سقراط يكتب: أنت عيل دماغك بايظة!! ‎

نتحدث بالمنطق في بلاد لا تعرف عنه غير كونه منهج دراسي في الثانوية العامة ، يحفظونه لا لحبهم فيه لكن ليجتازوا امتحان في نظام تعليمي لا يرقى لمرحلة الفشل حتى ! ، عند حديثك بالمنطق وتحليلك للأمور بأسلوب منهجي ، تجد أن هواة الحفظ السائرون مع الموجة يعارضونك و يتهمونك و يقولون "أنت عيل دماغك بايظة !!"

في عهد جماعة الإخوان ، كان مرسي رئيس ومسئول عن ظلام يخيّم على البلاد ، وجنود تموت على الحدود، ومتظاهرون يسحلون و يضربون ، وعن كل دماء تهدر ، واليوم يصبح أيضاً هو المسئول ، لا تعرف كيف يكون هذا ، فالإعلام و نشرات الأخبار و برامج حوارية تبذل مجهوداً غير عادي في إبراز هذا ، بالرغم أنهم لو قالوا ما كان يقولونه على مسئولية الرئيس في عهد مرسي ، لاداخروا جهداً وافراً في مايفعلون اليوم !!

اذا قولت أن مرسي كان قائد أعلى للقوات المسلحة ومسئول عن سلامة كل جندي بالجيش و مسئول عن تقديم الحقيقية عن أسباب مقتل الستة عشر جندي الذين قتلوا في رمضان قبل الماضي ، تصبح من المقربين ومن الشباب الواعي المدرك لأبعاد الأمور بل و يتهللون بكلامك ، لكن إن قلت أن السيسي اليوم تقع على عاتقه مسئولية مرسي فيما يخص مقتل جنود الفرافرة تصبح "عيل دماغك بايظة ومتركبة شمال؟!! "
إنهم يتبعون منطق جديد ، منطق لا يعرف الحقائق  لكن يعتمد تزيفها  لخدمة مصالحهم حتى لو ثمن ذلك موت شباب الجنود الآبرياء !!

منذ شهرين ، حدث هجوم علي كمين بالفرافرة وقتل ٦ جنود ، ٦ مشاريع لحياة تنتظر النور بعد أداء الواجب الوطني ، ٦عائلات ملكومة وأمهات ثكلى ، والنتيجة أن الكمين تحول لكتيبة وكانت النهاية مقتل أكثر من عشرين جندي لتصبح المجزرة الأبشع في تاريخ الجيش على أيدي مجهولة ، لماذا لا نسأل عن سوء تسليح وتدريب الأفراد ؟!، ولماذا إن سألنا نصبح نشكك في وطنية الجيش ؟! ،  ولماذا يتكرر الإهمال مرة تلو الأخرى ؟!!
كل هذه الأسئلة  تدور في رحاب المنطق و كلها تخدم مصلحة البلاد ، لكن لا يريد أن يعترف بها من غلب الهوى قلوبهم و جعلهم يرون في المنطق "دماغ بايظة !!"

القائد الأعلى للقوات المسلحة يرى أن موته بديلاً عن الجنود هو الحل ، و يتوعد الجناه الذين لا نعرفهم دائماً ، و يعد بالثأر للجنود ، ولكن في النهاية يتلخص المشهد في جنازة عسكرية يتقدمها كبار المسئولين و بكاء للأهالي لا ينقطع ، ويذهب الحق مذهب سابقه و يصبح الأمر مادة إعلامية مثيرة لفتح نقاشات حول مهارة القاتل فقط وليس خيبة الفاشل والمقصر !!

تقول إنك تدعم  الحرب على الإرهاب ، وأن الرصاص وحده لا يكفي ، فيردوا مكررين جملتهم المعهودة "أنت عيل دماغك بايظة !!" تقول إن إعادة إنتاج القوانيين الفاشية الفاشلة لن يزيد الأمر إلا سوءً فيردوا "إنت إخوان ياض؟!"  تقول إن الضابط الذي يقتل و يعذب بالقسم أو السجن ، ماهو إلا إرهابي يعمل باسم الدولة ، فيردوا "أنت عايز الشرطة تنهار و البلد تقع ؟! "
أصبح كلامنا مكرر وردودهم مكررة وما يتغير هو عدد الضحايا لا أكثر !!

ستنهار الدولة و ستقع فريسة لداعش و أسوأ منها ، اذا استمرينا عن إغماض أعينا عن الفشل في إدارتها و التقصير المتكرر ، واعتمادنا على طرق العنف و القمع في حسم  صراعاتها ،  ووقتها سيخبرونك في التلفاز أن الإخوان و مرسيهم هم السبب وأن السيد الرئيس الحالي ليس له ذنب ولكن وقتها لن يصدق الناس ما اعتادوا أن يصدقونه اليوم ، لن يصدقوا تلك الحقائق المقلوبة !!

ستنهار الدولة مع كل قتيل داخل القسم أو السجن و مع كل شهيد يسقط ولا يعرف من قتله ومن قصر في حمايته ، ستنهار الدولة مع اعتماد الكذب منهجاً و قلب الحقائق ، ستنهار الدولة مع كل إعلامي يقول "مايموتوا واحنا مالنا؟!!" ، ستنهار مع كل تحرك للدفاع عن الفشل بحجة أنه يحمي هيبة الدولة ؟!!

يقول  أمل دنقل "لا تحلموا بعالم سعيد
خلف كل قيصر يموت ، قيصر جديد !"
صدق الرجل ، فكتب علينا أن لا نمتلك الطموح بسبب حكامنا ، كتب علينا أن نخاف اعتماد المنطق منهجاً ، كي لا يقولوا علينا "عيال دماغها بايظة ؟!! "

تعليقات القراء