإن المنطقة يعيش بها نحو 65 ألف فلسطيني، بما في ذلك 20 ألف من سكان أريحا.

ومن وجهة نظر القانون الدولي، فإن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية يعد أمراً "غير شرعياً".

إلا أن الولايات المتحدة غيّرت موقفها تجاه هذا الملف الحساس في نوفمبر من العام الماضي، حيث اعتبرت أن تلك المستوطنات "لا تتعارض مع القانون الدولي".

وبحسب اتفاقيات "أوسلو"، التي تحدد منذ منتصف التسعينيات العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فإن إسرائيل تبسط سيطرتها بالفعل على جزء كبير من غور الأردن لوقوعه ضمن المنطقة "ج" في الضفة الغربية، والتي تمثّل نحو 60% من مساحة الضفة.

ومؤخراً، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي نفتالي بينت أن كل المنطقة "ج" إسرائيلية، وليس غور الأردن فقط.

غور الأردن

وغور الأردن، أو وادي الأردن، يقع على الحدود الأردنية الفلسطينية ويتمتع بإمكانيات اقتصادية عالية، وهو سهل خصيب تبلغ مساحته حوالي 400 كيلومتر مربع، ويقع على امتداد نهر الأردن، ويتراوح مستواه بين 200 وأكثر من 400م تحت سطح البحر، ليصل إلى البحر الميت.

ويشكل غور الأردن مع البحر الميت ووادي عربة أخدود وادي الأردن والذي يشكل بدوره جزءا من صدع البحر الميت والوادي المتصدع الكبير. وتمر عبر غور الأردن المنطقة الحدودية الفاصلة بين المملكة الأردنية الهاشمية على الضفة الشرقية لنهر الأردن من ناحية والضفة الغربية المحتلة وإسرائيل من ناحية أخرى.

ويتميز مناخ غور الأردن بأنه أدفأ بدرجات من الأراضي المحيطة به، ويعد من أخصب الأراضي الزراعية، حيث يوصف بأنه "سلة خضار الأردن"، ويسمي قاطنو غور الأردن منطقتهم بـ "سلة غذاء" دولة فلسطين المستقبلية.

ويتميز غور الأردن بوجود العديد من مقامات الصحابة، منهم أبو عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل وغيرهم من الصحابة والتابعين والذي أصبحت مقاماتهم مقصدا للسياحة الدينية. كما أن من أشهر معالم غور الأردن البحر الميت حيث تمت إقامة العديد من الفنادق التي تستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم.

وبحسب منظمة "بتسليم"، فإن 56% من السهل تقتصر على الاستخدام العسكري، ولا يمكن للفلسطينيين الوصول إلى 85% من أراضيه.

وبحسب أرقام الاتحاد الأوروبي، فإنّ غالبية عمليات الهدم التي قامت بها إسرائيل منذ 2009 كانت في غور الأردن (هدم 2,403 مبان لفلسطينيين).

ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية عام 1967، اتخذت إسرائيل سياسة منظمة لطرد المواطنين الفلسطينيين بالقوة من غور الأردن، حيث دمرت منازلهم وقراهم ومزارعهم بهدف إنشاء مستوطنات مكانها.

وأمس الثلاثاء، أعلن ترامب عن الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خلال مؤتمر صحفي عقده رفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن.

وقال ترامب إنه سيعمل مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني "لضمان بقاء الوضع الراهن ووصل المصلين إلى المسجد الأقصى.

الأردن يعقب على الخطة الأمريكية

علّقت المملكة الأردنية الهاشمية، عبر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، على خطة السلام الأمريكية التي طرحها ترامب أمس الثلاثاء لتسوية القضية الفلسطينية.

وقال الصفدي، في بيان له أمس، إن الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط يمر عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب إسرائيل، وفق حل الدولتين.

وأكد الصفدي أن "حل الدولتين الذي يلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وخصوصا حقه في الحرية والدولة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق المرجعيات المعتمدة وقرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم".

وأضاف أن المواقف الثابتة للمملكة إزاء القضية الفلسطينية والمصالح الوطنية الأردنية العليا "هي التي تحكم تعامل الحكومة مع كل المبادرات والطروحات المستهدفة حلها".

وحذر وزير الخارجية الأردني من "التبعات الخطيرة لأي إجراءات أحادية إسرائيلية تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض، مثل ضم الأراضي وتوسعة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وانتهاك المقدسات في القدس"، مشددا على إدانة الأردن لهذه الإجراءات.

وأكد وزير الخارجية أن المملكة ستستمر "بتكريس كل إمكاناتها لحماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم وحماية هويتها العربية الإسلامية والمسيحية".

وأضاف إن الأردن "يدعم كل جهد حقيقي يستهدف تحقيق السلام العادل والشامل الذي تقبله الشعوب، ويؤكد ضرورة إطلاق مفاوضات جادة ومباشرة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، في إطار حل شامل هو ضرورة لاستقرار المنطقة وأمنها، وفق المرجعيات المعتمدة ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية".

تعليقات القراء