مروان يونس يكتب: حتى لا نكون يوماً من الدواعش - مقال مش حيعجبك!!

طالتنا الصحف في أوائل الأسبوع الماضي بتصريح لشيخ الأزهر أو عن الأزهر كمؤسسة يرفض تكفير داعش ، و منذ ظهور التصريح ازداد اللغط و ازداد الهتاف، هتاف فلنحارب الكفار و لنقاتل الدواعش وهتاف و ضجيج من الناحية الأخرى مهاجماً الأزهر رافضاً تصريحه ومتهماً إياه بالتدعوش داخلياً..
و حتى نكون من المنصفين لابد من تحليل الموقف بهدوء أولاً، هدوئاً يمكننا من قراءة الواقع لهذا التصريح و لنحلله سوياً من جميع أبعاده ..
 
البعد الأول والسؤال الأزلي من "الكفار" نحن أم الدواعش ، سؤال اتأكد أن كثيراً بل أغلب المصريين البسطاء من الذين فرض عليه الهوس الديني يفكرون بهذه الطريقة، فنظرا لسنوات إظلام العقل و القلب من هلع الخطاب الديني التكفيري و الذي لم يتوفر سواه إعلامياً خلال آخر 20 عاماً تحول الدين لوطن وتحول الصراع ولبه إلى الدين و أصبح الهدف الأسمى ليس بناء الأمم و التطور و زيادة الموارد أصبح نصرة الدين الذي صدر للبسطاء أنه مهدداً واجب الحماية ..
 
فالمصريين المرتعدين و المرتعشين من شيخ الأزهر و عدم تكفيره لهذه المجموعة لم يكن إلا بسبب أنهم تم ضرب معتقد رئيسي لهم في العمق، فمع عدم توفر قناعة سوى الدينية وعدم توفر أعداء سوى أعداء الدين أصبح جزءً كبيراً من الشعب لا يستطيع القيام بحرب أو مباركة حرب إلا لو أعطاها رجال الدين المشروعية الكاملة بل وألبسوا أحداثها وأسبابها لباس الدين وليس لباس الوطن ومنه فلو نحن نحارب داعش فلابد لأنهم كفار ومنه تفرض عليهم العقلية النقدية أمراً آخر فماذا لو الدواعش ليسوا كفاراً فإذن هم مسلمون و منه تصبح النتيجة نحن الكفار !!!
 
هنا تأتي المعضلة والتي تتكون من دولة لا تستطيع تمرير الثقافة لشعب بدأ في الاستفاقة و بدلاً من أن تبدأ تأخذ آلياتها اتجاه الحركة نحو التنوير اتجهت مجبرة بسبب الهوس الديني لإبقاء الوضع على ما هو عليه و تضميد الجراح و استبدال رجل دين برجل دين آخر أكثر هدوئاً ووطنية و عدلاً ، و من ناحية أخرى نجد إعلام مهلل مليء "بالريالة" ينساق وراء أي حدث يزايد و يزايد بعيداً عن لب الأمور و أساسها و يذهب فورا ليأخذ وضع ما يطلبه المستمعون وليس ما يطلبه الوطن و بدأ ينسج المؤامرات حول الأزهر و أخونته الخ الخ ...
 
و بعد اكتمال المهزلة نكتشف أننا لم نتعلم شيء، وبدلاً من تصحيح المفاهيم أن الحروب تخاض من أجل الأمن القومي والحفاظ على الدول و الحدود و الشعوب نتحول جميعاً لجماعة دينية إخوان بشرطة نطالب أولاً بتكفير العدو حتى نشرع دروشتنا الدينية و تبرير مقاومته ...
 
اذا ما هو الفرق بيننا و بين الإخوان أو مهاويس أبو إسماعيل فهم أيضا كانوا ينتظرون يوميا خطب مشايخهم التي تكفرنا يومياً على الفضائيات لتبرير العدوان على مجتمع بالكامل و شعباً بأكمله بل تبرير التخابر لهدم الدولة على من فيها طالما كان باسم الرب ...
 
للأسف كان البؤس سيد الموقف ، فبدلاً من أن نأخذ خطوات جديدة نحو دولة متحضرة أخذنا خطوة للوراء مطالبين ظهور هام جديد للدولة يبرر لنا أفعالنا بل الأكثر أسفاً يبرر لنا حفاظنا على أمننا القومية و دولتنا العظيمة ...
البعد الآخر و هو الأزهر و هنا ألوم من قلبي كل المؤسسة على السماح بإصدار هذا التصريح في وقت حرج ووسط شعب لم يخرج بعد من تأثير مباخر المهاويس بالدين و التي كانت تزكم الأنوف إبان حكم دولة الإخوان بل أن أكثريتهم لم يتعافوا بعد من تأثير هذه المباخر ، ثم نفاجيء بدلاً من أن يخرج الأزهر من هذه المعادلة بتصريح أن قتال المعتدي جائزاً شرعاً سواء كان من الخوارج أو الكفار أو حتى من أي نوع ...
 
لم يستطع الأزهر عمل الموائمة السياسية و الدينية معا فوقع في رأيي في الخطأ محاولاً مسك العصا من المنتصف ، محاولاً ارضاء الدولة و ارضاء الدواعش داخله و الذين نعلم علم اليقين بتواجدهم ، فالمذهب الوهابي المعتمد أصبح جزءً من الأزهر خلال السبعينات و له منتظرينه و مهاويسه و الذين مستمرون في علاقاتهم الخارجية لفرضه مذهباً رئيسياً بل محاولين فرض سيطرته من الداخل ..
 
فأعتقد كان من الأفضل و من الحكمة عدم التصريح و الذي كان تبريره منطقياً بأنه شأناً وطنياً لا علاقة له بالدين ، فبالتصريح تم التصريح للجميع أما بالعودة للهوس الديني أو التشكيك في حرب داعش و دفع البعض لتاييدها أو التصريح لمن يريد مهاجمة مؤسستنا الدينية العريقة أن يهاجمها و بكل الوسائل ..
 
للأسف خرجنا جميعا خاسرين بسبب التصريح بل فتحنا الباب مجدداً للمزايدة سواء باسم الدين أو باسم الحرية و من ذلك فعلينا جميعاً أن نقف وقفة مع النفس و لنبدأ محاولات حقيقية و محترمه بل و محترفة و بالتأكيد مجردة من الأهواء بتصحيح المفاهيم حول الحرب و البقاء و الدولة و الدين و المؤسسات و علاقتها بالوطن و الأهم العمل بجدية لتكوين وعياً وطنياً لجيل جديد محترم يستطيع قيادة الوطن ، هذا الوطن الذي بدأت استشعر خطراً على بقاءه مننا أنفسنا ...
تعليقات القراء