مروان يونس يكتب: مصر ببرلمان أم بدون؟؟

دعوني أولاً قبل أي شيء أشاطر القاريء العزيز مخاوفه وارتباكه بل وأقدر بكل حواسي مخاوفه من البرلمان القادم والذي تحت أي ظرف من الظروف هو منعطف خطير ومؤثر في حاضر مصر ومستقبلها ...
 
ومن ذلك فلنتصارح جميعاً أن لدينا مخاوف عديدة و شكوك في البرلمان القادم سواء من حيث التركيبة السياسية أو الاجتماعية أو حتى العمرية فيه، فالبرلمان القادم هو أم المعارك لدولتين ماضيتين ولجيل سبعيني وثمانيني كان دوماً ممثلاً للنخبة و للإرادة الشعبية سواء قسرياً وبالإجبار في عصر مبارك أو ثورياً و"أيضاً بالإجبار" بعصر الإخوان أو من خلال المداهنة حالياً لثورة يونيو، والتي أراها حتى الآن ثورة عظيمة ....
 
ًفمخاوف المصريين السياسية مشروعة، فالوسط السياسي مليء بالترويع، وسط يتصدره أحزاباً لازالت لاترى للشارع أي أهمية ولازالت تعتقد أن من خلال احتلالها لمنابر مدينة الإعلام ومن خلال ادعاء اقترابها للسلطة أنها بذلك تكون حجزت مكانا بالبرلمان وذلك على سنة 2010 و 2011 ، أحزاباً مستمرة على الوقوع في نفس الأخطاء وهى السعي للتكييف القانوني لقوانين ممارسة الحقوق السياسية لتتماشى مع القدرات الضعيفة لأغلب قياداتها المستترة وراء جيل سبعيني أثبتت أغلب آلهته و أيقوناته فشلهم بأغلب القرارات السياسية خلال آخر 5 أعوام، مدعين وساعين في معظم الأوقات لفرض القائمة النسبية وتعظيم أثرها حتى يكون الشعب أمام اختيارات معلبة صنعتها تلك الأحزاب في مكاتبها السياسية وأماناتها العامة وذلك لضمان مقعد في المجلس، هذا المقعد الذي يسعون إليه بغض النظر عن جودة و كفاءة جالسيه  ...
 
و نتيجة لذلك فنجد أن جميع المعارك السياسية لازالت تتمحور حول القائمة والدخول فيها ولا يتم الاجتراث للمقاعد الفردية وهي الأهم بامتياز ف80% من البرلمان نتاج النائب الفردي، و يظهر ذلك جلياً في محاولات الأحزاب حتى الآن تغيير القانون و زيادة عدد القائمة بدلاً من جذب المجهود المناسب في اجتذاب نواب الفردي و الذين في أغلب الأحيان هم قيادات سياسية شعبية حقيقية صناعة الشارع ...
 
ومن الترويع أيضاً في المشهد السياسي هو المشهد العمري لقيادات المستقبل شيخ سبعيني نحترمه و لكن لم يفي بأحلام المصريين و شاباً صاحب 25 عاماً مفتقداً لأي خبرة للقيام بأي دور فعال، فظاهراً يعتقد مصدر المشهد أنه يرسل رسالة للمصريين تجمع بين الخبرة و الشباب ، و لكن في باطن المشهد نرى بوضوح افتقاده للقدرة أو الكفاءة والتي يمثلها جيل وسطي من 35 إلى 50 لازالت الحرب قائمة عليه من الجميع  ...
 
للأسف تعدد المشاهد بهذا الشكل زادت من شعور المواطنين أن لا جديد في المستقبل بل بخطورة البرلمان حتى بدأ الكثير من الناس يعلن عن هجرته للاهتمام السياسي و الاهتمام بالشأن العام ، و من ذلك بدأ استشراء شعور لدى الجميع بضعف المشاركة القادمة في الانتخابات ...
 
 
أما عن المخاوف الاجتماعية ، فمع هجر الأحزاب للمقاعد الفردية و ترك الساحة خاوية و نظراً لما قامت و تقوم به النخبة و تحت غطاء "غير مفهوم" من الدولة باستمرار العمل بنفس الآليات و الأشخاص و الأفكار وحتى الجيل أصبحت انخفاض المشاركة المتوقعة للتيار المدني في التصويت واقعاً أمام ثبات في القدرات التصويتية لتيارات الدينية و الإرهابية و الذي ظهر جلياً خلال جميع الصناديق الماضية ، ومع قياس الوضع الاجتماعي و الاقتصادي المصري و وجود أكثر من 50 % من المواطنين في حالة عوز دائم سيزيد من تاثير المال و الرشاوي الانتخابية و التي هي أحد أهم أسلحة تيار الإرهاب ...
 
وتلخيصا للوضع الاجتماعي فمع مرور الوقت و استمرار بؤس النخبة و عدم ظهور كوادر أو نخبة جديدة بل و مع كل يوم تأخير بالانتخابات يتنامى تأثير المال "فالحاجة واحدة" و الأخطر الانتقاص اليومي لقدرات التيار المدني التصويتية و قدراته على الحشد بسبب تصدر القيادات السبعينية المحروقة للمشهد إلى الآن و هي غير مرغوب فيها جماهيرياً ، مما يصب مباشرة في صالح دولتين ماضيتين و ضد مباديء ثورتين متعاقبتين أيهما تحب و تختار فيكون الناتج أو المنافسة منحصرة بين رجل أعمال باحثاً عن وضع اجتماعي إضافي و لا يفقه أي شيء بالسياسة أو بين كادر من الصف الثالث الإخواني أو محبينه ومؤيديه مدعوماً بالمال و بالتنظيم الدولي و المحلي  أكثر خطورة على الدولة ...
 
 
و مع استمرار هذا المشهد  بدأت الجماهير تستشعر الخوف من المستقبل بل بدأنا نسمع أصواتاً تنادي بوقف إجراء انتخابات البرلمان لأجل غير مسمى على غرار نظرية "الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح" محاولين درء مفاسد متوقعة من البرلمان القادم و الذي إن استمر الحال على ما هو عليه لن يكون غريباً أن نرى برلماناً كل همه وقف قرارات الرئيس و عرقلتها و مشاركته في السلطة التنفيذية ولو على جثة مصر، أو برلمان من رجال الأعمال بلا تأثير أو برلماناً على سنة برلمان 2010 ينذر بخطر أشد ...
 
و لكن إحقاقا للحق دعونا نعترف أولاً أن دولة بلا برلمان دولة غير مكتملة المؤسسات و في وضع خطر مما يؤثر سلباً على أي أعمال و خطط للرئيس ،
دولة غير جاذبة لأي مستثمر كبير في ظل وسط تكون القرارات فيه غير مؤسسية و عرضة للتغيير في أي وقت ،  
دولة لا يوجد فيها متنفساً سياسياً فمنع المتنفس السياسي لأكثر من مليون مصري يعملون في هذا الوسط بأنواعة أمراً خطيراً ، فبدلا من أن يجدوا متنفساً للمشاركة سيصنعوا متنفساً للمعارضة ووجع القلب ،
دولة يكون الحمل التشريعي فيه بالكامل على الرئيس و مؤسستة و التي نثق فيها و لكننا نريد بكل الأشكال الحفاظ عليها أمام ضربات الإخوان الإعلامية والأمنية  بل والضغط الدولي الاقتصادي ، فالرئيس و مؤسسته هم صمام الآمان الأخير للوطن ...
 
و أخيراً لنعترف أن مخاوف البرلمان مشروعة و نتائجه ربما تكون مخاطرة و لكن لنعترف أيضاً أن الواقع و المستقبل بلا برلمان و بلا حياة سيادسية متزنة هو أكثر خطورة ،
 
و لكن من المؤكد أن علينا جميعاً العمل ، سواء كسلطة و بداية محاولة التدخل السريع التشريعي في قوانين ممارسة الحقوق السياسية بغرض تمكين جيل جديد و نخبة جديدة تمتلك القدرة و المبادرة لتحقيق الحلم و الابتعاد عن الاعتماد على نفس أدوات و أشخاص الماضي لتحقيق مستقبل مغاير أو نتيجة مختلفة ، و آخر نصيحة للسلطة عدم السير وراء شيوخ السياسة في حربهم و تهميشهم المتعمد لجيل يبدأ من منتصف الثلاثينات حتى أول الخمسينات  مصورين لكم أن الشباب هم من دون ال 25 و التي هي حرب أجيال و مصالح صريحة على الكراسي و ليست في صالح الوطن ...
 
 
و نهاية على الشعب الصبر و الثبات فحتى لو تأجل البرلمان و مهما حدث ، فلنعلم جميعاً أن البرلمان الحقيقي و الوطني الخالي من الإخوان و من معهم سواء متواطئاً أو مؤيداً هو باب الخروج من الأزمة و الذي بدون المبادرة و الشجاعة لفتحة ستظل مصر قابعة في وضع حرج ، كما يجب أن يعلم الشعب أنه لازال عليه أدواراً قادمة لانقاذ الوطن سواء بالعمل و الإنتاج أو المشاركة السياسية ،
فرغم أني من أنصار خطورة التأجيل و لكن أثق بشعب مصر و بقياداتها في قدرتهم على اجتياز المرحلة و تخطي الخطورة سواء كان البرلمان الآن أو بعد حين "لا أتمناه حينا كبيرا" ...
تعليقات القراء