مروان يونس يكتب: «القاهرة 28 نوفمبر 2014» لن تكون «طهران 1981»

1981 حملت تغيراً جذرياً في مسار الثورة الإيرانية وهو اليوم التي تمت فيه إقالة القيادة الليبرالية للدولة، إقالة أبو الحسن بني صدر من الحكم بقوة سلاح الحرس الثوري الإيراني و بغطاء الهايا باسم الرب و بقرار من الخميني ... كانت أحداث جامعة قم هي الباعث الرئيسي لتكوين ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني والذي كان عبارة عن ميليشيات كثيفة العدد من الشباب الغاضب والمسلح المؤمن بقيادة الخميني وحكمته وأيضاً المؤهلين لاختيار الدولة الدينية بديلاً عن الدولة العلمانية "الكافرة" في رأيهم للشاه ...كانت إقالة أبو الحسن بني صدر والسيطرة على الحكم بدعاوي تردي للأوضاع وعدم تقدم في الحرب مع العراق والأهم عدم تحقيق أهداف الثورة في 79 ، ولكن في مضمونها عملية استئصال واقصاء بشكل كامل لجميع شركاء ثورة البازار والتي تصدرها الليبراليون والاشتراكيون والذين تحولوا في نظر الخميني ومن معه من شركاء ثورة إلى تيارات سياسية مارقة عن طريق الثورة و مخالفة لإرادة الرب... 
 
اللاعب الرئيسي الدائم بالمشهد كان الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المسلحة التي كانت تجوب أروقة طهران عند الطلب وعند الاستدعاء من قيادات الثورة الدينية الروحية ليحركوا الأوضاع في صالحهم السياسي فارضين الأمر الواقع بقوة السلاح والفوضى حتى على سلطات الدولة والتي كانت في كل مرة تؤثر حقن الدماء بسبب الأعداد الغفيرة من ثوار الخميني وحرسه الثوري حتي استسلمت الدولة ...ومن خلال تلك الأحداث والتي كانت ترويعاً مباشراً استسلم الجميع لإرادة شباب جامعة قم وحرسها الثوري واستلم الخميني ورجاله مقاليد الأمور في البلاد ليشكلوها على الوضع الحالي الذي نراه مقصية الجميع ومعدمة الجميع من المعارضين ....
 
وعودة للثورة المصرية والتي مرت بمراحل ربما تكون مشابهة بعض الشيء للثورة الإيرانية في الشكل ولكن كان المضمون مختلفاً تماماً، فالفارق الكبير والرئيسي كان استلام الإخوان للسلطة فوراُ بعد الثورة وليس أبو الحسن بي صدر "المصري" ، و كان الفشل فشل الإخوان وليس التيار المدني ... فخلال استلام الإخوان للسلطة والقيام بحكم مصر خلال سنه كانت الأصعب ، تبدل الأمر فبدل من أن يفقد الشعب الثقة في الحكم الليبرالي فقده في الحكم الديني وأيضاً بدلاً أن يكون الخميني و رجالة و حرسة الثوري إنتاج جامعة قم هو الحل الأخير أصبح الجيش هو الحل الأخير و الأهم خلال هذه السنة تم الكشف عن جميع كروت و جميع وسائل وسبل التيارات المدعية الدينية و كشف نواياهم في تبديل لون الدولة وتحويليها من دولة وطنية تتسع للجميع لدولة الخلافة والتي لا تري سوى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ...
 
ايماء إلى ما سبق سرده من أحداث تاريخية لثورة الإيرانية كانت الملهمة على مر العصور لجميع التيارات الدينية وأيضاً ربطاً بدعاوي 28 يناير والمرتبطة بثورة مسلحة يطالب بها أنصار الشريعة والإخوان أو في المجمل التيارات الدينية الإرهابية ،ومع الولع بإعادة إنتاج التاريخ ومع عدم توفر أي كتالوج آخر لثورة إسلامية دينية بخلاف كتالوج الثورة الإيرانية لم يتبقى للتيار الديني سوى محاولة إنتاج طهران 1981 لكن بالقاهرة 2014 .. اختار الإخوان و من معهم هذا السيناريو الإيراني لأسباب اعتقدوا في صحتها، أولاً أن حكم حل الأحزاب الدينية يوم 27 نوفمبر ومن المتوقع أن تحل هذه الأحزاب والتي تدعو لفاشية مؤكدة مما قد يثير كل التيار الديني ويستطيعوا من خلال تلك الاستثارة جمعهم وتحويلهم في صفوفهم وحشدهم لمواجهة الدولة و الشعب معاً كانتقام الهي على عدم تنفيذ إرادة الله التي يعتقدون أنها ممثلة في وصولهم للحكم، ثاني اعتقاد استمرارية وجود بعض القيادات الدينية بالشارع مثل أبو الفتوح ومن هو على شاكلته ومن ذلك توفر قيادة سياسية للموقف على الأرض إن نجحت تلك الأفكار والدعاوي التي بدأوا فيها من الآن بغرض ترهيب السلطة و الشعب .. ثالث اعتقاد أن أعدادهم ستكون كبيرة جداً مما يمنع ممارسة العنف المباشر ضدهم على الأرض سواء من الجيش والشرطة ما سيتيح لهم فرض أمر واقع بالسلاح على الجميع  تماماً مثلما فعل الحرس الثوري من 79 إلى 81 بإيران .. رابعاً أن الغطاء الدولي لازال متوفراً لهم فها هي منظمات حقوق الإنسان مستمرة في حربها الناعمة ضد الدولة ولازالت الدولة بدون مؤسسات مكتملة ومجلس الشعب لم يتم للآن بل و حرب الإرهاب لازالت مستمرة في سيناء ... خامسا حول جامعة قم، فأحداث الجامعات المصرية الهمت التنظيم وأعتقد أنه من خلال الفوضي سيستطيع أن يدفع طلاب الجامعات للانضمام إليه بغرض الانتقام من الدولة في المجمل وحتى لو بيد الإخوان ...
 
آخيراً.. اعتقاد أن هناك حالة غليان من قرارات الرئيس أثرت بشكل ما على شعبيته، وهي قرارات الاصلاح الاقتصادي للسوق والتي بسببها يعاني بعض أو مجموعة كبيرة من الشعب المصري والتي هي موجعة شكلاً ولكن مفيدة و فعالة مضموناً ... و لكن وحتى لا نقع في حالة الترويع الافتراضي التي يريدوننا أن نقع فيها يجب أن يعلم كل منا التالي: أولاً حكم حل الأحزاب الدينية سيزيد المجتمع صلابة وتماسكاً حول إرادة سلطة تطبق القانون والدستور وأن الأحزاب الدينية والتي تعتقد في شرعيتها الالهية فقدت كل شرعيتها الشعبية أمام فضائح جنسية وأمام استخدام الدم فالربط بين الرب وهؤلاء الأشخاص وإن نجح في بدايات يناير فالارتباط النفسي لدى الشعب قد انتهي ...
 
ثانيا أبو الفتوح ليس آية الله خميني ولا بديع أو مرسي، كما لم و لن يصلح أي من الأخوان الأحياء لهذا الدور ففارق القدرات واضح تماماً ، ثالثا في حالة المغامرة والحشد بهذه الطريقة وبالسلاح فالشعب المصري المراد ترويعه قد تعود على الترويع و ربما ستكون مواجهة نهائية ودامية ينتهي فيها التنظيم تماماً هو ورجاله ليس بيد الدولة فقط ولكن بيد الشعب والذي مع الوقت نمت فيه قدرات المواجهة بل و قدرات الترويع المضاد ... رابعاً بخصوص الغطاء الدولي الذي يعتقدون فيه  فهو هش للغاية ، فها هي أمريكا و حلفاءها بدأوا في البحث عن مصالحهم بل دخلوا في تحالف مع سلطة يونيو التي تريد الإخوان الانقلاب عليها ضد الإرهاب و الممثل في داعش فالروابط بدأت تمتد مرة أخرى والمصالح تتصالح ولن تغامر الولايات المتحدة مجدداً مع تنظيم أثبت فشله عدة مرات ... أما خامساً فالفارق كبير بين جامعة قم و جامعة الأزهر، والفارق كبير بين قدرات الخميني على الحشد بعد فشل الدولة واضعاً نفسه في خانة الحل الأخير وبين قدرات طلاب الإخوان على الحشد بنظرية أننا فقط ممثلين الالهة والإسلام وفي يدهم طلب للعفو الاجتماعي بعد سنة من حكم مرسي العياط والذي فشل هو الآخر أن يكون خميني مصر ..
 
و أخيرا ، أما الرئيس الممثل للسلطة الذي يريدون الانقلاب عليه ليس أبو الحسن بني صدر ولكن رئيس بالإجماع أتى من المؤسسة الأقوى في مصر وهي القوات المسلحة، بل يمثل حائط الصد الآخير ضد الإرهاب فلا تنازل عنه أوعن الدولة والتي بدأت تتحرك بحرفية داخلياً وخارجياً وحتى لو كانت عليها بعض الغضب و الملاحظات  ... و من هذا و حتى لا نطيل ، فاستيراد السيناريو الإيراني غير ممكن، وتكوين الحرس الثورى أمراً خيالياً لن يحدث و حتى لو غامر التنظيم بآخر كارت معتقداً في نجاحه سيضع نفسه أمام تصفية مجتمعية مباشرة ضده، فلا يجب أن نخاف ولكن يجب علينا توخي الحذر كما يجب علينا بشكل اكبر مراجعة علاقات وأيويلوجيات هذا التنظيم و مكتب إرشاد مصر بمكتب إرشاد إيران و التي في اعتقادي مرتبطة يشكل بالغ، والأهم على المجتمع المصري عدم الوقوع في الخطأ أو النزول في حشود مضادة لهذا التيار الإرهابي رافع السلاح حتى لا يصدر المشهد للعالم تحت عنوان "الفوضي" و هذا مايريده التنظيم الدولي ، و من ذلك لنترك قواتنا المسلحة و الشرطة التعامل المباشر معهم على وضعهم الطبيعي كمجرمين حاملي سلاح حتى لا يكون ممكنا تعريفهم بأي صفة سوي "إرهابيين" وهى حقيقتهم ... مصر ستنتصر 
تعليقات القراء