مروان يونس يكتب: اذا كنت أنا شارلي.. فهل أنت أحمد؟

تصدر الإرهاب مانشيتات كل الصحف الأجنبية الأسبوع الماضي، تصدرت أخباره هذه المرة خارج حدود ونطاق الوطن العربي المنكوب، كان ال‘رهاب هذه المرة يغرد خارج السرب بل يضرب خلف الخطوط الحصينة ليضرب فرنسا صاحبة الثورة الأم في العالم الحديث وأحد محارب الحرية في الغرب ..
 
لم يكن بكل المقاييس حادثاً غير متوقع أو غير مفهوم و لكن كان تطوراً طبيعياً لأعمال الإرهاب والحرب عليه وفيه أعلنت داعش أو الدولة الإسلامية بالعراق والشام فتح جبهات أخرى وأهمها أوروبا ...
 
كان حادث صحيفة شارلي والانتقام من القائمين عليها في رأيي باكورة الانتاج الإرهابي بالقارة العجوز ففي هذا الحادث وقع 12 ضحية على أيدي الإخوان كواشي والذين هم نجوم الشباك لإرهابيين داعش ...
 
ولكن و بدون خوض في التفاصيل دعونا نتكلم أو نحلل الأعراض وردود الفعل، فها هو هولاند يدعو رؤساء العالم الرافضين للإرهاب لمسيرة احتجاجية بل و يدعو الفرنسيين للتعبير عن رغبتهم في محاربة الإرهاب ، و سرعان ما تحركت وسائل الإعلام لنشهد أكبر مسيرة في فرنسا منذ عدة عقود ، أكثر من مليون فرنسي من جميع المحافظات و تصدر للمسيرة من زعماء أوروبا ، وكان شعار الحشد "أنا شارلي" أو لنفهمه ونعربة كلنا شارلي ...
 
لم يكن شعاراً عفوياً ولكن معبراً عن تضامن جماعي مع الضحايا ، فالجميع فداء لحرية الرأي والتعبير التي يكفلها القانون الفرنسي والتي ربما بكل أسف لم تمنع السخرية من المقدسات والأنبياء وهذا ما أثار الجدل على أرضنا العربية ...
 
أثار الشعار جدلاً واسعاً بين مؤيد لاستخدامه و معارض لاستخدامه ، بين من لا يرى وجوبية التضامن و يعوز ذلك الرأي إلى أن الغرب لم نرى منه أي تضامن سابق مع قضايانا ، ها هى القضية الفلسطينية بلا حل ونزيف الدماء مستمر، ها هي سوريا تدمر و 100 الف قتيل  بلا تضامن، ها هى العراق تنقسم و تذوق الأمرين من داعش ، ها هو الغرب قاسي القلب حتى مع المسيحيين العرب و الذي تركهم يشردون و يذبحون على أيدي الدواعش و من معهم و من ذلك فلا يجب التضامن في من لم يتضامن معي ....
 
و كان هناك فريقا أخر، متضامناً  بوضوح مع "شارلي" ، فريقاً يرى أن التضامن و القيم الانسانية  مطلقة فلا يوجد أي سوء من التضامن مع ضحية للإرهاب ، مفسراً رأيه بأنه لا يجب أن تكون عقوبة القلم هى السيف و من ذلك و رغم الغصة في القلب من آثار الإساءة للرسول الكريم ، تضامن جزء من المصريين و العرب و أطلقوا شعار "أنا شارلي" ...
 
و بدون الخوض في قضية التضامن من عدمه، لنسأل الغرب أو فرنسا أو متصدري مسيرة الإرهاب... فإن كنت أنا شارلي فهل كنت أنت أحمد الحارس وأول ضحايا الغدر والإرهاب ؟؟
 
للأسف أنا شارلي و أنت لست أحمد ، فالغرب و فرنسا و من معهم هم لازالوا يرفعون شعار المصلحة بلا أي تضامن، فها هم حتى هذه اللحظة بل حتى بعد الحادث يصدرون لنا الإخوان أوالتيارات الفاشية الدينية حزباً سياسياً بل يدعمون وجوده ، هاو هو الغرب  لازال يرى العنف في مصر أو في أي دولة من هذه التيارات سوى تعبيراً عن الرأي ، لم يرى الغرب ها هو الغرب لازال "يستهبل" و يدعي عدم معرفته بعلاقات التنظيم الدولي للإخوان بالتنظيم الدولي لداعش ...
 
لم يفعل الغرب مثل أحمد ، لم يحاول حماية حرية وأرواح العرب ، لم يرعى أو يتضامن مع مضارين فلسطين، لم يتضامن الغرب مع حق المصريين في الحياة الآمنة وفي ظل القانون ومنها حقهم في رفض وجود حزباً إرهابياً مسلحاً في الوسط السياسي، ها هو الغرب يرفض ثورة الشعب على رؤوس الإرهاب في 30 يونيو متذرعاً بالديمقراطية والصندوق، لم يحمي الغرب العراق مثلما حاول أحمد حماية الصحيفة بل سمح بتقسيم العراق وأضارة شعب بالكامل، ها هو الغرب تارة داعما لداعش حتى 2014 و بعد 2014 محارباً لداعش ، و أخيراً و نظرة للبؤس الليبي ، ها هو الغرب ساكناً أما تفتيت الدولة الليبية غاضاً للبصر عن مآساتهم مقابل البترول الليبي و الذي أصبح يمتلك 80% من مكاسبه بعد سقوط القذافي ...
 
للأسف لم يكن الغرب مثل أحمد و الذي حاول حماية الصحيفة و من فيها منفذاً للقانون والدستور وقام بوظيفته حتى أزهقت روحه على أيدي الغدر على الرغم أنه بالتأكيد كان رافضاً للرسومات المسيئة و لكن قضى نحبه حماية لأرواح المسيء إليه ، فكان من الممكن لأحمد الاستسلام أو معاونة الإرهابيين أوالتآمر حسب المصالح والأهواء، كان من الممكن أن يسهل مهمة الإرهاب مثلما سهل الغرب مهمته بأراضينا ....
 
لم يتحلى الغرب بأخلاق أحمد، فمع اختلاف أرض الصراع ومع اختلاف المصالح اختلفت القيم، فبدل من أن يقف لحماية العرب من الإرهاب كان متآمراً و داعماً له و لأحزابه رافضاً لاقصاءهم ومتباطئاً في حربه معهم  حتى ذاق من نفس الكأس ...
 
فنعم أخلاقنا تسمح بالتضامن مع شارلي فالإسلام دين عدالة  ولم يكون يوماً عقاب الرسم هو السيف كما لن نقبل يوما أن نفترض أستاذيتنا على الآخر أو نعتقد في حقنا في إيذاءه ، ولنعلن أيضاً أن من حق دولة فرنسا تطبيق القانون وتعريف حرية التعبير كما ترى حتى لو جار على حقنا في عدم الإساءة لمقدساتنا أو سب رسلنا والذي في مضمونه يحمل لنا إيذاء نفسي كبير كل ذلك رغم أننا نرى بوضوح أنكم لم ولن تكونوا يوماً مثل "أحمد" ...
تعليقات القراء