علاء الدين العبد يكتب: الإرهاب الفكري.. من ليس معي فهو ضدي

حين قال بوش : من ليس معي فهو ضدي ، اتهمناه أنه يمارس الإرهاب ضد العالم ، نحن جميعاً نمارس الإرهاب ، حين قامت الثورة مارسنا الإرهاب ضد كل من أبدى مجرد تَحَفُّظ على الثورة وليس حتى رَفْضَها ، فوصفنا الجميع ( بالفلول والمتحولين والمتلونين ) ، مارسنا الإرهاب ضد كل من رفض التعرض بالنقد للمجلس العسكري في وقت توليه شؤون البلاد ، ضد كل من لم يوافقنا الرأي ، مارسنا الارهاب ضد كل مؤيدي شفيق ، ضد كل مؤيدي البرادعي ، فكانت النتيجة أن جاء مرسي ..
 
لَمْ نمارس الحوار والجدل أبداً للوصول للحقيقة بل لهزيمة الطرف الآخر بكل السبل سواء كانت حقيقة أم مجرد شائعات وادعاءات ..
 
كل منا لا يريد من الآخر إلا أن يوافقه الرأي و يبصم ويقر بالموافقة وكأنه يريد إجابة نموذجية أعدها هو سلفاً ، وإن حدث واختلف في الرأي معك في جزئية مهما كانت بسيطة فأنت متهم بسيل من الاتهامات ..
 
مارسه الاخوان معنا بمقولة شهيرة ( موتوا بغيظكم ) ، ومارسناه مع الإخوان بوصفنا لهم ( الخرفان ) ، وما زلنا نمارسه حتى الآن ضد الإخوان ونصفهم ( بعبيد المرشد وخرفان رابعة ) ، وهم لم يتوانوا أن يصفونا ( بعبيد البيادة ) ..
 
ما زال الإخوان متماسكين ، لم يحدث بينهم انشقاق كما حدث بين الفريق الآخر من الشعب الذي نزل في 30 يونيه ، استأنفنا ممارستنا للإرهاب مبكراً ، فمن وافق على 30 يونيو واعترض على فض الميدان بالقوة فهو (عميل و خلايا نايمة ومغيب ) .. وقائمة طويلة من الاتهامات كان أبرزها الطابور الخامس الذي لا أدري أين ينتهي ؟!!
 
تمر مصر بأكثر من حالة  لا أستطيع وصفها تحديداً سواء بالغباء أو المرض النفسي أو بالإستبداد أو الإرهاب الفكري ، لكم أن تصفوها كما شئتم ولكن بدون حَجْر على الآراء ، ربما يُمكن إلصاق السبب بالكراسي والمناصب ؟؟
 
من تلك الحالات ، نذكر حين اتَّهَمْنَا الإخوان بعدم إعمال عقولهم ، وسخرنا من الكتاتني حين قال : ( أخبرني وزير الداخلية أنه لا يوجد خرطوش ) ، وتقبلناها اليوم بصدر رحب حين قالها وزير التعليم العالي / حسام عيسى ، سبحان الله نفس العبارة !!
 
من تلك الحالات ، حين رفضنا واستنكرنا تصريحات أحمد شفيق عندما قال : ( نعمل هايد بارك كبير للمتظاهرين ونوزع عليهم بونبوني ) ، والآن يصرح محافظ الجيزة بتخصيص 3.5 فدان على طريق المنصورية من أجل تنظيم التظاهرات !!
 
لم نسخر من ذلك أو نستنكره وكأن المحافظ أنهى كل مشاكل المحافظة من مياه وصرف صحي وعشوائيات ، هل تفكير المحافظ لم يهده إلى أن تلك المساحة البالغة 14.700 متر مربع تكفي لنقل سكان منطقة عشوائية ؟؟!!
 
من تلك الحالات ، محمود بدر ، مؤسس حركة تمرد ، رفعناه إلى السماء حين كان ضد مرسي والإخوان ، ثم سرعان ما تحول وصفنا له بالولد التافه العيل " محمود بانجو" ، حين يَعْتَرِض على مواد بالدستور ، وهنا لابد أن نتذكر ونسأل أنفسنا جميعاً : ( هل التوقيعات التي جمعتها تمرد كانت حقيقية فعلا أم  كان الإخوان على حق حين اتهموا الحركة بأن وراءها أجهزة المخابرات ) ؟؟
 
من تلك الحالات أيضاً ، حين رفضنا قانون التظاهر في حكومة قنديل ووصفناه بأنه تكميم للأفواه وقمع للحريات التي هي من حصاد ثورة يناير والتي أتت بهم للحكم والتي هي بفضل الشباب الذي نزل للميدان وزهقت أرواحهم ، وحينها لم يكن هؤلاء الشباب إلا أبطال الثورة ، فجأة نالتهم السخرية والاتهامات وعلت صرخات النداء بالقبض على نشطاء السبوبة وعملاء أمريكا ، لا أدافع عن أحد منهم بل على العكس أستنكر أراء وأفكار الكثير منهم ، لكن يجب ألا نعمم و علينا أن نسأل من قدمهم للشعب وَوَصَفهم بالنشطاء السياسيين ؟ 
 
أخيراً كانت حالة  قانون التظاهر، الغريب والملفت للنظر أن كل من ينادي باحترام القانون والدولة يلعن أبو حكومة الببلاوي واللى جاب الببلاوي ، وكأن حكومة غيرها هي من وضعت القانون ، وفي نفس الوقت يردد : ( كلها شهرين و هيتعرض القانون على مجلس الشعب ) وهذا أراه مرفوضاً ، لأنه ببساطة شديدة  هناك فرق كبير بين الإعتراض على صدور القانون بالمرة ، وبين صيغة القانون نفسه التي صِيغَت بغباء ، وكأنهم يدفعونهم دفعاً للتظاهر، و حتى نكون منصفين : ألم نرفض هذا القانون في عهد مرسي ؟!!.. كان عندنا قانون الطوارئ ماذا فعلنا به ؟!! 
 
قانون لم نجن منه حتى الآن سوى سوء علاقة الشرطة بالشعب ، أنا لست مع التظاهر الآن ، ولكن هناك مشاكل لا يمكن حلها بالقوانين مثلها مثل الفتنة الطائفية .. 
 
البلد مليانة قوانين والمحاكم مليانة أحكام لم تنفذ ، هل احترمناها أو نفذناها ؟!!
 
حكومة لا تستطيع قياس رد فعل الشارع مثلها مثل حكومات مبارك ومرسي ، فكيف تستطيع إدارة مرحلة انتقالية حساسة وحرجة ؟؟
 
المؤسف جداً هو مقارنة كل شئ عندنا في مصر بأمريكا و أوروبا ، حين كان تقع  حادثة قطار أيام مبارك كان مبارك يعدد لنا الحوادث في العالم ، الآن كل يوم نقارن مظاهراتنا و سلوكيات الشرطة بما يحدث في أمريكا وأوروبا ، ولا أرى أي مجال للمقارنة ، حين يكون عندنا مستشفى و مدرسة وسكة حديد وطرق ومحاسبة مسئولين مثل  أمريكا والغرب ، نبقى نقارن ثمرة تفاحة بثمرة تفاحة مش نقارن ثمرة تفاحة بثمرة جميزة .. !!
 
أخيراً ، اِسأل نفسك لو كان لديك علاقات مع أصدقاء يدينون بديانة أخرى ، لماذا تقبل الإختلاف مع ديانتك ، ولا تقبل الإختلاف مع رأيك ؟! ..
تعليقات القراء