"البريكست".. هل تصمد ماي أمام تيارات المعارضة لقرار الانسحاب أم تقع في الهاوية

كتبت: شرين طه

 

"بريطانيا تسير نحو المجهول" هكذا رأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الوضع داخل البلاد في تصريحاتها والتي حذرت نواب البرلمان بأنهم في حال رفضوا اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي في تصويت البرلمان يوم الثلاثاء، حيث قالت في مقابلة مع صحيفة "ذا ميل أون صنداي"،  إن رفض اتفاقها سيعني "حالة خطيرة من عدم اليقين للأمة مع وجود خطر حقيقي من عدم الخروج أو المغادرة بدون اتفاق".

على الجانب الآخر فإن كافة المؤشرات تدل على رفض البرلمان لمقترحات الحكومة مما يضع ماي في مأزق سياسي حقيقي الامر الذي قد يطيح بها وحكومتها، حيث طالب عدد من أعضاء البرلمان، منهم نايجل دودز زعيم الحزب الديمقراطي الوحدودي الأيرلندي الشمالي في البرلمان ودومينيك راب وزير شؤون الانسحاب السابق، رئيسة الوزراء بالعودة إلى بروكسل وطلب إعادة التفاوض حول الاتفاق.

وقال بوريس جونسون، وزير الخارجية السابق وهو أحد أنصار الانسحاب البارزين وينظر إليه على أنه خليفة محتمل لماي، إن أعضاء البرلمان بمختلف توجهاتهم السياسية متحدون إزاء رفض مسألة حدود أيرلندا وبالتالي فإن خسارة ماي للتصويت في البرلمان ستمنحها تفويضا لتطلب من الاتحاد الاوروبي إلغاء هذه الجزئية من الاتفاق.

وأضاف "إذا استطاعت رئيسة الوزراء العودة إلى بروكسل هذا الأسبوع لتقول إنها تخشى من أن حل مسألة حدود أيرلندا الذي توصلنا إليه لا يلقى أي قبول... فإنهم سينصتون لها".

وأظهر تحليل صادر عن رابطة الصحافة البريطانية أن 27 فقط من أصل 163 نائبا أشاروا إلى أنهم سيدعمون الاتفاق، مقارنة بـ122 - منهم 29 من حزب المحافظين الذي تتزعمه ماي- يقولون إنهم سيصوتون ضده.

ومن المقرر أن يلتقي زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل الخميس وهناك تكهنات بأن ماي ربما تستغل هذه الفرصة للضغط بطلب تعديلات في الاتفاق.

وقالت وزيرة بارزة في الحكومة البريطانية إن استفتاء ثانيا أو ما يسمى باتفاق "النرويج - بلس" يمكن أن يصبح على المحك إذا فشلت ماي في الفوز بموافقة نواب البرلمان.

فيما قضت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي، الاثنين، بأنه يمكن للحكومة البريطانية اتخاذ قرار من جانب واحد بالعدول عن الانسحاب من التكتل، دون استشارة باقي الدول الأعضاء.

وصدر الحكم بشكل طارئ قبل يوم واحد من موعد مقرر لتصويت البرلمان البريطاني على اتفاق الخروج الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.

وقالت محكمة العدل الأوروبية "للمملكة المتحدة الحرية في العدول بشكل أحادي عن إخطار أبلغت فيه رسميا الاتحاد الأوروبي بنيتها الانسحاب منه".

وجاء الحكم متوافقا مع رأي قدمه المستشار القانوني للمحكمة، الأسبوع الماضي. وعزز ذلك من آمال معارضي انسحاب بريطانيا في إجراء استفتاء جديد يمنع الخروج المقرر لبلادهم من التكتل في 29 مارس 2019.

ويأمل الساسة والنشطاء المعارضون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي عرضوا القضية في أن يتيح هذا الرأي خيارا إضافيا أمام البرلمان عندما يفكر فيما إذا كان يوافق على اتفاق رئيسة الوزراء أم لا، لأن ذلك يبقي على احتمال إلغاء بريكست من خلال استفتاء جديد.

على جانب آخر دعا متظاهرون الأحد إلى استفتاء ثان، لتقرير مصير الخروج من الاتحاد، وانضم إلى المتظاهرين سياسيون من مختلف التيارات السياسية، من بينهم اللورد هاسلتاين من حزب المحافظين.

وقال الوزير السابق من حزب المحافظين، فيليب لي، أمام المسيرة في شرقي لندن: "اعتقد أن تصويت الناس هو أفضل أمل لدينا لاستعادة بلدنا، بعد هذه الحلقة المؤسفة".

وقالت استير ماكفي، وزيرة العمل والمعاشات السابقة التي استقالت من الحكومة احتجاجا على الاتفاق، إن السيدة ماي يجب أن تعيد التفاوض "فورا" مع بروكسل، إذا ما جرى رفض الاتفاق في البرلمان.

وردا على سؤال بشأن إمكانية ترشيح نفسها لقيادة حزب المحافظين، قالت لقناة سكاي نيوز إن الأمر لا يتعلق بـ"شخصيات"، وإنها ستدعم رئيسة الوزراء، إذا أعادت التفاوض بشأن الاتفاق.

لكن ماكفي لم تستبعد الأمر، قائلة إنها "ستفكر بجدية" إذا طُلب منها الترشح.

وقال وزير العدل، روي ستيوارت، لبي بي سي إن الحكومة يجب أن "تعود مرة أخرى" للبرلمان، إذا خسرت في تصويت الثلاثاء، ربما مع "بعض التعديلات الطفيفة" على الاتفاق، لكنه أشار إلى أن بعض النواب يستخدمون "المساندة"، وهي إبقاء الحدود مفتوحة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، "كذريعة" لرفض الاتفاق.

أما وزيرة الاقتصاد في حكومة الظل، ريبيكا لونغ - بايلي، لم تؤكد إذا ماكان حزب العمال سيقترح سحب الثقة من رئيسة الوزراء.

وقالت: "علينا أن ننتظر ما سيحدث يوم الثلاثاء. علينا أن نقيم الأمور وقتها، وسنتناقش مع الأحزاب الأخرى في مجلس العموم، بشأن أفضل شيئ يمكن فعله".

وأضافت ريبيكا أن رئيسة الوزراء يجب أن تدعو لانتخابات مبكرة، في حال خسارتها للتصويت، لكنها تابعت: "ويمكنها بدلا من ذلك أن تقترح إعادة التفاوض، بشأن اتفاق يحظى بإجماع داخل البرلمان".

فهل تستطيع ماي الصمود في وجه تلك التيارات أم تنجرف هي وحكومتها في صراعها للمجهول.

تعليقات القراء