سقراط يكتب: عن حرب لا تشغلكم اليوم!!

يرى الكثيرون من داعمي أي نظام فاشي، أن أي حديث يدور حول الحريات والعدل هو فتح لباب الخيانة و العمالة، هم يدركون أن نظريتهم باطلة، يعلمون جيداً أن الحريات وإقامة العدل ستسمح لفتح الساحة أمام عقول لا تخاف النظام ولا تعرف الصمت عن عيوبه التي قد ترقى إلى الجرائم، هم يخافون على النظام ولا يهمهم الوطن، مايشغل بالهم الجلوس على مائدة السلطان، يخافون علي مكانتهم أكثر من أي شئ آخر !!
تزداد المأساة اذا كانت الأمية بين الشعب تسجل نسب عالية، والفقر يسجل نسب قياسية والخوف يعشش في القلوب والصمت هو الشئ الوحيد الذي يسمع صوته !!

الناس تهمهم فيما بينم أن الظلم انتشر ، يخافون أن يعلو صوتهم فيكون مصيرهم في زنزانة أو عربة ترحيلات مغلقة يموتون بداخلها غدراً ، الفقر يمنعهم من انتزاع حقوقهم ، قلة الحيلة ودوامة الحياة تجعلهم متمصمرين بأماكنهم ، قد يبكون على أسرتهم من سوء الحال ، يتحول البكاء إلى نظرات خوف في الصباح وتستمر الحياة بين الفقر و الخوف و الخوف و الفقر !!

يظهر من وسط المحكومين بالخوف، جماعة ترفض أن تستمر ، ترفض أن يكون ما يعرفونه عن الحياة هو الخوف و الفقر ، ترفض أن تظل صامتة يوم أن ترى الظلم ، ترفع صوتها ، تسابق الزمن لترفع يد الظلم الغاشمة عن الغالبية الصامتة ، تدفع هذه الجماعة ثمناً غالياً لما تفعل ، تدفع ثمن الحب كراهية و ثمن الحرية سجن وثمن الحياة موت !!

اليوم مات أحد أهم أعضاء هذه الجماعة، اليوم مات الأستاذ أحمد سيف الإسلام، اليساري العتيد، المناضل العنيد، الذي دافع عن من يرونه كافر عندما رأى أن من بينهم مظلوم، الذي أسس أسرة من المناضلين من أجل حق الناس في الحياة ، فهو أب لابن يدفع ثمن دفاعه عن الحرية في سجون النظام، ولابنة أخرى تدفع ثمن رفضها لتقنين الظلم سنوات من شبابها، وفتاة آخرى تبحث عن فراشات و تطارد الظلم أينما كان !

مات الأستاذ المناضل وهو رافض تبرير القمع و الفاشية، مات وابنائه لم يحظوا بالقدر الكافي من القرب منه في لحظاته الأخيره ، مات ولم يستكمل مرافعاته في الدفاع عن أهم موكل عنده ، ابنه علاء ، مات من كان يحلم بوطن بلا تعذيب ، ويأمل في بناء نظام ديمقراطي آدمي !!

قد لا تشغلكم حروب حقوق الإنسان ، قد يكون كل ماتعرفونه عن أحمد سيف الإسلام أنه أب لعلاء ، قد ترون أن علاء هو ذاك الفتى الأهوج العميل "الحكوكي" كما تتندرون بذكركم لهذا اللقب، لكن اذا رسمت صورة لابن ولد وابيه حبيس السجون وعندما كبر صار هو الحبيس وابيه صار لايوجد على أرض الشقاء ، أصبح لن يراه ثانية ، أصبح لن ينعم بحضنه لمرة أخيرة ، صارت كل اللحظات المليئة بالحب ماضي لن يعود ، تخيل بعد رسمك لهذه الصورة كيف يكون كم الكراهية التي يحملها هذا الابن لمن حرموه من ابيه في طفولته وشبابه !!

أعلم أن الكثيرين اذا كانوا في نفس الموقف سيحملون نفس الكراهية ، لكن لازال خوفهم يمنعهم من حتى التضامن مع غيرهم ، لكن دائرة الظلم ضيقة للغاية و ستشمل كل الصامتين الخائفين المرعوبين من انتزاع حقوقهم ، والجماعة التي أشعلت الحرب التي لم تكن تشغل العامة ستصبح في الغد جزء من موجة عارمة تصرخ ضد القمع و الظلم ، ترفض أن تستمر في السماع للأكاذيب ، تفتك بالسجان وتفتح أبواب الحرية للمظاليم

اليوم الحرب لاتشغلكم، لكن في الغد ستصبح حربكم الأولى بعد أن تعوا أن حقوقكم لاتقبل التبديل أو الابتزاز أو المقايضة ، قد تدفع جماعة صغيرة ثمناً باهظاً في معارك مختلفة ولكن ستنتصر في نهاية الحرب !!

وداعاً الأستاذ أحمد سيف الإسلام !

تعليقات القراء