أردوغان «ذليل» القوى العظمى.. وعوده لا تتجاوز وسائل إعلامه.. «الخليفة» أفعال لا أقوال والعدوان التركي على سوريا أظهره كـ «الأحمق»

الموجز - شريف الجنيدي  

يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تقديم نفسه أمام شعبه والعالم بأنه ذليل أمام القوى العظمى، آخرها رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إليه قبل عدوانه على سوريا والتي وصفه فيها بـ "الأحمق".

وكعادة أردوغان، لا تتجاوز وعوده وسائل إعلامه أو القنوات الموالية والمؤيدة له، حيث يرون أن الرئيس التركي هو الخليفة المنتظر، ويعتبرون أي تصريح يصدر منه أو أي عمل يقوم به هذا "الخليفة" هو بمثابة أمر حق لا جدال أو مناقشة فيه، وهو المبدأ الذي يتماشى مع مبدأ السمع والطاعة المتعارف عليه داخل جماعة الإخوان الإرهابية.

ولكن بالنظر إلى شخصية أردوغان وكلماته فهي تتلخص في كلمتين، فعل لا قول، يعد ويخلف، والأمثلة كثيرة.

ونرصد من خلال هذا التقرير أبرز التصريحات التي صدرت من أردوغان والتي أعلن فيها عن اتخاذه إجراءات بعينها، قبل أن يتراجع فيها تنفيذاً لرغبة الدول الكبرى.

القس الأمريكي أندرو برانسون

في صيف 2016، استدعت الشرطة التركية القس الأمريكي أندرو برانسون، لتقوم باحتجازه موجهة إليه تهمة الضلوع في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 2016.

ودعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإفراج عن برانسون دون قيد أو شرط، مهدداً بفرض عقوبات ورسومًا جمركية على تركيا الأمر الذي كان له دوره في دفع عملتها الليرة للهبوط إلى مستويات قياسية.

وربط أردوغان إطلاق سراح برانسون بمصير فتح الله جولن الداعية الإسلامي التركي الذي يعيش في الولايات المتحدة، والذي يتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، مهدداً هو الآخر بزيادة الرسوم الجمركية على ما تستورده بلاده من الولايات المتحدة من سيارات ومشروبات كحولية وتبغ.

في أغسطس من العام الماضي، صرح أردوغان أن أنقرة لن تغير موقفها بشأن احتجاز القس الأمريكي أندرو برونسون، رغم التهديد بفرض عقوبات أمريكية عليها.

ونقلت صحيفة ديلي صباح، عن الزعيم التركي قوله: "في رأيي هذه حرب نفسية ولن نتراجع مع العقوبات، ونحن لم نساوم في قضية برانسون"، وأضاف أردوغان، أنه ينبغي على الولايات المتحدة، ألا تنسى، أنها قد تفقد حليفا وثيقا.
وفي 12 أكتوبر 2018، غادر القس الأمريكي أندرو برانسون تركيا على متن طائرة عسكرية متجهة إلى ألمانيا، في طريق عودته إلى الولايات المتحدة، وذلك عقب قرار محكمة تركية الإفراج عنه بعدما قضى عامين قيد الاحتجاز.

اسقاط الطائرة الروسية

في 24 نوفمبر عام 2015، أطلقت قوات الدفاع الجوية التركية النار على مقاتلة روسية من طراز سوخوي سو-24، مما أدى إلى سقوطها قرب الحدود السورية التركية، فوق جبل التركمان بمحافظة اللاذقية السورية.

وقالت السلطات التركية إنها أسقطت الطائرة الروسية بعد انتهاك المجال الجوي التركي، مضيفة أنه "بموجب قواعد الاشتباك جرى إسقاط طائرة روسية طراز سوخوي سو-24 عقب تجاهلها لعشر تحذيرات أطلقتها القوات الجوية التركية خلال 5 دقائق قبل اسقاط الطائرة".

وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو إن الجيش التركي قام بواجب وطني لاتخاذ أي إجراء ضد من يريد اختراق مجالنا الجوي أو حدودنا.

وبعد إسقاط الطائرة الروسية، قررت روسيا فرض قيودا تجارية على أنقرة. وأكد بوتين أن القيود لن تلغى إلى أن يعتذر أردوغان عن الحادث.

ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقابلة حصرية مع شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، بالتأكيد على أن بلاده لن تعتذر لموسكو عن إسقاط الطائرة الروسية.

وأضاف أردوغان أن الطائرة الروسية "انتهكت" المجال الجوي التركي قرب الحدود مع سوريا، وتابع: "أعتقد انه إذا كان على أحد أن يعتذر فليس نحن".

واعتبر أردوغان أن "هؤلاء (الروس) الذين انتهكوا مجالنا الجوي هم من يجب أن يعتذروا"، وقال: "ببساطة القوات الجوية التركية نفذت واجبها بالرد على الانتهاك وفق قواعد الاشتباك، وأعتقد أن هذا هو جوهر ما حدث".

ورأى أردوغان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ارتكب خطأ كبيرا" بتصريحاته عن أن إسقاط تركيا للطائرة الروسية "طعنة في الظهر ودعم للإرهابيين".

وتراجع كالعادة أردوغان، حيث أعلن الكرملين أن الرئيس التركي اعتذر في خطاب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن إسقاط الطائرة الروسية.

وقال المتحدث باسم الكرملين إن "أردوغان عبر عن أسفه وندمه، وقال (أنا آسف)"، متعهدا بفعل كل ما بوسعه لإعادة العلاقات بين البلدين.

وأكدت الرئاسة التركية اعتذار أردوغان عن إسقاط أنقرة المقاتلة الروسية، حيث قال المتحدث باسم أردوغان إن "الرئيس التركي عبر في رسالة لنظيره الروسي بوتن عن حزنه العميق لإسقاط مقاتلة روسية".

العقوبات الأمريكية على إيران

في مايو من العام الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم إبرامه عام 2015.

وفي نوفمبر من نفس العام، أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على طهران ومنحت إعفاءات محدودة، استوردت تركيا 209 آلاف طن في المتوسط من النفط الإيراني، أو 12 في المائة من إجمالي احتياجاتها، وفقا لحسابات أجرتها وكالة "رويترز".

ومنحت واشنطن إعفاءات لـ8 دول خفضت مشترياتها من النفط الإيراني، مما سمح لها بالاستمرار في الشراء بدون مواجهة العقوبات لمدة 6 أشهر، وهذه الدول هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان.

وسمحت الإعفاءات لتلك الدول بمشتريات محدودة من النفط الإيراني لمدة 6 أشهر.

وفي أبريل من العام الجاري، قررت الولايات المتحدة إنهاء الإعفاءات من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، حيث ستواجه تلك الدول، اعتباراً من الثاني من مايو، عقوبات أمريكية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.

وانتقدت وزارة الخارجية التركية قرار الولايات المتحدة بخصوص إنهاء الإعفاءات من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، معتبرة إياها أنها "لن تخدم السلم والاستقرار في المنطقة".

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تغريدة على تويتر: "لانقبل العقوبات الأحادية الجانب وفرض الإملاءات بشأن كيفية بناء علاقتنا مع جيراننا".

وفي مايو من عام 2019، قرر أردوغان إغلاق موانئ بلاده أمام النفط الإيراني، في امتثال كامل للعقوبات الأميركية على موردها الرئيسي.

وأتاح الرضوخ الكامل لأردوغان تفادي العقوبات الأميركية، خوفاً من تفاقم التوتر بينها وبين حليفتها في حلف شمال الأطلسي الولايات المتحدة والتعرض لضغوط من جانبها على جبهات أخرى، مثل شراء نظام دفاع صاروخي روسي الأمر الذي قد يوقد شرارة عقوبات أميركية منفصلة.

تعليقات القراء