مروان يونس يكتب: مخاوف ما بعد الرئاسة

الآن نحن أمام استحقاقين انتخابيين يعتبروا الأخطر والأهم في تاريخ مصر الحديث، اكتسبوا أهميتهم من اللحظة التي يعيشها الوطن ، هذه اللحظة التي يوصفها الغالبية بلحظة بناء الجمهورية الثانية وانتهاء النفوذ السياسي للتنظيم الدولي للإخوان بمصر و المنطقة ...
ولكن أكثر ما يهمني في الأمر حاليا ليس الانتخابات الرئاسية ، فبعد تصويت المصريين بالخارج فقد بات الأمر شبه محسوما و ذلك لسببين ،
الأول عدد المصوتين من قاموا بالتصويت المباشر بالانتخابات من المغتربين مقارنة بالتصويت المباشر و بنفس الطريقة لدستور 2014 ، فعند مقارنة نفس الفترة الزمنية للتصويت على الدستور مع أول يومين تصويت للرئاسة نجد تغيرا إيجابيا بواقع تغير 150 % على أقل تقدر مما يزيل بعض المخاوف لضعف التصويت ،
أما التخوف الثاني فهو مركب ، ربما بسبب ارتباطه بشخص ونتيجة ، فالمرشح الضرورة في رأيي هو المشير عبد الفتاح السيسي و لاخوف عليه بعد قراءة المؤشرات ، أما بالنسبة للنتيجة فالمطلوب للقضاء على أي فكرة أو ادعاء شرعية مرسي هو تخطي حاجز ال 13 مليون صوت " و التي حصل عليهم بالمرحلة الثانية بفارق مريح و هذا أيضا متوقع من النتائج بل متوقع تخطي حاجر ال 20 مليون صوت ...
فموضوعيا باتت النتائج بالخارج مؤشراتها مرضية ، و لكن ماذا عن البرلمان ؟؟
فالفترة القادمة في رأيي هي الأصعب والانتخابات التالية هي الأخطر في ظل الدستور الحالي 2014 و هو الدستور الرئاسي شكلا و البرلماني مضمونا ...
فبرلمان 2014 لن يكون برلمانا عاديا مهمته الرقابة والتشريع و لكن برلمانا مشاركا في السلطة التنفيذية فارضا بشكلا ضمنيا توازناته على الرئيس في اختيار مجلس الوزراء و رئيس الوزراء مانعا بالدستور الرئيس من عزل أيا من الوزراء حتى بسبب التقصير أو سوء الأداء ،هذا البرلمان و الذي أن وصل لحالة العند السياسي أو لسبب سوء النوايا سيكون قادرا على شل مفاصل الدولة بالكامل ...
و لذلك فان على الرئيس القادم "المتوقع الآن" عدة أمور واجب أخذها بعين  الاعتبار ، الأول هو تهيئة الوضع لانتخابات برلمانية محترمة تفرز لنا نوابا خارج صندوق أيقونات الحزب الوطني و خارج مجموعة أحباء الإرهاب سواء ممارسة أو مشاركة أو دعما أو صمتا على غرار مجموعة "أنا مش أخوان بس بحترمهم" و ذلك من خلال إصلاح سريع و مباشر لوزارة الأوقاف وتمكينها من وضع يدها بقوة القانون على المساجد لتسوية آثار سنة من حكم الجماعة و إضافة لذلك تمكينها من التواصل و التوصل لوقف التحريض من الزوايا والتي أصبحت مرتعا لمؤسسات الدين العرفية غير الرسمية و التابعة للجماعات الجهادية و السلفية المتطرفة ...
ثانيا واجبا عليه أن كان يريد إصلاحا أن يسعى بكل اجتهاد وجدية لتهيئة وضعا سياسيا مناسبا لانتخابات نزيهة يكون الجميع فيها على قدم سواء سواء مرشحين الأحزاب أو مرشحين الفردي ليفرز البرلمان نوابا ذوي شرعية حقيقية من الشارع و ليس شرعية سياسية حزبية ربما اكتسبوها من قربهم من رؤساء الأحزاب الذين ينتمون إليهم أو قدرتهم المالية على شراء رؤوس القوائم بالمال كما حدث بالانتخابات السابقة ...
ثالثا يجب إصدار قانون مباشرة حقوق سياسية ببنود مؤقتة تسعى لتمكين الجميع من ممارسة حملات دعائية مناسبة بل و توفير وسائل الدعاية و المطبوعات بسعرا رمزيا او على حساب الدولة و منه أيضا فتح المقرات المملوكة للدولة لهم لعمل المؤتمرات الجماهيرية و حتى لا ننسى فيجب ايضا الاستثمار من الدولة في قناة فضائية تختص بشئون مجلس النواب لتتابع النواب سواء أثناء الدعاية أو أثناء الممارسة بالمجلس ...
 
ربما سيتهمني البعض بتحميل ميزانية الدولة أكبر من قدراتها و لكن الاستثمار في هذا البرلمان أمرا ضروريا ، فهو و حسب الدستور أما سيكون طوق النجاة و باب الخروج من الأزمة أو السبب الرئيسي في تحول مصر لدولة فاشلة يتنازع فيها البرلمان و الرئيس السلطات مما يضع الوطن في خطر الانهيار اقتصاديا أو يفتح الباب لعودة الإخوان على الساحة كلاعب سياسي إرهابي ...
 
أما عن الانتخابات نفسها و التصويت ، فإن على المصريين و الأحزاب أدوارا هامة ، فالكل يجب أن يعلم أن المعركة لم تنتهي فإن انتهت أحد جولاتها لصالح الوطن بمرشح يتمناه الأغلبية وسط جوا انتخابيا هادئا وديعا التفت فيه معظم الاحزاب سواء ، فإن انتخابات البرلمان لن تكون كذلك ...
 
و منه فمسئولية الأحزاب مشتركة مع رجال أعمال التيار المدني و أن ارادوا دولا خلال الجمهورية الجديدة ، فتقليص الاستقطاب واجبا عليها الآن و منه دخول المعركة بكتلتين رئيسيتين  أو ثلاث كتل على أكثر تقدير لمنع تشتت الأصوات و لتقليص نفوذ تيار الدين السياسي و هو القادر على التفاوض الداخلى و التوحد ، أما دور رجال الأعمال فيجب أن يعوا أن عليهم دورا وطنيا آخر و هو دعم هذه الكتل ماليا لتستطيع الصرف على نواب حقيقيين محترفين يستطيعون ممارسة المهمة الوطنية الدستورية الثقيلة الملقاة عليهم خلال البرلمان ، سواء مهمة الإصلاح التشريعي أو اختيار مجلسا وطنيا  للوزراء...
أما على المواطنين ، فواجبهم أن يعيدوا قراءة الدستور و يعرفوا مدى ارتباط هذا البرلمان بنجاح مصر و استقرار الجمهورية الثانية و التي لن تكون معتمدة على رئيس و برنامج بل معتمدة على مؤسسات قوية و مستقرة و أهمها الآن مجلسا للشعب يعرف و يقدر مصلحة الوطن ...

تعليقات القراء