النيران تلتهم ثمانية قرون من التاريخ.. مشاهد كاتدرائية نوتردام.. الصليب صامد وسط اللهيب.. وأغنى رجل في العالم يتبرع بـ 200 مليون يورو للترميم

كتب: أحمد أبوعقيل
ليلة سوداء عاشتها العاصمة الفرنسية باريس حيث تصاعدت في سمائها سحب الدخان الناجمة عن الحريق الهائل الذي التهم كاتدرائية نوتردام التاريخية وسط صدمة عارمة اجتاحت فرنسا والعالم، قبل أن تشرق شمس الصباح لتكشف عن آثار الكارثة.
ووثقت مقاطع فيديو وصور التقط ليلا وصباح اليوم الثلاثاء حال الكاتدرائية التي تعد أحد أشهر المعالم التاريخية والدينية في باريس، حيث دمر سقفها، في حين نجح رجال الإطفاء من إنقاذ برجي الجرس الرئيسيين والجدران الخارجية من الانهيار قبل السيطرة على الحريق.
وانتشر الحريق، الذي اندلع في وقت مبكر من مساء الاثنين، بسرعة في سقف كاتدرائية نوتردام التي بنيت قبل ثمانية قرون، وامتد إلى قمة البرج العملاق للكاتدرائية الذي انهار على أثر ذلك، ثم سقط السطح كله.
وتم إطفاء الحريق، بعدما ظل مستعرا لنحو ثماني ساعات، بحلول الساعة الثالثة صباح اليوم الثلاثاء بتوقيت وسط أوروبا، وفي وقت سابق حاول رجال الإطفاء الذين كانوا يكافحون للحيلولة دون انهيار أحد برجي الجرس الرئيسيين، إنقاذ الآثار الدينية والتحف الفنية التي لا تقدر بثمن.

ماكرون يطلق حملة لإعادة البناء
قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للصحفيين في الموقع قبيل منتصف الليل بقليل "تفادينا الأسوأ"، مضيفا أن فرنسا ستطلق حملة لإعادة بناء الكاتدرائية، بما في ذلك جهود لجمع التبرعات ومناشدة الموهوبين من أنحاء العالم للمساهمة.
وأضاف ماكرون الذي بدا متأثرا بشدة "سنعيد بناءها معا. ستكون بلا شك جزءا من المصير الفرنسي ومشروعنا للسنوات القادمة". ونجا الهيكل الحجري الرئيسي للكاتدرائية من التدمير التام، في الوقت الذي تمت فيه السيطرة الحريق.
ونظر أبناء باريس والسياح المصدومين غير مصدقين لما يحدث بينم اكان الحريق يستعر في الكاتدرائية التي تقع في جزيرة إيل دو لا سيت في نهر السين، وتعد معلما رئيسا وسط العاصمة الفرنسية، ويقصدها السياح من حول العالم.

Image icon 1-1244340.jpg

وفي أول تعليق للفاتيكان، قالت عاصمة الكنيسة الكاثوليكية إن الحريق سبب "صدمة وحزنا"، مؤكدة أنها تصلي من أجل رجال الإطفاء، في حين قالت كنيسة الأراضي المقدسة، في القدس، إنها تصلي من أجل كاتدرائية نوتردام.
وأضافت الكنيسة في بيان مقتضب صدر في القدس "نعرب عن تضامننا مع الكنيسة في فرنسا، خاصةً وأن هذا الحدث يأتي خلال الأسبوع المقدس الذي يسبق عيد الفصح، ونتمنى لهذه الكنيسة كل الخير لها ولأمنها".
وأضاف البيان "نصلي من أجل أن لا يكون هناك إصابات.. ومن أجل أن ينتهي الحريق بأقل ضرر ممكن"، مؤكدا أن الكاتدرائية واحدة من أهم الكنائس في فرنسا على وجه الخصوص والعالم بشكل عام.

وعن مصير "الكنوز" التاريخية، قالت رئيسة بلدية باريس، آن هيدلاجو، في الموقع، إن بعض التحف الفنية التي كانت في الكاتدرائية نقلت إلى الخارج ويجري وضعها في مخزن آمن.

وفي حين دعا رئيس أساقفة باريس جميع القساوسة في المدينة إلى قرع الأجراس في لفتة تضامن مع نوتردام، صدرت بالفعل مناشدات لجمع تبرعات في الولايات المتحدة لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام.

ويعود بناء الكاتدرائية إلى القرن الثاني عشر وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) للتراث العالمي. ويزور الكاتدرائية ملايين السياح كل عام.

صورة الصليب من قلب نوتردام تسرق الأضواء

تتواصل الأنباء والصور التي تتناول الحريق الهائل الذي شب في كاتدرائية نوتردام في باريس، التي تعد أحد أهم رموز فترة القرون الوسطى في أوروبا، فيما أبدت العديد من دول العالم "حزنها وأسفها الشديدين" على الحريق الذي نال من أحد أبرز المعالم السياحية العالمية، وفقا لما ذكرته العديد من وسائل الإعلام العالمية.

Image icon 1-1244436.jpg

غير أن ثمة صورة، أو سلسلة من اللقطات المتشابهة، أصبحت من بين الأكثر انتشارا وتداولا وتعليقا، وتحمل في طياتها شكلا من أشكال "المعجزة" بحسب صحيفة "ميرور" البريطانية، وتمثل الصورة المعنية الصليب الذي يعلو المذبح في كاتدرائية نوتردام.

إذ فيما أتى الحريق على الكثير من أجزاء الكنيسة، ومن بينها البرج المدبب الشهير الذي يعلوها، فقد لوحظ أن الصليب فوق المذبح ظل سليما وصامدا ولم يتأثر، فيما بدا السواد ظاهرا في الجدران حوله وكذلك في المنطقة المجاورة له حيث احترقت المقاعد الخشبية والسقف الخشبي تحته وفوقه، كما تبين الصورة.
وظهر الصليب في وسط الصورة كأنه معلق في الهواء وسط السواد والدخان المتصاعد جراء الحريق، ومع سقوط أشعة الشمس عليه، بدا الصليب وكأنه يشع نورا فيما يتصاعد الدخان من حوله، وكأن معجزة "إلهية" حمته من الحريق، وفقا لصحيفة نيويورك بوست الأميركية.
وتحدث كثير من المغردين على صفحات موقع تويتر عما سموه "المعجزة" التي أبقت على المذبح والصليب سليما، رغم الحريق الهائل والحرارة الناجمة عنه والأضرار الكبيرة التي لحقت بالكاتدرائية الأشهر في باريس، ربما في العالم كله.

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي كتبت أحدهن، واسمها كايلي كراين، معلقة "بعد الحريق المدمر في نوتردام، ظل المذبح والصليب سليما.. رجاء اشرحوا لي كيف لا تؤمنون بالرب بعد كل هذا".
أما فيليب وبستر فكتب مغردا على حسابه في تويتر "لست متأكدا أنني أؤمن بالمعجزات.. لكن هذه الصورة للمذبح والصليب غير المتضرر هذا الصباح تخطف الأنفاس وتلمس القلوب من بين كل شيء".
وقالت لوري لايدن "اليوم توقف الجميع وراقبوا وصلوا فيما تحترق الكاتدرائية المحبوبة.. وحقيقة بقاء المذبح والصليب دون أن تلمسهما النيران ووسط كل تلك الحرارة والدمار إنما تعتبر معجزة.. صورة قوية للغاية في بداية أسبوع مقدس".
وعلق كثيرون غيرهم على هذه "المعجزة"، وقالوا إنها تمنحهم الأمل بأنه رغم الخسائر الكبيرة فإنه بقي جزء كبير من الكاتدرائية دون أضرار.
إذ قال أحدهم "مازال الأمر مثيرا للأسى.. لكن هذه الصورة تمنحني الأمل بأن هذا التاريخ العريق لم يضع بالكامل كما يبدو".

أغنى رجل في أوروبا يقدم 200 مليون لترميم كاتدرائية نوتردام
تعهد أغنى رجل في أوروبا ، بإعادة إصلاح كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس، بعد أن اشتعلت فيها النيران مساء الاثنين، وأتت على سقفها الخشبي، وأدت إلى سقوط برجها الذي يلغ طوله 90 مترا.
وقالت عائلة الملياردير الفرنسي برنار أرنو، ومجموعة "LVMH" للسلع الفاخرة، إنهما ستتبرعان بمبلغ 200 مليون يورو (173 مليون جنيه إسترليني) للمساعدة في إصلاح كاتدرائية نوتردام في باريس، وفق ما ذكرت صحيفة "ميرور" البريطانية، الثلاثاء.
وتشمل مجموعة LVMH العلامات التجارية لويس فويتون وجيفنشي وديور ومارك جاكوبس ومويت ودوم بيغنون.
وقالت العائلة في بيان: "ترغب عائلة أرنو ومجموعة LVMH في إظهار تضامنهما في ظل المأساة الوطنية، وهم يتعاونون للمساعدة في إعادة بناء هذه الكاتدرائية الاستثنائية، التي تعد رمزا لفرنسا وتراثها وللفرنسيين كلهم".
ويأتي تعهد أرنو عقب ساعات من تبرع مماثل بقيمة 100 مليون يورو لإعادة إصلاح الكاتدرائية، من فرانسوا هنري بينولت، الذي يرأس شركة Kering للسلع الفاخرة، وهو متزوج من الممثلة سلمى حايك.
وقال الملياردير بينولت إن كاتدرائية نوتردام هي "رمز للروحانية وإنسانيتنا المشتركة"، معربا عن أمله في يحذوا الآخرون حذوه لأن ذلك "يجب أن يكون مسعى جماعيا" لتجديد المعالم الباريسية.
وأوضح بينولت أنه شعر بـ"الصدمة" من رؤية المبنى مشتعلا، مضيفا: "نحتاج إلى إعادة البناء الجماعي لهذا الجزء من تاريخنا، من ثقافتنا، لذلك فهي حاجة ملحة وعاجلة، لذلك قررت التبرع للقيام بذلك".
ونقلت صحيفة "التايمز" البريطانية عن خبراء قولهم، إن المبنى يحتاج إلى ترميم بقيمة 150 مليون يورو، لكن الدولة عرضت فقط 40 مليون يورو. وكانت الكاتدرائية تبحث عن تبرعات لتغطية بقية التكاليف.

Image icon 1-1244441.jpg

تعليقات القراء