بعد تصريحات أردوغان.. كيف وضعت تركيا أيديها على نفط الصومال؟.. توغل تركي منذ سنوات والأزمات العربية كلمة السر

الموجز - شريف الجنيدي 

يبدو أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن دعوة الصومال لأنقرة بالتنقيب عن النفط والغاز ليست صادمة بعد سعيه وراء النفط في ليبيا، من خلال دعم حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وأعلن أردوغان، الإثنين الماضي، أن الصومال دعت بلاده "للتنقيب عن النفط في مياهه الإقليمية".

ونقلت وسائل إعلامية تركية عن أردوغان قوله إن الحكومة الصومالية طالبت تركيا بالتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية الصومالية، دون أن يكشف أي تفاصيل أخرى.

وعلّق المحللون السياسون على تصريحات أردوغان الأخيرة بالقول إنه يسعى للتوغل في المياه الإقليمية الصومالية، لتعويض خسائره من الخروج من اتفاقات الغاز بشرق المتوسط.

وذكرت تقارير صحفية أن هناك مخزون هائل من النفط والغاز في المياه الإقليمية للصومال، لكن كيف يمكن لتركيا الاستحواذ عليه؟ وما هي الخطوات التي اتخذتها للظفر بتلك الثروة الهائلة؟

الأتراك في الصومال منذ سنوات

نشر موقع "الصومال الجديد" دراسة تفيد بأن الوجود التركي في الصومال يعود إلى عام2011، وذلك أثناء المجاعة التي ضربت البلاد نتيجة موجات الجفاف المتكررة.

وأضافت الدراسة أن رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، قام بزيارة إلى العاصمة الصومالية مقديشو، حيث كان الهدف منها هو تحسين صورة الأتراك في أذهان الصوماليين، من خلال تقديم مجموعة من المساعدات.

وتقول شبكة "سكاي نيوز عربية" إن أردوغان قرر فتح السفارة التي تم إغلاقها عقب الحرب الأهلية في البلاد، وبعد 3 أعوام افتتحت قنصلية عامة لها في إقليم أرض الصومال.

توغل تركي

وتضيف الدراسة أن الزيارة التي قام بها أردوغان سبقها تنظيم برنامج تقديم منح دراسية لـ 1200 طالب صومالي في الجامعات والمعاهد التركية يدرسون فيها في مختلف فروع المعرفة من الطب والهندسة والحقوق وغيرها بكلفة تبلغ نحو 70مليون دولار، كما تم تجهيز 414 مليون دولار من القطاعين العام والخاص كمساهمة في برنامج إغاثية وتنموية عدة في الصومال.

وأضافت أن التغلغل التركي في الصومال برز في كافة القطاعات الحيوية، بدءاً من القطاع الاقتصادي مروراً بالقطاع الصحي وانتهاء بالقطاع العسكري.

ولفتت الدراسة إلى أن التوغل التركي طال مجال التعليم بالصومال، حيث قامت بتأسيس معاهد ومراكز لتدريس اللغة التركية، منها مدرسة كبلونوما، ومقرها مبنى مدرسة بنادر الثانوية سابقا، والدراسة فيها مجانية، ويلتحق بها عدد كبير من خريجي الثانويات والجامعات ممن يحدوهم الأمل في مواصلة دراستهم في تركيا أو الحصول على وظائف من الشركات والمؤسسات التركية التي تشترط في المتقدم إلى وظائفها إتقان اللغة التركية.

وأضافت الدراسة أن تركيا توغلت في مجال الاستثمار بالموانئ بالصومال، حيث حصلت شركة "البيراك" على حق تشغيل وإدارة ميناء مقديشيو لمدة 20 عاماً، بالإضافة إلى حصول أنقرة على حق السماح لسفنها بالصيد في مياه الصومال الإقليمية، وهناك اتفاقيات أخرى حول الاستثمار التركي في المجال الزراعي.

سيناريو الصومال وليبيا

يقول الخبير في الشأن التركي، محمد عبدالقادر، في تصريحات نقلتها شبكة "سكاي نيوز عربية"، إن هناك تشابه كبير بين الصومال وليبيا.

وأوضح عبدالقادر أن تركيا تسعى لاستغلال الحالة التي تشهدها بعض الدول العربية التي تعاني من صراعات وأزمات، حيث تقوم بالتواصل مع أحد أطرافها بعلاقات سياسية وعسكرية، من أجل تعزيز مصالحها الأمنية من خلال إنشاء قواعد عسكرية.

ويضيف عبدالقادر أن تركيا أيضاً تسعى للاستحواذ على الثروات الطبيعية في تلك الدول من خلال التوصل لاتفاقات تجارية واقتصادية تدعم الاقتصاد التركي الذي يواجه أزمات متكررة.

وأشار الخبير إلى أن أردوغان استغل الحالة الأمنية التي تشهدها ليبيا والصومال من أجل تعزيز مصالحها البحرية من خلال التوقيع على اتفاقيات تسمح لها بالتنقيب عن الغاز والنفط خارج مياهها الإقليمية، وذلك في ظل حالة العزلة التي تفرضها على سياساتها القائمة على فرص الأمر الواقع.

وفي وقت سابق، تحدثت مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير لها، عن التدخل التركي في الصومال، حيث حذرت منه قائلة إنه "ينبغي التعامل معه بحذر"، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السياسية.

تركيا لا تبالي

وذكرت تقارير صحفية أن الصوماليين أنفسهم عارضوا الوجود التركي في بلادهم، حيث أعلنت المعارضة الصومالية معارضتها للوساطة التركية التي تهدف لحل النزاع مع الحكومة.

واعتبرت المعارضة تركيا أنها "جزءاً من هذه المشكلة"، خاصة وأنها تركز جهود المساعدات في العاصمة مقديشو فحسب.

وتقول مجموعة الأزمات الدولية إن الذهاب إلى الصومال بشكل منفرد قد يأتي بنتائج عكسية ويعيق جهود مساعدات الصومال.

ماهي أهمية الصومال عسكرياً بالنسبة لتركيا؟

قالت وزارة الخارجية التركية إن علاقات أنقرة مع مقديشو تعود إلى حقبة الدولة العثمانية، وهو ما يشير إلى طموح تركيا في استعادة "الدولة العثمانية" مجدداً، ولو عبر الهيمنة غير المباشرة.

وتقول الدراسة التي نشرها موقع "الصومال الجديد" إن تركيا تعتزم فتح قاعدة عسكرية لها في الصومال، بعد أن تم وضع حجرها الأساسي عام 2015.

وتضم القاعدة العسكرية 3 معسكرات للتدريب ومخازن للأسلحة والذخيرة ومباني للإقامة، بتكلفة بلغت 50 مليون دولار، مضيفة أن القاعدة تأتي لتحقيق رغبة تركيا في مد نفوذها العسكري إلى دول إفريقيا، خاصة الواقعة في الشرق، ولحماية مصالحها في القرن الإفريقي.

وأكدت الدراسة أن القاعدة العسكرية ستكون بداية سيطرة تركيا الحقيقية على المرافق الحيوية في الصومال والتي ليس آخرها المياه الإقليمية الصومالية.

وتقول شبكة "سكاي نيوز عربية" إنه على الرغم من أن الهدف المعلن من القاعدة العسكرية هو المساعدة في تدريب القوات الصومالية، إلا أن وسائل إعلام تركية اعترفت بأن موقع القاعدة يعطي أنقرة أهمية استراتيجية في القرن الأفريقي، مشيرة إلى أن القاعدة يمكن أن تكون مدخلاً لتسويق السلاح التركي.

وتهتم تركيا بالصومال نظراً لموقعها الاستراتيجي الهام على خليج عدن ومدخل البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى.

واقتصادياً؟

وفيما يتعلق بالنفط والغاز، فتعد تركيا بلد فقيرة، لذا تعتمد على استيرادهما من الخارج.

وذكر موقع "إكسبورت دوت جوف" التجاري الأمريكي أن تركيا تستورد 99 بالمئة من استهلاكها من الغاز، ومايقرب من 93 بالمئة من استهلاكها للبترول.

تعليقات القراء