مروان يونس يكتب: الانتخابات الرئاسية و«الامتحان القادم» بعد الدستور

نقلا عن الأهرام إبدو
 
قرب انتهاء التصويت على الدستور، هذا التصويت والذي مع عبور نتيجته لبر الأمان تكون مصر وحكومتها بل وجيشها وشعبها قد خطوا الخطوة الأولي من ثلاث خطوات من الاستحقاقات الانتخابية المتتالية، هذه الاستحقاقات التي تتخطى التعبير عن مزاج سياسي وقتي لشعب ما، إلى تعبير عن إرادة شعب لعبور محنته وانقاذ نفسه من محاولات احتلال داخلي بواسطة حزب فاشي دين ينفذ أجندة خارجية مقابل تمكينه من إدارة البلاد..
 
ولكن تبقى الخطوة الأهم، وهو الاختيار بين الاستحقاقين الانتخابيين المتبقيين «الرئاسة والبرلمان»، أيهما أولا؟؟  فلنحاول أن نأخذ مكان الرئيس ونحسب أي المغامرتين الأصعب على مصر الرئاسة أولا أم البرلمان أولا..
 
فلو الرئاسة أولا، فالانتخابات التشريعية بالتأكيد سوف تتوجه حول حزب الرئيس، وسيتجه التصويت نحو الاستقرار ومحاولة اختيار حزب متوافق معه ليأتي رئيس وزراء على نفس موجة الرئيس حتى لا تتضارب  السلطات وبذلك تتوافق المؤسسات ونخطو خطوة فعلية للأمام..
 
أما إن كان البرلمان أولا، فمن المؤكد حسب الدستور سيتم فرض وزارة على الرئيس «الغير معروف بعد»  وذلك حسب التركيبة السياسية له، ومن خلال هذه التركيبة ستكون هناك حصة في السلطة  لمؤيدي الفاشية  الدينية سواء من بقايا حزب الحرية والعدالة  أو أحزاب أخرى شبيهة له، ونأتي لسؤال أصعب أو مغامرة أشد  قسوة وستكون حول التأثير للبرلمان على اختيار الرئيس... وللموضوعية وحسب المزاج السياسي العام، اتجه الجميع نحو المغامرة الأولى وهي الأقل خطورة و المعتقد  أنها ستكون الأقل خسائر، فالخيارات المطروحة للمنافسة الحقيقية بالرئاسة ربما تأتي ببعض الاطمئنان للناخب المصري، فالمطروح على الساحة الفريق شفيق، صباحي، الفريق موافي، أبو الفتوح أو الفريق عنان وذلك في مقابل الفريق السيسي...
 
فحقيقة الفريق السيسي خارج المنافسة، بل يعتقد كثير من المحللين السياسيين أنه سيخوض الانتخابات بشكل وطني لإنقاذ مصر من الإخوان وذلك في حالة عدم الاطمئنان على النتيجة لها، فلشعبيته الجارفة لن يتمكن  أي مرشح آخر من منافسته أو الصمود حتى الجولة الثانية، وبذلك سيكون الشعب أمام مغامرة واحدة وهي مواجهة الضغوط الدولية والتي ستكون شديدة الضراوة على مصر متهمة الجيش بالانقلاب وذلك حتى لو نجح  السيسي في أفضل انتخابات شهدها العالم...
 
ولكن ماذا لو لم يخض الفريق السيسي الانتخابات؟؟ وماذا لو ترشحت الأسماء عالية في مقابل بعضها  البعض وبالأخص على التركيبة ثلاث جنرالات ومدنيين؟؟
 
حينها ستكون المعادلة صعبة جدا، ويعتقد حينها أن الأصوات ستتفتت بين أصوات القوى التقليدية من أنصار  الدولة والاستقرار بين فريق شفيق وفريق موافي وتتوحد الأصوات المدنية الرافضة لأي خلفية عسكرية  للرئيس حول حمدين أو مرشح آخر مدني، ولكن الأخطر ستتوحد الأصوات الدينية حول مرشحا واحدا، والمرجح وحتى يتناسب مع مزاج الشارع وأيضا حتى تكون المنافسة في الإعادة ممكنة لهذا التيار فيجب أن يكون مرشحا ذو خلفية عسكرية وبعيد نظريا عن هذا التيار ويفضل أن تكون من خصائصه عدم الاتفاق باطنا مع الفريق السيسي، أو قد يختار التيار الفاشي اختيارا آخر لمرشح مجهول وللموضوعية لنستبعد هذا الاختيار نظرا لعدم توفر السذاجة الانتخابية للإخوان المسلمين وهم محترفي انتخابات.... 
 
وهنا يكون مرشح الإخوان العسكري قد حصد 5 مليون صوت أكثر من نصفهم مشترى بالمال تماما مثلما حصل مرسي العياط قليل الموهبة على الأصوات وهو من سماه الشعب المصري "الاستبن"...
 
ومن ذلك يجد الشعب نفسه أمام إعادة بين تيار مدني ممثل في حمدين أو مرشح الإخوان العسكري المستتر،  وبالفطرة وللظروف الوقتية لن يغامر المصريون مع مرشح مدني آخر في هذا الظرف الحرج وسيتجه  التصويت لليمون مجددا وينتخبون العسكري وإن كان مشكوكا في نواياه، وهنا نأتي للمصيبة الأكبر...
 
ولكن في حالة خوض مرشحا واحدا للقوى التقليدية بين شفيق "رجل الدولة القوي" وموافي "رجل المخابرات القوي" ستتغير النتيجة وبالأخص الإعادة ويكون الفائز فيها وبامتياز أحدهما والذي إن وصل للإعادة وهو المرجح، سيكون هو الأقرب لحصد أصوات جميع الناخبين المدنيين، فكل من الجنرالين من ضحايا عصر الإخوان، الأول بالملاحقة القضائية والنفي الضمني والثاني بالإقالة من منصبه...
 
ولذلك يبقى السؤال، هل سيغامر الفريق السيسي في عدم خوض الانتخابات الرئاسية؟؟ ربما، ولكن إن لم يترشح فعلى الجميع إعلاء مصلحة الوطن.  
 
 
تعليقات القراء