د.محمد صلاح البدري يكتب: عزيزي إبراهيم عيسى.. جربت تذاكر باطنة؟!

 
كان عميد الأدب العربي طه حسين يؤمن..أن عدوه الأول هو الجهل..وأن رسالته هى أن يحارب الجهل والجهلاء الذين عانى منهم طوال حياته..ولم لا  فقد كان الجهل وراء فقدانه لعينيه على يد حلاق الصحة وهو طفل.. و كان الجهل وراء مهاجميه الذين اتهموا شاعره المفضل "المعري" بالكفر والإلحاد.. ولذلك فقد أصر على الحصول على الدكتوراة في شعر "المعري" تحديداً.. لأنه أصر على محاربة الجهل..بالعلم!
والواقع أن البعض لم يعد يؤمن بهذا المبدأ.. ولا بأي مبدأ.. فقد أصبحوا يكتفون بادعاء الثقافة والعلم.. واتهام الآخرين بالجهل.. دون أن يفندوا أسباب هذا الاتهام .. أو حتى يثبتوه!!
لقد خرج علينا أحد الإعلاميين بتصريح غريب مشوه.. فقد صرح بثقة كاملة.. أن طالب الطب "جاهل" ثقافياً ودينياً تماماً و لا يفقه شيئاً سوى أن يحفظ ويصم ما عليه من مواد علمية.. ولهذا فهو صيد سهل للتيارات المتطرفة! 
لقد اكتفى الأستاذ المناضل القديم .. بأن يتهم طلبة الطب بالكامل بأنهم جهلة..ويبرر هذا الجهل بأن قيادات الإخوان دائماً ما يكونوا من خريجي تلك الكلية المكلومة..دون حتى أن يحاول أن يفكر في تفسير أخر..
والواقع أن المناضل القديم ..والمحارب الشجاع ضد نظام مبارك قد استطاع أن يمحو تاريخه باقتدار مثير للإعجاب.. فقد باع تاريخه النضالي الكبير.. واشتري بثمنه إحدي الدفوف التي تدق للنظام ...فتحول من مفكر -كنا نحسبه عظيماً- إلى صاحب برنامجاً إعلامياً ..يهمه في المقام الأول أن يجذب أكبر عدد من المشاهدين.. حتي لو فقد احترامه لنفسه..
لقد اتهم المناضل الأطباء بالجهل.. و لم يتخيل أن انضمامهم بصورة أكثر كثافة لتلك الجماعة الضالة المضلة.. لم يأت إلا من غياب البديل.. فطالب الطب - على عكس ما يقول مفكرنا الكبير- دائم التفكير والتأمل..ربما أكثر من غيره من الطلبة..وهو دائماً ما يبحث عن اليقين الذي وجده في عظمة الخالق في خلقه.. فتتلقفه الأيدي التي تنتظر من تلك الجماعة.. فتجنده بسهولة رافعة شعاراتها البراقة.. دون أن تنجح سيادتك ومن معك من المفكرين والمثقفين في تقديم البديل الناجح له.. و مجابهة الفكرة بالفكرة.. و الانتصار عليها 
ًلقد فشلت سيادتكم ومعك جيلك بالكامل من الترويج لأفكاركم بين جموع الشباب.. فنفروا من حولك .. و لم يجدوا في أعوام جدباء عاشوا فيها في عصر مبارك  إلا الأفكار المسمومة التي حمل لوائها جماعة الإخوان.. فما كان الإقناع عسيرا..
عزيزي الصحفي الكبير.. والمفكر العظيم..إن الصورة الكوميدية التي تتخيلها سيادتكم لطالب الطب الذي يرتدي عوينات سميكة ويحمل على كتفيه أسفاراً غير موجودة سوى في ذهنكم .. وإن لم تصدقني.. فإنني أدعوك لأن تمر على إحدي كليات الطب القريبة من منزلك.. لتشاهد بنفسك كيف يفكر هذا الطالب الذكي..أو الأسهل من ذلك.. فيمكنك أن تبحث عن إحدي كتب مادة "الباطنة" لتقرأها!! 
أتفق معك كثيراً ان الطريق قد ضل بالكثيرين منهم.. و لكن ليس الوصول لليقين بالأمر الهين.. ودور المثقفين من التيارات المختلفة لم يكن موجوداً .. فلا تلم الظمئان إن لم يجد ما يروي عطشه إلا من معين فاسد..
لم تحاول سيادتك أن تجذب هذا الشباب الواعي المثقف المتحمس- دائماً- بفكرة مضادة.. بدلاً من أن تتهكم عليهم وتتهمهم بالجهل ..ثم تنام قرير العين..
عزيزي المناضل الكبير.. طالب الطب ليس جاهلاً ولا ساذجاً.. و جهادك للبحث عن الحق و العدل والإنصاف قد تحول إلى جهاد للبحث عن الإثارة الصفراء.. فادعوا ربك أن يحسن ختامنا جميعاً.. واستقم.. يرحمنا و يرحمكم الله! 
 
تعليقات القراء