مكاسب سياسية وميدانية كبيرة.. ماذا حققت روسيا من العدوان التركي على سوريا ؟

الموجز  

يقول المراقبون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو أنه أكبر الرابحين من العدوان التركي الأخير على الأراضي السورية، الذي بدا في التاسع من أكتوبر الجاري وانتهى باتفاق بين أنقرة وواشنطن يقضي بوقف العمليات مقابل انسحاب القوات الكردية من شمال البلاد.

ويرى المراقبون أن موسكو جنت عدداً من المكاسب لم تكن لتحققه في سوريا، بدءاً من الانسحاب العسكري الأمريكي، وتراجع واشنطن عن دعم قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية في الشمال السوري، في الوقت الذي رفضت فيه إيران والولايات المتحدة العملية العسكرية التي شنتها أنقرة.

مكاسب روسيا السياسية

تقول آنا بورشفسكايا، في مقال لها على موقع "أمريكان انتريست"، إن كل العوامل التي سبقت وأسفرت عن العدوان التركي على الأراضي السورية صبت في النهاية لمصلحة الدور الروسي، ليس في سوريا فقط، ولكن في المنطقة كلها، موضحة أن روسيا الآن أصبحت "المرجع الوحيد" لإدارة التباينات في الملف السوري وإعادة توفير التوازن بين "أطرافه الفاعلة".

وأوضحت بورشفسكايا أن قرار دونالد ترامب بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا أسفر عن أضراراً جسيمة بمصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وأضافت أن واشنطن لازالت قادرة على الانخراط لضمان الأمن ومواجهة النفوذ الإيراني والنفوذ الروسي أيضاً، حيث تعتبر واشنطن موسكو بأنها واحدة من المنافسين الصاعدين المحددين في استراتيجية الأمن القومي الأميركية.

ويؤكد كون كوجلان، في مقال له بصحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية، أن الرئيس الروسي بوتين هو الوحيد الذي انتفع من قرار ترامب بفك الارتباط مع الصراع الدائر والتطورات الأخيرة في سوريا هو الرئيس بوتين، حيث أنه اتخذ إجراءات لتوطيد نفوذه في المنطقة بعد أن منح الفرصة للعب الدور الذي كان ذات يوم حكرا على الولايات المتحدة.

وأضاف كوجلان أنه كان من الصعب في السابق إتمام اتفاق بين النظام السوري والأكراد، لكنه وعلى خلفية العدوان التركي على سوريا نجحت روسيا في التوسط لإتمامه، وهو ما يعزز من الدور الروسي ليس في الملف السوري فحسب بل في المنطقة ايضاً.

وفي التاسع من أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عملية عسكرية في شمال شرق سوريا ضد وحدات حماية الشعب، والتي تصفها بأنها "إرهابية"، قبل أن يعلّق عملياته الخميس الماضي بعد هدنة تم التفاوض عليها بين الأتراك والأميركيين، الذين قالوا إن مدتها "120 ساعة"، لكن من دون تحديد موعد انتهائها.

مكاسب روسيا الميدانية

وبالإضافة إلى المكاسب السياسية التي جنتها على وقع التطورات الأخيرة في سوريا، نجحت روسيا في حصد مكاسب ميدانية أيضاً، فبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية فإن العملية العسكرية التركية منحت نظام الرئيس السوري بشار الأسد، حليف روسيا، فرصة استعادة قدر أكبر من الأراضي في غضون أيام أو أسابيع قليلة، ودون قتال تقريبا، وذلك بعدما اضطر الأكراد إلى الموافقة على الانسحاب تحت ضغط من القوات التركية وحلفائها السوريين، والعودة إلى "حضن النظام السوري".

وأكد مسئولون أكراد أن تحقيق اتفاق مع النظام السوري أفضل إليهم من الإذعان لتركيا، وهو ما أكدته التطورات الميدانية الأخيرة، إذ لم يكن ليتمكن 2.5 مليون كردي يعيشون في الشمال السوري من صدّ القوات التركية أو النظام السوري بمفردهم.

ويقول ألكساندر شوميلين، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إن بوتين تمكن من تحقيق االانتصار على يد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دون أن يتوجب عليه أن يفعل الكثير، ودون محاربة الآخرين.

الغرب يتخوف

في الوقت ذاته، تتخوف الدول الغربية من أن تدفع المكاسب التي جنتها موسكو جرّاء التطورات السورية الأخيرة، من استغلال عدم الثقة المتزايد بين أنقرة وحلفائها في الناتو، إضافة إلى احتماليات سوء العلاقات التركية الأميركية.

وذكرت صحيفة "لوموند" أنه من غير المستبعد أن يدفع الحظر على الأسلحة الذي قررته دول أوروبية عدة، أنقرة إلى أحضان موسكو أكثر فأكثر.

وعلّقت 5 دول أوروبية، وهي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا والنرويج، صادرات الأسلحة إلى تركيا، بعد العدوان الأخير على الأراضي السورية.

تعليقات القراء