د.محمد صلاح البدري يكتب: الصلح خير؟!..قول والمصحف!!

يقولون قديما أن غلطة الشاطر بألف..ولكن يبدو أن قائل هذه العبارة نسي أنه إن كان "شاطرا" بالفعل فلن يخطيء من الأساس!!

لقد صرحت حملة سيادة المشير منذ أيام قليلة أنه لا مانع من "المصالحة" مع الإخوان -غير المتورطين- في أعمال عنف!!.. و ردت عليها حملة صباحي أنهم لا يجدوا غضاضة في رفع علامة رابعة بجوارهم! ....يبدو أن شعار الحملات الرئاسية قد تغير في الأيام الأخيرة من تحيا مصر إلي "الكيف بيذل"!..فأصحاب هذه التصريحات العجيبة قد نسوا أو تناسوا أن إعلامهم الشريف ينعت التنظيم نفسه بالارهاب منذ عدة أشهر!!

هناك من قام بنفخ البالونة الإعلامية بكامل طاقته..حتي أصبح من الصعب أن تعود لحجمها الطبيعي...

لقد تحدث السيد المذيع في التلفزيون الرسمي بثقة واطمئنان: لقد قامت جماعة الإخوان "الإرهابية" بالدعوة للتظاهر يوم الجمعة القادمة..لاستعادة الشرعية!!
ليس صحياً أن تعيش وفي الجوار من يثق في عودة مرسي حتي الآن ... والأسوأ أن تعيش بجوار من يشاهد التلفزيون الرسمي من الأساس !!!

لم يفكر أحد في المستقبل القريب حين صرح بأنهم إرهابيين!.. و لم يفسر أحد من حملات السادة مرشحي الرئاسة ما السبب الذي يضطرنا نحن الشعب المسالم ..أن نتصالح مع إرهابيين!!

المشكلة الأكبر في هذا التصريح ليست في التبرير الذي سيتم صياغته ليمرر للشعب البسيط أن الإخوان ليسوا بهذا الشر الذي كنا نظن.. فهناك مشكلة أكثر أهمية بكثير...من قال للسيد المسئول أن الإخوان يريدون الصلح أصلا؟
إن التطرف الذي اتسمت به الرسالة الاعلامية في الشهور الماضية لم يكن يقل عن التطرف الذي تمارسه جماعة الإخوان انفسهم!! فالرسالة التي يروجها الإخوان لمريديهم واتباعهم لا تحوي حلولا وسطية.. الحل الوحيد الذي يرضيهم هو عودة مرسي و الانتقام من أعدائهم والعودة للحكم !!
ولهذا فإن الحديث عن المصالحة- ولو حتي من قبيل لوازم الانتخابات- لهو درب من الهراء!

لست من الذين يرفضون المصالحة الشاملة والمراجعة الفكرية ...علي اعتبار أن الحل الأمني دائما قصير الأمد.. و ما فعله عبد الناصر بالإخوان لم يقضي علي التنظيم بقدر ما اكسبه أرضية شعبية استند إليها في عصور ما بعده حتي وصل إلي ما وصل إليه... ولكن التلويح بالمصالحة في هذا التوقيت من أجل استقطاب أصوات انتخابية يدعو بالفعل للغثيان!!

إن صاحب هذا التصريح يثق بقبول الإخوان لهذا الحل .. نفس الثقة التي كانت لدي الشيخ حسني حين قاد الدراجة البخارية في الكيت كات! و من يعرض شروطا للتصالح مع من وصفهم "إرهابيين" ينتهي به الأمر عادة أن يقبل بالإرهاب نفسه ... كي يحافظ علي وجوده في يوم ما!!

إن قبول هذه التصريحات من القاعدة الانتخابية هذه الأيام لن تكون بسبب اقتناع المواطن البسيط أن هناك خطأ ما يجب تداركه.. إنما لأنهم يحنون لكوكب موازيا.. كان يحمل دولة تشبه دولتنا .. و كانت تخلو من الاعتصامات والمظاهرات والاشتباكات.. إنهم يحنون لعصر "كان ماله مبارك" !!...وقبول أعضاء الجمعية التعاونية لاستعادة الشرعية لصاحبها بديع وشركاه لهذا النوع من المصالحة لن يكون -إن حدث- الا كنوع من هدنة التقاط الأنفاس .. حتي يستعيد التنظيم قوته ثانية.. !

لستم في حاجة لأصواتهم أيها الرؤساء المحتملون..وقبولكم المصالحة الآن أو عرضها يعني اعترافا بحملات كاذبة مضللة قمتم بها من أشهر عديدة..وكما نعرف بالطبع جميعا..أن الكذب يؤدي إلي النار في الآخرة... أو إلي الوقوف أمام ريهام سعيد في الدنيا!!
 

تعليقات القراء