هالة منير بدير تكتب: مازال التحري جاري على بتاع كفاية!

تهمته هي التهمة الأزلية .. الإنتماء لصفوف الثوار، الإنتماء لكل من كان له يد في خلع مبارك، الإنتماء لصفوف حركة " كفاية " ..
الأستاذ عربي كمال كاتب ومحامي يحمل درجة الماجستير في القانون جامعة عين شمس، شاب ثوري حمل على عاتقه هم هذا البلد وحارب مبارك في أوج مجده ولم ينتظر قيام ثورة أو خراب مالطا لينفر لديه عرق الشجاعة والجرأة والحماسة لهجاء الرئيس المخلوع  ونقده غير خائف في الله لومة لائم فعانى الاعتقال والتخوين مثله مثل آلاف غيره أرادوا التغيير بصدق وإعمال وإحقاق مباديء الثورة واستمر هكذا في عهد المجلس العسكري وعهد الإخوان وحتى الآن ..
 
مأساة الأستاذ عربي حلقة جديدة مكررة في مسلسل قديم، مسلسل " ليالي أمن الدولة" ، بتدخلها السافر في أمر التعيينات ، إنما اليوم فالمشهد الأكثر فجوراً هو انتقامها الجلي من شباب الثورة، سأروي لكم بالتفصيل حكاية الأستاذ عربي مع الأمن الوطني بحسب ما جاء على لسانه، تتلخص في :
1. قام أحد الوسطاء بذكري للأمن الوطني فجاء الرد : ( قُول لبتاع " كفاية" كفاية عليك، مالكش أكل عيش عندنا ) .. !!
2. قام مندوب جريدة كبرى في وزارة الداخلية بسؤال أحد ضباط الأمن الوطني منذ ثلاثة أشهر عني فكان الرد : ( مش دا الواد بتاع ِكفاية ؟! العيال بتوع كفاية و6 أبريل لا تعيين لهم !!
والقصة تفاصيلها كالتالي :
طبقاً لموافقة مجلس الوزراء بجلسته رقم 13 المنعقدة بتاريخ 15 / 12 / 2011 أثناء حكم المجلس العسكرى بشأن تعيين حملة الماجستير والدكتوراة دفعات من 2002 حتى 2012 على وظائف دائمة بوحدات الجهاز الإدارى للدولة، فقد تم ترشيحى للعمل بالهيئة القومية لسكك حديد مصر " محامٍ " وقد تسلمت جواب تعيينى بتاريخ 9 / 1 / 2014 وفى نفس اليوم سلمت لهيئة السكة الحديد جواب ترشيحي، وسلمت كافة أوراق التعيين المطلوبة فقامت الهيئة بإرسالي إلى الكشف الطب بعدها بأسبوع وجاءت النتيجة بأنه لاموانع طبية، وحين طلبت استلام عملى قيل لى فى انتظار " تحريات الأمن الوطني ".. !
 
فانتظرت رغم أن مسوغات التعيين لا تشترط وجود تحريات أمنية!
 
وفوجئت فى شهر 4/4 / 2014 باستلام زملائي العمل وجلسوهم على مكاتبهم وحين طلبت استلام عملي قيل لى أن الأمن لم يرسل تحرياته الخاصة بك !! 
وذهبت إلى أمن الهيئة فاكتشفت أن التحريات جاء فيها التالي : (( لامانع من تعيين فلان وفلان الخ الخ الخ )) .. وكُتِبَ أمام اسمي " مازال البحث والتحري جاري " فانتظرت مُقدراً الظروف السياسية التى يمر بها الوطن، وفى شهر 7 / 2014 اتجهت للهيئة لاستلام عملي، فقيل لي أن تحرياتي لم تأتِ بعد ، وأن الهيئة أرسلت للأمن الوطني أكثر من إفادة تحثهم على سرعة إرسال التحريات الخاصة بي إلَّا أنَّ الرد دوماً كان يأتي " مازال البحث والتحري جاري "، فقدمت لأمن الهيئة مذكرة فيها عناويني، عنوان إقامتى السابق، وصورة من عقد محل إقامتي الذى أقطن فيه، ومحل عملي، وكل مايساعد الأمن الوطني على إنجاز مهمته، وأرْسَلَت الهيئةُ الخطابَ إلى الأمن الوطني وجاء الرد أيضاً " مازال البحث والتحري جاري " .. !!
 
قدَّمت تظلم برقم ( 854 ) لرئيس هيئة السكة الحديد بتاريخ 19 / 10 / 2014 كى يقوم بتسليمي عملي ولم يتم الرد عليه !!
وقدَّمْت مذكرة إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان التى أرسلت إلى وزارة الداخلية بتاريخ 15/10/2014 مذكرة برقم (213) للرد إلَّا أنَّ وزارة الداخليه لم ترد !!
علماً بأني قدمت صحيفة الحالة الجنائية الخاصة بي والتي تثبت أنه ليس عليّ أي حكم قضائي، وعلماً بأنه لم توجه لي في حياتي أي تهمة جنائية أوسياسة ولم يجري معي أي تحقيق فى أي تهمة مهما كانت طوال تاريخ حياتي، ولا أنتمي أنا وأي من أهلي إلى أي تيار ديني .. !!
 
وقدمت الصحيفة الجنائية لوالدي وأخوتي وخالي والمثبت بهم أنه ليس عليهم أي أحكام جنائية ( تحريات الهيئة شخصية وليست عائلية، لكني بادرت بذلك عشان عارف أنهم ممكن يستعبطوا ) !!
وقدمت ما يفيد أني كنت ضد جماعة أو تيار الدين السياسي من خلال مقالاتي بالصحف ومناظراتى التليفزيونية مع أقطابهم، والبرامج الحوارية الخاصة بى ضدهم موجودة على اليوتيوب ومتاحة، وأيضاً كنت صاحب كلمات أغنية " هنا الميدان مسجد كنيسة وبرلمان " والتى تدعو للوحدة الوطنية والتى أصبحت أغنية قامت الإذاعة المصرية بتنفيذها وإذاعتها، بل وجعلتها تتر برنامج شهير على إذاعة القاهرة الكبرى، ومازالت كلمات أغنيتي حتى الآن تصدح فى مقدمة البرنامج !!
 
لكن لا حياة لمن تنادى وفؤجت بالأمس أن أمن الهيئة القومية للسكة الحديد يُخبرني بوصول الإفادة من الأمن الوطنى باعتراضه على تعيينى ..!!  ... عربي كمالِ
 
بالطبع تعلمون ويعلم الأستاذ عربي كمال كيفية الحصول على تعيينه الموقوف، كيفية الحصول على الأمان من أذرع وسيقان وذيول أمن الدولة، فالشاب الثوري الذي رفض المشي جنب الحيط وفرد قلوعه لابد من الآن وصاعداً وأن يتخذ شعار " يا حيطة داريني" ويتغنى ويترحم على أيام مبارك، وياريت يغَيَّر نغمة موبايله لأغنية " تِسلم الأيادي"، ويضع بوستر كبير لصورة السيسي على بلكونة بيته، وأن يَتَبَرَّأ من كل مقالاته التي كتبها في حق مبارك والمجلس العسكري، وبالطبع يُبقي على التي كتبها ضد الإخوان ليثبت أنه ليس بخلية إخوانية نائمة، وأن يجلس على القهوة وسط رفاقه في ثورة فجر يَنظم الشعر في بهاء مصر أم الدنيا على يدي السيد الرئيس، فلربما أخذوه بالأحضان في اليوم التالي، وفرشوا له الأرض رملاً أو كسوها بسجادٍ أحمر لأنه تعلَّم الدرس جيداً ولم يعد بحاجة إلى مزيد من البحث والتحري .. 
ممارسات الأمن الوطني ضده وضد غيره وتعسفهم وتدخلهم في أرزاق الناس والتحكم في مستقبلهم ما هي إلا حلقة ضمن حلقات القمع المنظم الممنهج ضد كل من قال ويقول وسيقول لا في وجه الظلم والاستبداد .. 
 

 

تعليقات القراء