بعد رحيل السلطان قابوس.. هل يمكن أن تظل الدبلوماسية الهادئة لسلطنة عمان على قيد الحياة؟

الموجز - شريف الجنيدي 

مع بداية فترة تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة البلاد، واجه سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد موقفاً عصيباً، حيث تقاتل المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على مداخل بلاده في اليمن، وإسرائيل تهاجم حلفاؤه الفلسطينيين، بالإضافة إلى تخلي واشنطن وبنسبة كبيرة عن دبلوماسيتها في الشرق الأوسط.

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير لها، أنه وبدلاً من البحث عن ملجأ في تحالف دول الخليج، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، قرر السلطان الراحل القيام بشيء مختلف تماماً، حيث قام بدعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى قصره في العاصمة مسقط، فضلاً عن ترحيبه بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز الموساد يوسي كوهين.

وتقول الصحيفة إن استضافة أي من قادة إسرائيل أو إيران، في أي دولة عربية أخرى، يعد أمر غير مقبول، مضيفة أن تلك الاستضافة بالنسبة للسلطان قابوس، الذي توفي في العاشر من يناير الجاري، كانت مجرد وسيلة لتعزيز مكانة سلطنة عُمان باعتبارها قادرة على توفيق مصالح المنطقة.

وأشارت إلى أن وعلى الرغم من أنه ظل مجهولاً خارج الدوائر الدبلوماسية، إلا أن السلطان قابوس بن سعيد كان، طوال معظم حياته المهنية، ركيزة أساسية لا غنى عنها للنظام الدولي خاصة في السنوات الأخيرة.

وأضافت الصحيفة أن أعظم ثمار دبلوماسية السلطان قابوس كانت التقارب الذي ساعده في الهندسة بين إيران والولايات المتحدة.

وتابعت أن تلك الجهود بدأت في عام 2009، بعد أشهر قليلة من تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، موضحة أن مبعوثاً عمانياً عرض فتح قناة تواصل مع إيران، وبعد فترة وجيزة، تفاوضت عُمان على إطلاق سراح 3 أمريكيين معتقلين في إيران.

وفي عام 2012، بدأ كبار المسئولين في وزارة الخارجية الأمريكية يجتمعون سراً مع نظرائهم الإيرانيين في مسقط لوضع الأسس لاتفاق نووي في نهاية المطاف.

وأضافت الصحيفة أنه وبعد انتخاب حسن روحاني رئيسًا لإيران في عام 2013، قام السلطان قابوس بزيارة إلى إيران، ليكون أول زعيم دولة يستدعيه روحاني، كما التقى بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.

وبحلول نهاية عام 2013، أصبحت عمان قادرة على الحصول على دعم إيراني رفيع المستوى للمفاوضات التي مهدت الطريق لاتفاق مؤقت بين طهران وواشنطن وحلفائها.

بالنسبة إلى قابوس، لم يكن هناك تناقض في إيجاد أرضية مشتركة مع كل من قادة إسرائيل وأعدائهم في إيران أو فلسطين.

وقالت الصحيفة إن وفاة السلطان قابوس تعد أكثر من مجرد رحيل أحد من أكثر الزعماء مرونة في المنطقة، مشيرة إلى أن رحيله يمثّل رحيل هذا النوع من الدبلوماسية التي وصفتها بـ "الهادئة"، والتي ظلت سنوات عديدة تساعد في تسوية أكثر الخلافات تعقيداً ونزع بعض أكثر الصراعات صعوبة في تلك المنطقة.وأكدت أن السلطان قابوس كان له شخصية مؤثرة أثارت إعجاب أجيال عديدة من السياسيين ورجال الدولة في الغرب والشرق الأوسط على حد سواء.

ووصفت الصحيفة الإنجازات التي حققها السلطان قابوس منذ توليه منصبه قبل نحو 50 عاماً بـ "غير المتوقعة"، موضحة أن السلطنة آنذاك كانت دولة فقيرة ولم تكن فيها طرق معبّدة وكانت غارقة في الأمية في الوقت الذي كانت عمان تعاني من ثورة في الجنوب تهدد وحدتها وسيادتها.

تعليقات القراء