«مشاهد حقيقية من الإشتباكات» .. معركة حامية وسط شوارع المدينة تنتهي بفشل القوات الإسرائيلية في إحتلال «السويس»

الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم 

عبرت القوات المصرية في السادس من أكتوبر قناة السويس ودكت خط بارليف الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بالمنيع ، وفي نهاية أكتوبر تمكن الجيش الإسرائيلي من "تطويق" الجيش الثالث الميدانى من خلال ماعرف بثغرة الدفرسوار. حيث تمكن الجيش الاسرائيلى من الهجوم غرب القناة، كانت تحاول كتائبهم المدرعة من تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية، والتي تشمل تدمير مواقع الدفاع الجوى المصرية واكمال تطويق الجيش الثالث  الميدانى والذى كان محاصراً على الجانب الشرقي من القناة.

وإحكام هذا الحصار كان على القوات الإسرائيلية الاستيلاء على جميع مواقع العبور من الجانب الغربى للقناة والبحر الأحمر. وايضاً بينما كان يتم التفاوض على وقف اطلاق النار أرادت الحكومة الإسرائيلية الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي المصرية من أجل تحسين موقفها فى التفاوض.

وبناء على ذلك، تم تكليف مجموعة ادان (2 لواء مدرع) بالاستيلاء على ميناء السويس على البحر الأحمر صباح يوم 24 اكتوبر وفقاً لما نشرته المجموعة 73 مؤرخين.

وعن خطة أدان فى الهجوم على السويس كتبت 73 :  يقوم اللواء 460 مدرع بالهجوم على غرب المدينة واكمال تطويقها، ويقوم اللواء 217 مدرع بالهجوم  فى شكل كتائب على المدينة للاستيلاء على ثلاث تقاطع طرق رئيسية داخل المدينة. كان ذلك مطابقاً للعقيدة العسكرية الإسرائيلية للمدرعات فى حرب المدن.

يقوم اللواء المدرع 217  بالاستيلاء على أهدافه باستخدام السرعة والقوة النارية والصدمة. وعندما يتم السيطرة على الأهداف تقوم المجموعات المدرعة والمشاة بالقضاء على جيوب المقاومة. توقع القادة الاسرائيلين بان الهجوم سيربك القوات المصرية المدافعة (كتيبتي مشاة وسرية صائدي الدبابات) بسبب سرعة الهجوم. وقد تلقى قائد اللواء المدرع تحذيراً من قائده بعدم تحويل العملية إلى "ستالينجراد" أخرى.

انطلق الهجوم ببداية سيئة حيث منع الضباب القصف الجوى التمهيدى من دعم الهجوم. بدأ اللواء 217 مدرع هجومه بدون دعم المشاة وتوقف بسرعه بسبب صواريخ م / د (مضادة للدروع) والنيران المضادة للدروع. التحقت المشاة باللواء وتم استئناف الهجوم.

فى الهدف الأول واجه اللواء المدرع اول مشكلة وهي وابل من نيران الأسلحة الخفيفة صواريخ ونيران م / د بالإضافة إلى نيران م / ط (عيار 23مم) والتى استهدفت الكتيبة الامامية، معظم أفراد الكتيبة تم قتلهم أو أصيبوا وتم تدمير بعض المدرعات والدبابات. اعاقت المدرعات المدمرة جزء من الطريق، والعربات التى استخدمت الطرق الثانوية تعرضت لكمائن وتم تدميرها. قاتلت الكتيبة حتى وصلت للهدف الاول للواء المدرع وتوجهت للهدف النهائى.

لحقت بالكتيبة سرية مظليين بالدبابات فى عربات نقل. وعندما تعرضت الكتيبة الامامية للنيران ترجل المظليين واحتموا فى المباني المجاورة. تسبب وصول الكتيبة المدرعة للهدف فى خروج المظليين وركوب العربات ومحاولة التحرك خلال الهدف، وبسبب عدم توفر الحماية داخل العربات للمظليين ترجل وحاولوا تأمين بضعة مبان مجاورة والتي يستطيعون الدفاع عنها. وجد المظليين أنفسهم داخل المبانى مثبتين منعزلين وغير قادرين على نقل مصابيهم والذى يشمل قائد الكتيبة المدرعة. كان المظليين عند الهدف الاول وغير قادرين على المناورة مع وقوع ضحايا.

سرية مظليين أخرى ترجلت وبسرعة وجدت نفسها فى حروب شوارع. سرية استطلاع اللواء تلقت  بعض الخسائر فى العربات ولم تستطع التقدم.

بحلول الساعة 1100 بلغ الهجوم الإسرائيلي ذروته. عناصر من اللواء 217 مدرع كانت منتشرة  فى الأهداف الثلاث فى المدينة، غير أن الكتيبة المدرعة والتي حققت أكبر عمق اختراق كانت بدون دعم مشاة تتعرض لنيران م / د. وسريتي المظليين كانوا منعزلين ومثبتين. بالاضافة لذلك فان محاولة للالتحاق بالمظليين فشلت. فى نفس الوقت قام الأهالى بالتفاعل، فأقاموا الحواجز والكمائن للقوات الإسرائيلية المنعزلة وحملوا الإمدادات والمعلومات للقوات المصرية.

أمر قائد الفرقة المدرعة اللواء بفك الاشتباك والخروج من المدينة. استطاعت الكتيبة المدرعة محاربة طريقها للخروج من المدينة فى النهار، بينما توجب على المظليين الانتظار حتى الليل والتسلل خارج المدينة حاملين مصابيهم. وصلت خسائر القوات الإسرائيلية إلى 88 قتيلا ومئات المصابين بالإضافة إلى تدمير 28 مدرعة.

إنها معركة بطولة "المدنيين" المقاومة الشعبية لأبطال السويس، التي سحقت الدبابات الإسرايلية سحقاً وكبدت العدو خسائر كبيرة في المعدات والأفراد .

وجاء بيان الجيش كالتالي : - 

وولت دبابات العدو هاربة أمام هول الصدام وجرأة أبناءمصر خلفت ورائها تكبيرات العيد.

أيام خالدة لأروع أنواع الصمود عاشها أبناءالمدينة الباسلة ، وكان العدو قد من نفسه بعزل المدينة ووضعها تحت الحصار ، وتحرك الجميع عسكريين ومدنيين وأحبطوا مخططات العدو بشجاعة وبسالة.

أبطال الجيش الثالث الميداني  درع من الفولاذ يحمي السويس من العدو ، ثابت كالصخر متمسكاً بمواقعه، والتنسيق بينه وبين المقاومة الشعبية أطاح بأطماع العدو الصهيوني في السويس ، ويتفجر الموقف داخل سيناء ، ويقوم الجيش الثالث بعمليات مركزة تستهدف السيطرة على مواقع جديدة .

شهادة قيادات القوات المسلحة في حق المقاومة الشعبية في السويس

في مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية في أكتوبر 1973، قال نصًا: «لقد خسر العدو في محاولته احتلال السويس 100 قتيل وحوالي 500 جريح، رغم أنه استخدم فرقة مدرعة من ثلاثة ألوية مدرعة ولواء مظلي، فقد صد هجومه سكان السويس ومجموعة من الجنود الشاردين».

ويضيف الفريق الشاذلي في مذكراته: «إن ملحمة السويس هي شهادة أخرى للمواطن المصري ومدى قدرته على التحمل والتحدي وقت الشدائد».

إلى جانب ذلك هناك ما ذكره اللواء محمد عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة في خلال حرب أكتوبر فيقول نصا كتابه مذكرات حرب أكتوبر: «لقد فشلت القوات الإسرائيلية في اتجاه مدينة السويس أمام المقاومة الشعبية بالتعاون مع القوة العسكرية المحدودة التي كانت بها».

تعليقات القراء