مروان يونس يكتب: ممكن أقول رأيي؟

ربما هذه المرة لن أتحدث عن وضع سياسي أو اقتصادي ولكن سأدخل في موضوع في منتهى الأهمية، موضوع هام ليس بسبب مضمونه و لكن بسبب اهتمام العموم من المصريين به، وهو قصة عبد الرحيم علي وصندوقه الأسود، سأقول رأيي بصراحة ، رغم إيماني أن هذا الرأي لن يعجب الجميع، فمشكلة رأيي هذه المرة أنه سيكون الأقل تأييداً  بل يقع في منطقة ستستدعي شهية اللجان الإلكترونية للطرفين لرحلة اغتيال معنوي، فدعونا ندخل للمشكلة في مضمونها و نتحدث أولاً عن تأثير عبد الرحيم علي وبرنامج الصندوق الأسود والأهم نستعرض بالذاكرة أثاره ومساهماته في تشكيل الرأي العام، أولاً لنعترف أن عبد الرحيم علي يمتلك ما يكفي من الأدوات التي مكنته من الحصول على العديد من التسجيلات لكثير من الناس ، تحصل عليها من خلال فاعل خير أو من خلال الدولة أو من خلال برامج إلكترونية حديثة تمكنه من التصنت ، المهم تمكن عبد الرحيم علي من التسجيل لكثير من الناس  ...
 
لن أدخل في تحليل كيف حصل البرنامج على التسجيلات و لكن سأتحدث عن نتائجها، لنعترف جميعاً، نعم لقد كشف عبد الرحيم علي الكثير من خبايا ما يدور في الوسط السياسي و خبايا يناير والتي كانت نتائجها على الوطن من الدمار ما يكفي ليلعنها الكثيرين بل الأغلبية الآن، نعم لقد شكلت هذه التسريبات الرأي العام ضد فترة حكم الإخوان بل كان في مضمون الكثير من ما عرض ما يستدعي تحريك الدعاوي الجنائية ضد من كانت التسريبات لهم، نعم تسريبات عبد الرحيم علي كان لها الأثر في توعية الناس بخطورة مثلث الإخوان - قطر - أمريكا على الوطن و كانت من أهم الأدوات في انتقاص أعداد من كان يؤيد الإخوان أو حتى موافق على تجربتهم في حكم مصر، هنا يأتي السؤال الأهم، هل من حق عبد الرحيم علي التسجيل وهل من حقه العرض؟
 
ففي ظل معركة قومية ووطنية ضد الإرهاب تستخدم الدول والأفراد كل الوسائل  السبل لدرء الأذى بل يستخدم المجتمع أيضاً كل الأدوات للحفاظ على نفسه ومن ذلك الحرب الإعلامية .. فكانت لحظات الماضي لحظات حرب و كان عبد الرحيم علي أحد الجنود فيها الذين قاموا بدور بالغ الأهمية وتصدر صفوف المواجهة، وأعترف أولاً أنا من المقدرين للدور الوطني للرجل، ولكن لنتحدث عن الوضع الراهن، ولنستدعي الذاكرة ماذا حدث من إجراءات قانونية حيال ما عرض من معلومات ؟؟ وهل المعلومات للإعلام فقط ؟؟ ماذا تم من إجراءات بعد إذاعة التسريبات وبعد أن فهم الجميع خطورة الإخوان ؟؟
 
في رأيي هناك قصور شديد في متابعة ما عرض خلال فتره الصراع المباشر مع الإخوان ، قصور في تحويل هذه التسريبات من تسجيلات تعرض ببرنامج لأدلة جنائية يلاحق من خلالها المتهمين 
لم يعتمد أحد إلى الآن على دولة القانون واستمر الاعتماد على دولة الإعلام واستبدل المصريون العقوبة الجنائية والسجن بالعقوبة المعنوية والتشهير للجاني،  فأخطأ عبد الرحيم من عدم  التحرك بالقانون و مخاطبة السلطات لتحقق فيما نشر من مكالمات و تخرج للمواطنين بنتائج قطعية الثبوت ، فحكم المحكمة عنوان الحقيقة، ولكن و بكل أسف لم نرى أي تقدم في هذا المجال، فقط رأينا استمرار لتسريبات ثم تسريبات، و للأسف أيضا مع الوقت ومع توفر الخامة اللازمة استمر البرنامج حتى أصبح الاستماع للمؤامرات التي تحاك ضد مصر و ترتيب الخطط لهدم الوطن جزء من التسلية و تحول لبرنامج ترفيهي ...
 
و من ذلك و بكل أسف لم يعد عبد الرحيم و تسريباته ذو قيمة كبيرة للمشاهد رغم خطورة البعض منها، و بكل أسف بدأت التسريبات رغم أهميتها تفقد الزخم رغم خطورة بعض ما يعرض ...
 
الجزء الأخر من المعادلة، والسؤال الأهم هل من الفضيلة استمرار التسريبات بهذا الشكل ؟؟ ربما ترى قوى اليمين أنه لابد من ذلك ولكن هل هذا العمل قانوني ؟؟ و هل نريد دولة قانون أم لا نريدها ؟؟ هنا السؤال الأهم، فإن وافقنا جميعاً على ما فعله برنامج الصندوق الأسود وقت الحرب الإعلامية لابد أن نعرف أنه سلاح وقتي وليس أسلوب حياة وآن الأوان ليأخذ البرنامج شكل أكثر حرفية وتأثيراً...
 
ثانيا بالنسبة لدعاة الفضيلة ومن يهللون بكليشيهات حرية الرأي و التعبير وخلافه، للأسف هؤلاء أيضاً أخطأوا خطأ أكبر فمنذ يناير وهذه القوى تستدعي العنف السياسي تحت اسم الثورة وتؤيد الحرق و التدمير تحت دعاوي الغضب بل نفس هذه القوى من كانت ترى أن اقتحام جهاز أمن الدولة و السجون واجب وطني ، بل كانت نفسها من تتباهى بنشر المستندات لخصومهم السياسيين بعد الاقتحام رغم أن أغلبها لم يكن مكتملاً في شكل جريمة و كان قيد التحقيق وألبسوا كل تلك الإفعال الإجرامية لباس فضيلة الثورة كنوع من التبرير ...
 
لم يتخيلوا يوماً أن ربما ينقلب السحر على الساحر، فالآن ومع تغير الأوضاع من مسرب إلى متسرب له فوجئنا بأطنان من الفضيلة و القيم تظهر على المجتمع بل دعوة منهم للجميع بالتحلي بالأخلاق والالتزام بدولة القانون وخلافه، و لكن و بامتياز لم يلتفت أحد إليهم فهم أبطال التسريب في يناير وما تلاها من أحداث ...
 
ومن ذلك، حقول رأيي وأجري على الله، أولاً لابد للسيد عبد الرحيم علي من مراجعة المحتوى بل والوصول لهيئة قانونية تقوم بنشر ما لديه من تسريبات في شكل حرفي وقانوني، ونصيحة حتى نعيش يوماً في دولة القانون ليحرك الدعوى الجنائية أولاً قبل إذاعة الحلقة فأعتقد أن إيرادات الإعلانات تكفي ليكون لديه محامي متوسط الحال والموهبة ...
و النصيحة الثانية للدولة، لابد من النظر بجدية لمحتوى البرامج وألا يكون شكل الإعلام الذي فرضه علينا أبطال يناير وإخوانهم المتأسلمين هو النموذج الإعلامي الذي نريد بناء عليه الدولة الجديدة ..
والنصيحة الثالثة لمدعين الفضيلة، الأيام دوارة وللأسف لن يسمعكم أحد هذه المرة فلتراجعوا أنفسكم والأهم تراجعوا قيمكم، فالقيم لا تتجزأ ...
تعليقات القراء