مروان يونس يكتب: فيلم العملية بغداد بطولة «داعش»

بدأت الأخبار من محافظة الأنبار بعد اغتيال أحد قيادات صحوة العراق محمد خميس أبو ريشة وأحد أبناء واحدة من أهم العشائر بواسطة "داعش" و هم جيش القاعدة أو المقاتلين المنتمين لفكر القاعدة هناك، وذلك كرد على تدخلات الجيش العراقي شديدة القوة في هذه المحافظة و التي كان الغرض منها القضاء على ما يسمى بخلايا داعش ...

استمرت الأخبار بين مفاوضات و أخذ ورد من الجانبين مفادها ترك القصف و الاستخدام الشديد للقوة من الحكومة العراقية على المناطق التي يتمركز فيها هذا التنظيم مقابل هدوء نسبي في الأوضاع ...

 

في مجمل مؤشرات البداية نجد المنطقية و هي حكومة دولة تحارب الإرهاب وتفرط ربما في استخدام القوة مما قد يؤثر على مدنيين ، و في الجانب الأخر من المشهد تجد خلايا إرهابية في وضعها الطبيعي تحاول فرض سيطرة بالعنف من خلال تفجيرات و ما شابه لتكتسب مكاناً سياسياً في المشهد و تثبت وجودها في الصورة الكلية للعراق المنكوبة ...

 

و في تغير دراماتيكي و مفاجيء و بدلاً من أن نسمع عن التهدئة و بداية تسليم داعش للأمر الواقع في الأنبار و جدنا هذه الداعش تتحرك لتفرض السيطرة على أجزاء كبيرة سنية بالعراق بل و أمام حركتها بدأ الجيش العراقي يستسلم و يترك معداته مقابل تلك الحركة بل و الأدهي نجد أن المواطنين العراقيين ينقسمون حول الجيش العراقي بين من يبارك سيطرة "داعش" و من يرفض تلك السيطرة ، فتحول المشهد في العراق لمجموعة من الألغاز ...

-فهاهي داعش التي كانت تتوارى في الأنبار تتحرك بغرض إعلان الدولة العراقية و ها هي الدولة العراقية للمالكي تنسحب تدريجياً و بشكل عكسي و مفاجيء ...

- في زمن قياسي لا تستطيع تحقيقه سوى الجيوش النظامية ها هي داعش تتقدم بهدوء وبثقة لفرض هذه الدولة المزعومة على بلاد الرافدين ..

-  انسحاب الجيش العراقي بدون مقاومة في معظم الأماكن و هو جيش مشترك بين السنة و الشيعه أمراً بالغ العجب فلو انسحب السنة لعدم قتال السنة فلماذا لا تحاول الشيعة نصرة حكومة المالكي أو على الأقل مقاتلة الوهابية و التي تمثلها داعش ...

-  الدولة الكردية وفي ردة فعل "مؤكدا" تم الترتيب لها تتحرك هي أيضا لتطرد جيش "الدولة من أراضيها وأيضا الجيش يتوارى و لا يقاوم كأنه راضٍ عن ذلك ...

-   العمليات بالعراق مؤكداً و قولاً واحداً لن يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون داعش هي القائم عليها وحدها ، فالكل يعلم أنها تابعة و لو فكريا للقاعدة و الكل يعلم أن داعش لا تملك حتى العدد أو السلاح للسيطرة الكلية و فرض الأمر الواقع على الأنبار وحدها و لو كانت تستطيع كانت قاومت الضرب الجوي للمالكي و العنف المفرط في الأنبار سابقاً ...

-   اللغز قبل الأخير ، أين سلاح الجو و المدفعية العراقي صاحب قوة النيران الأكبر لأي داعش أو أي مقاومة عراقية سنية أو غير ذلك لماذا لم يتحرك و العراق تسقط تدريجيا في قبضة "داعش" كما يدعي الإعلام العالمي ...

-    اللغز الأكبر يبقى الغطاء و التعتيم الإعلامي عن العملية "بغداد" و هذه التغطية مباركة من معظم دول العالم و التي تريد أن يبقى المشهد مرتبكاً و ذلك حتى انتهاء المفاجأة ...

و من ذلك و حسب ما نرى أمامنا من أحداث على الأرض و بكل موضوعية ،

فأولا ليست داعش وحدها من تقوم بالسيطرة على العراق و لكن و بكل تأكيد يوجد تحت الغطاء السياسي المسمى "داعش" بقايا جيش البعث العراقي و قوات المقاومة السنية و كل الغاضبين من الوضع و الدستور العراقي "الأمريكي الهوى" و هو القنبلة الاجتماعية التي وضعت بالعراق بعد صدام وأدت حاليا لطيفنته بشكل مدمر ...

ثانيا  لماذا يتم التجهيز أو تنفيذ العملية "بغداد" تحت غطاء سياسي إرهابي كامل من جيش داعش و الذي بدأ يتولى التصريحات الإعلامية حاليا ، فالأغلب هو غطاء سياسي بحيث أنه في حالة عدم نجاحها تتحمل المسئولية وحدها ...

ثالثا هل الغرض من العملية هي القضاء على العراق و هي من تم القضاء عليها من 10 سنوات أو إعادة توحيد العراق سنيا مجدداً تحت قيادة البعث و المقاومة السنية و بستار مؤقت هو داعش بغرض القضاء عليها لاحقاً أو تحويلها و مقاتليها لاحقا في مكان آخر فالكل يعلم أنهم قوات مرتزقة برعاية أمريكية ...

رابعا حول الدور الإيراني ، في هذا الموقف و التي مواقفها السياسية إلى الآن و تصريحاتها ليست على مستوى الحدث أن هناك دولة إرهابية على الطريق ، فإيران إلى الآن تبارك ما يحدث في العراق و لو كانت هناك مباركة فهو تحت رعاية أمريكية ضامنة لإيران مكاسبها ...

 

نهاية فالأمر كله مربك لهذه اللحظة و ما يجري في العراق يحمل سيناريوهات متعددة تتحرك بين تقسيم للعراق بين أمريكا و إيران والسعودية، ثانيهما إنقاذ العراق بواسطة التحالف الذي ترعاه الخليج و هو تحالف السنة و ثالثهما محاولة توحيد العراق تحت لواء ما يسمى المقاومة و لاحقاً يتم الإنقاذ بخروج داعش من المشهد ...

 

و لكن في رأيي ربما هناك سيناريو آخر موضوعي مبني على فرض تصدر "داعش" للمشهد على الجميع ، السيناريو هو جر الشعب العراقي السني لعواطفة و دفعه للتوائم و التحالف مع جيش داعش الذي يعتبره العالم أجمع جيشا للإرهاب و منه إعلان دولة غنية يكون الإرهاب شريكاً فيها و تسليمه جزء من السلطة هناك ...

و من خلال هذه التركيبة و العملية  التي تسمى  "العلم الخاطيء – false flag" تقف العراق شعباً و حكومة "جديدة" في هذا الموقف الدولي كراعية للإرهاب و شريكة لداعش ، و من خلاله هذا الموقف يفرض الغرب الجميع و على دول الجوار حرب كبرى ذات مكاسب عديدة أمريكية ،

أولها تقليص قدرات التكفيريين وهو عملائها الحاليين و هو واجبا بعد اكتساب قدرات قتالية تنظيمية من خلال قتالهم لثلاث سنوات بالشام ، ثانيا بيع السلاح بغزارة مما ينقذ الموازنة الأمريكية ، ثالثا منع المنطقة من أي تنمية قادمة ، رابعا الخروج الروسي من سوريا بعد دخول العراق بالكامل كورقة تفاوض ، خامسا فرض سيطرتها تماما على الوضع من خلال الحلفاء الجدد تركيا و إيران و ابتعاد مصر تدريجيا عن المشهد و التي ستتحمل مقاومة الإرهاب وحدها بالخليج ...

 

حقيقة لنتابع الموقف فكما كانت بداياته غير واقعية و غير منطقية ربما تكون نهاياته أيضاً بنفس القدر من الغرابة و التعتيم و لكننا لا نملك إلا أن ندعو الله للعراق و للمنطقة أن تخرج من كبوتها وأن نبتعد قدر الإمكان عن آله الحرب في القرن الواحد و العشرين باراك حسين أوباما ...

تعليقات القراء