اشتعال الاحتجاجات الفرنسىة.. هل يعود الاستقرار أم تنزلق البلاد للهاوية

كتبت: شرين طه


فيما يبدو أنه دليل على تزايد واشتعال الأوضاع الداخلية في فرنسا رتفعت، السبت، حدة المصادمات بين قوات الأمن الفرنسية وأنصار حركة السترات الصفراء في باريس، مما دفع السلطات إلى نشر مدرعات للمرة الأولى في العاصمة منذ سنوات، في وقت ارتفع عدد الجرحى والموقوفين من المتظاهرين الذين رفعوا سقف مطالبهم نحو إقالة الرئيس إيمانيول ماكرون.

وأظهرت لقطات فيديو قوات الأمن وهي تنشر مدرعات في محيط قوس النصر في باريس، في محاولة لإبعاد المتظاهرين الذين يخرجون إلى الشوارع للأسبوع الرابع على التوالي.

وكانت السلطات الفرنسية تعهدت، الأسبوع الماضي، بنشر مدرعات في الشوارع لم تستخدم منذ أحداث الشغب التي شهدتها ضواحي باريس في 2005، في خطوة وصفت بأنها استثنائية لمواجهة تظاهرات السبت.

لكن لم يبد أن هذه الخطوة قد نجحت في الحد من الاحتجاجات، التي عادت للتجدد في محيط قوس النصر في باريس، ليرد الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع.

واندلعت احتجاجات هذه الحركة، في نوفمبر الماضي إثر قرار رفع أسعار الوقود الذي تراجعت عنه حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم، وهتفوا لإقالة ماكرون الذي حملوه مسؤولية التوتر الذي إليها البلاد.

وأظهر فيديو نشرته صفحة "فرانس نيوز 24"، أحد المتظاهرين وهو يقف أمام الشرطة رافعا يديه إلى الأعلى، قبل أن يفاجئه أحد العناصر برصاصة مطاطية في منطقة البطن.

وعندما تقدم بعض الأشخاص لإبعاد المصاب عن الشرطة، أطلقت الأخيرة قنبلة غاز عليهم، مما تسبب في إصابة بعضهم وسقوطهم أرضا.

وحظي الفيديو بمشاهدة كبيرة على تويتر، حيث علق أحد المتابعين: "بالرغم من أنها رصاصة مطاطية لكن كان بإمكانها أن تقتل الرجل. الرصاص المطاطي لا يقلل من خطورة الإصابة".

فيما ذكر آخر، أنه كان على عناصر الشرطة اعتقال الرجل وعدم إطلاق الرصاص عليه، لاسيما وأن المسافة بينهما لم تكن تفوق 10 أمتار.

فيما تظاهر المئات من الطلاب في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفرنسية باريس، الجمعة، احتجاجا على قيام الشرطة باحتجاز 151 طالبا من مدرسة "مانت لا جولي" الثانوية.

وجثا المحتجون على ركبهم مرددين شعارات تدين ما اقترفته الشرطة قبل أيام في مدينة "مانت لا جولي" شمال غربي العاصمة.

واحتجزت الشرطة الفرنسية عشرات الطلاب من مدرسة ثانوية، أثناء احتجازهم على تعديلات أقرتها الحكومة على نظام التعليم، وأجبرتهم على الجثو على ركبهم ووضع أيديهم خلف رؤوسهم، ما أدى إلى موجة استهجان واستنكار لأفعال عناصر الشرطة.

كما كانت أعلنت نقابة الشرطة الفرنسية  Vigi اليوم الجمعة، إضرابا مفتوحا يبدأ غدا السبت تزامنا مع الإضراب الذي أعلنت عنه ما يسمى حركة "السترات الصفراء"، التي تنفذ احتجاجات منذ 17 نوفمبر.
وصرح نقيب الشرطة ألكساندر لانغولا لوكالة "نوفوستي" الروسية، بأن أفراد الشرطة لن ينظموا إلى الاحتجاجات التي تنظمها "السترات الصفراء" لكنهم يريدون تقديم الدعم لهم.

وقال نقيب الشرطة الفرنسية: "الدولة تتعامل مع معظم أفراد الشرطة كالحيوانات، إن ساعات العمل طويلة جدا دون انقطاع.. قد يرسلون في غيابنا أشخاصا ليست لديهم كفاءة في التعامل مع المحتجين".

وأضاف: "سنسير في الاحتجاجات رافعين يافطاتنا بهدف التعبير عن دعمنا للمطالبات بزيادة القوة الشرائية لدى المواطنين، ولأي شرطي يستجيب للإضراب عن العمل الحق في الانضمام إلى زملائه أثناء الاحتجاجات".

وحول توقعاته لسير الأحداث غدا السبت بعد إعلان نقابته الإضراب المفتوح، قال لانغولا ، من "الصعب التنبؤ بما سيحدث غدا".

وكانت مصادمات اندلعت في وقت سابق، السبت، بين قوات الأمن التي استخدمت قنابل الغاز صوب محتجي السترات الصفراء بكثافة، ولا سيما في منطقة قوس النصر وجادة الشانزليزيه القريبة من القصر الرئاسي.

وأصيب من جراء هذه المواجهات نحو 10 متظاهرين بحالات اختناق من جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع.

وأظهرت لقطات الفيديو تعرض بعضهم إلى الإغماء نتيجة استنشاقهم للغاز المسيل للدموع.

وحاول المتظاهرون الوصول إلى القصر الرئاسي، القريب من جادة الشانزليزيه وقوس النصر، إلا أن حائطا أمنيا منعهم من الوصول إلى هدفهم.

وأدت هذه المصادمات إلى إصابة حركة المرور في وسط العاصمة الفرنسية بالشلل، كما أجبرت كثير من المحال التجارية على إغلاق أبوابها، كما أقدمت السلطات على إغلاق برج إيفل ومتحف اللوفر.
وعلى صعيد الموقوفين، ارتفع عدد المحتجين الذين أوقفتهم السلطات الفرنسية إلى أكثر من 500، جرى وضع نحو 200 منهم قيد الحبس الاحتياطي.

وبدا لافتا لجوء الشرطة إلى الاعتماد على رجال أمن بزي مدني، مسلحون بأسلحة نارية، في القبض على مجموعة من المتظاهرين حاولت التسلل إلى مرآب تحت الأرض بشارع الشانزليزيه، وفق ما أوردت مراسلتنا.

وأشارت إحصائية في وقت سابق إلى أن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 300 شخص في باريس، قبيل ساعات على خروج التظاهرات.

على الجانب الأخر اعتبرت الحكومة الفرنسية أن "عناصر راديكالية" تحاول استغلال احتجاجات "السترات الصفراء" لإسقاط النظام في البلاد، محذرة من أن الرد عليهم سيكون "مناسبا وحاسما".

Image icon 201812010724292429.jpg

وأعرب  المتحدث باسم الحكومة بنجامين غريفو في حديث لصحيفة "لوباريزيان" الفرنسية عن قلقه إزاء احتمال "انتشار الأسلحة النارية" بين المتظاهرين، وقال: "قتل أربعة أشخاص وأصيب مئات آخرون خلال الفعاليات الاحتجاجية.

وتابع: "السترات الصفراء" الحقيقيون يجب ألا يكونوا دروعا بشرية. يوجد في صفوف المتظاهرين من يمنع الشرطة من شن حملات التوقيف".

كما نصح غريفو المواطنين بعدم المشاركة في احتجاجات السبت في باريس، محذرا من أن "أي اعتداءات خلال التظاهرات ستواجه برد مناسب وحاسم".

لذا فإن الساعات القليلة القادمة قد تكون حاسمة في مصير الحكومة الفرنسية والبلاد فهل سينجح ماكرون في تهدئة الأوضاع أم ستنجر البلاد غلى الهاوية؟

تعليقات القراء