علاء الدين العبد يكتب: السيسي بين الواقع والمأمول

يعيش أغلبنا في المساحة بين الواقع والمأمول ، وهو في الغالب لا يدري أن تلك المساحة قد تتسع  أو تضيق تبعاً لواقعه الذي يعيشه و قدرته على قراءته وفهمه ، و كذلك تبعا لنجاحه في التعرف على أدواته الصحيحة التي يمتلكها والتي من خلالها يستطيع أن يَعْبُر بنفسه من الواقع الذي يعيشه إلى المأمول الذي يتمناه ، وأيضاً تتوقف على مدى طموحه و آماله التي قد تفوق إمكانياته فتدفعه إلى المجهول ، ربما يكون هو حر في اختياره وعليه أن يتحمل نتائجه إذا كان هذا المجهول ينتظره هو وحده ، أما إذا ارتبط هذا المصير بمن حوله فهنا يجب أن يتوقف ولو بالقوة ممن حوله ولا يكون له أبداً حرية الإختيار ..  
 
كلنا نختلف عن بعضنا البعض في تلك القدرة التي لا علاقة لها  بمستوى التعليم أو الثقافة  أو نوع المهنة ، فقد رأينا مبارك و قد جنى على نفسه حين لم يستطع أن يقرأ مشهد الشارع يوم  25 يناير ، و ربما خانته طموحاته ووقع فريسة لنظرية المؤامرة ، وقد يختلف المشهد كثيراً لو كانت استجابته أو قراراته أسرع وأكثر تفاعلاً ، وربما لم يكن ليصل إلى تلك النتيجة ..
 
لم يسلم من المشهد نفسه وسقط سريعاً خلفه مرسي ، لم يستفد من الدرس وكأنه لم يعش أحداث يناير ، بل كان أكثر وأشد غباءاً وليس غروراً فقط ..
 
في المقابل أيضاً لم يستفد مؤيدو مرسي والإخوان من تجربة فلول الوطني ، ولم يُسَلِّمُوا أن الواقعة قد وقعت ، وأن عليهم أن يتعاملوا معها ، بل وضعوا أنفسهم أسرى لتجربة فاشلة ولرئيس فاشل ، فما زادهم وزاد تجربتهم وشعارهم إلا فشلاً ذريعاً ..
 
فقط وحده الذي استفاد من درس يناير 2011  ومن تجربة المجلس العسكري في الحكم ، الفريق السيسي ، الذي استطاع أن يقرأ الواقع جيداً ولم يقبل أن يرى مرسي يتجه بمصر إلى مصير مجهول ، وَثِقَ في قدراته ، وأدرك إمكانياته ، ووضع يده على أدواته ، ووظف ذلك بمهارة وحدد موعده بدقة ، فكتب الله لمصر ولشعبها وله النجاح ..
 
وحتى لا يضيع دورالسيسي و دور الشعب في 30 يونيو ، وحتى لا يصبح الشارع  كما هو الآن في مصر أسير لتلك المساحة بين الواقع والمأمول ، على كل فرد عادي  أن يحاول أن يقرأ واقعه جيداً ، و يتعرف على قدراته وإمكانياته ولايظن أن مجرد قيام الثورة ستحقق له أحلامه و طموحاته بعيداً عن أي مجهود يبذله ، وعليه أن يستفيد من تلك التجربة خاصة إذا كان  وزيراً أو رئيسَ وزراء أو رئيس جمهورية ..  
 
تعليقات القراء