علاء الدين العبد يكتب: علموا أولادكم حلاوة روح

لم أكن أنوي الكتابة عن هذا الموضوع ، ولكن ما لفت نظري هو الحوارات التي دارت على صفحات الفيس بوك لدى العديد من الأصدقاء وخاصة الكتاب وفيها كثير من وجهات النظر برغم اختلافها وتباينها ، إلا أن ما استوقفني  كان من ضمن الذين ينادون  بحرية الفن والإبداع هو أن يحجر على رأي الآخرين إذا ما خالفوه الرأي .. المدهش أيضا  أن تجد بعض ممن يتأذون من باسم يوسف بحجة إيحاءاته الجنسية أصبحوا فجأة يرون أنه لا يوجد قيود على الإبداع .. 
حالة أعتقد أنها غريبة ، هذا كان بخصوص فيلم الآنسة هيفاء  ..
 
قرأتُ آراءً أراها غريبة بعض الشئ بخصوص فيلم " تيت تيت " ، والرأي الأول يرى أنه ليس على الدولة أن تتدخل في المنع أو الموافقة على عرض أو إنتاج هذه الأفلام ، ولكن على الشعب أن يختار بنفسه ويكون قادراً على مقاطعة هذه الأفلام ، وبالتالي يُجبر المنتج على اختيار وإنتاج الأفلام الهادفة المحترمة ..
 
الرأي الثاني  هو أن الإسفاف في جميع الفنون موجود وأنه سيظل وأن الأفكارالسيئة أو الشاذة  لن تقاوم إلا بالأفكار الجيدة والهادفة وذلك بتشجيع الدولة على الإنتاج الفني الجيد وحينها نترك للجمهور أن يختار ..
 
رأي آخر أنه إذا ما سمحنا للدولة  أن تمنع وترفض فإننا نعود مرة أخرى لأساليب قمع الحريات والإبداع في جميع الفنون وهو يعد انتكاسة للفنانين والمبدعين ..
 
بالطبع لا يوجد إنسان على أقل درجة من الثقافة أن يقف ضد الإبداع ولكن ربما وجب علينا أن نحدد أو نراجع مفاهيمنا عن الإبداع ، فرق كبير أن يقوم نحات بعمل تمثال لإمراة عارية وبين أن تقوم فنانة بتجسيد شخصية عارية في فيلم تحت مسمى فن السينما ، أعتقد أننا نكون بذلك قد تحولنا إلى أفلام إباحية ، وسنجد أيضاً دفاعاً من أصحابها بحجة أنهم ينقلون الواقع ولم يأتوا بجديد ، هل ننتظر أن نصل إلى هذا الحد ؟!!
 
الآراء السابقة كلها لها وجهات نظر تُحترم وبها كثير من المنطق لكن ربما غاب عن أصحابها الواقع الحالي الذي نعيشه ، والذي نعاني منه كلنا وهو تدني الأخلاق وليس بالضرورة أن يكون الفن هو المسئول عنه ، ولكن أعتقد أن دور كل أنواع الفنون هو الإرتقاء بالمُتَلَقِّي وليس العكس ، ربما نسى أصحاب تلك الآراء أن مرتادي تلك الأفلام من طبقات وأعمار معينة ، هي غالباً طبقة الشباب والصنايعية الذين تستهويهم هذه المشاهد ، وهؤلاء لم ولن يكونوا في يوماً ما على درجة كافية من الوعي الذي يؤهلهم للإختيار الجيد ، نعم أعلم أن هناك أفلام أجنبية وأفلام من دول عربية موجودة على الإنترنت فاقت بكثير ما نتحدث عنه ، ولكن ليس معنى ذلك هو الإقرار به كفن ، وإلا فلننادي بعودة شارع كلوت بك و نقول على الشعب أن يكون مسئول عن اختياراته ، وكذلك نسمح بتعاطي المخدرات وتجارتها بدعوى أن الشعب واعٍ بأضرارها ، وعلى رأي الشيخ إمام والخمارات جنب المصانع .. 
 
كيف لنا أن نصف شعب بأنه يفتقد أدب الحوار ، واختيار المفردات المناسبة ويبدع في السب والشتايم ، ويتلذذ بإلقاء الزبالة ويكره القراءة ، ثم فجأة نَصِفُه بأنه مثقف يُشجع الفن والإبداع ، شعاره " هيفاء " قبل الخبز دائماً .. نَجُوع ونَجُوع من أجل الفن .. 
إلى كل هؤلاء أقول لهم اجلسوا مع أولادكم وعلموهم حلاوة روح .
هذا الشعب يستحق الرثاء   ..
تعليقات القراء