كتيبة خلف الميكرفون.. حكايات بث الرعب في كُل بيت إسرائيلي.. تفاصيل البيان رقم 7 للقوات المسلحة في يوم 6 أكتوبر ..قصة لاعب منسي استُشهد في حرب أكتوبر وترك الزمالك لأجل المصري

الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم 

البيان رقم 7 للقيادة العامة للقوات المسلحة في يوم 6 أكتوبر سنة 1973 


 

عبده أبو حسين.. قصة لاعب منسي استُشهد في حرب أكتوبر وترك الزمالك لأجل المصري

"في عام 1969 كان هناك مباراة ودية بين فريق المنزلة والزمالك؛ حيث جاء إلينا الأبيض بكتيبة لاعبين تضم طه بصري، حسن شحاتة وهشام يكن والعديد من اللاعبين وكانت النتيجة تعادل إيجابي بهدف لكل منهما حتى الشوط الثاني؛ حيث شارك خالي عبده أبو حسين في المباراة وسجل هدف الفوز".. هكذا بدأ عبدالله ابن شقيقة لاعب المصري الراحل عبده أبو حسين الحديث لمصراوي عنه.

عبده أبو حسين، هو لاعب المصري الذي اُستشهد خلال حرب أكتوبر 1973؛ حيث نعاه الفريق البورسعيدي على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، اليوم السبت 6 أكتوبر قائلاً: "في الذكرى الـ 45 لانتصارات أكتوبر المجيدة نستذكر بكل الفخر والاعتزاز لاعبنا خلال فترة التهجير الشهيد عبده أبو حسين أحد أبطال معركة العبور، وقد جاد بروحه الطاهرة خلال حرب أكتوبر ليضرب لنا القدوة والمثل في الفداء والتضحية من أجل الوطن".

عبده أبو حسين، بدأ لعب الكرة في نادي المنزلة بالدقهلية، وعندما التقى ناديه بالزمالك، تواصل معه مسؤولو القلعة البيضاء ومع كابتن أحمد شلبايه الذي سهل له انتقاله للأبيض، ليوقع لصفوف الفريق الأبيض لمدة موسمين".

ولكن يبدو أن الحلم باللعب لأحد الأندية الجماهيرية الكبرى في مصر لم يكتمل للاعب مدينة المنزلة الذي كان ينشط في مركز صانع الألعاب: "لم يكن سعيدًا هناك فعاد سريعًا ولكن للنادي المصري.. فبعد التهجير كان يلعب الفريق البورسعيدي بالمنزلة وكانوا يعرفونه ويريدون التعاقد معه قبل مباراة الزمالك".

وبالفعل انضم عبده أبو حسين لصفوف المصري البورسعيدي في عام 1969 وهي كانت فترة تشهد توقف البطولات المحلية بعد نكسه 1967 التي عادت مرة أخرى لمدة موسم 1971 / 1972 ولكنها توقفت بعدها بسبب حرب أكتوبر.

والتحق علي عبده أبو حسين الذي اشتهر بـ "عبده أبو حسين" بالقوات المسلحة كضابط احتياط رفقة العديد من اللاعبين بالمصري البورسعيدي حينها مثل محمد الفقي، عبدالعزيز بدران: "وصلنا اتصالاً من القوات المسلحة حينها وبعده النادي المصري البورسعيدي باستشهاده وهو في عمر 26 تقريبًا".

ولم ينس لاعبو المصري زميلهم الراحل: "كانوا يزورنا كل عام ويجلسون معنا في المنزل لعزائنا وتذكره وعمل الواجب ولكن كل هذا توقف وأصبح الأمر عبارة عن حديث عنه في ذكرى أكتوبر وشارع في المنزل سُمي باسمه".

تصمت قليلاً ثم تتحدث وهي تبكي: "أخي كان محبوبًا من الجميع منذ الصغر فكان معروفًا بحبه لكرة القدم ويشتهر بمهارته بين أصحابه والمنطقة التي نعيش بها".

"مش هيغلى على اللي خلقه ولا على الوطن اللي عايشين فيه.. وربنا يرحمه وكفاية سيرته بين الناس التي نسعد بها".. هكذا أتمت الحاجة فُتنة حديثها عن شقيقها عبده أبو حسين.

وهنا يقطع ابنها عبدالله الحديث بتذكر مباراة لعبده أبو حسين وهو في فترة الجيش: "المنزلة كانت تلاعب المطرية وكنا مهزومين بهدفين مقابل هدف كان خالي عائدًا من فترة إجازة من القوات المسلحة فطالبه كابتن محسن فجلة مدرب المنزلة بالمشاركة لأهمية المباراة وبالفعل استبدل ملابسه وشارك لمدة 15 أو 20 دقيقة؛ حيث سجل هدفًا وصنع أخر لزملائه ثم عاد للمنزل محمولاً على الأعناق".(مصراوي)

كتيبة خلف الميكرفون.. حكايات بث الرعب في كُل بيت إسرائيلي

مفاجأة، زلزال دبّ في منازل دول الاحتلال الإسرائيلي، ارتباك وحسرة وخوف التفوا حول شعبهم فاختنقوا، نداءات واستغاثات في كُل مكان بتل أبيب بسرعة الانضمام إلى جيشهم المحتل للتصدي للقوات المصرية الباسلة، لم يجدوا حينها سوى البرنامج العبري الذي يُبث من مبنى ماسبيرو بالقاهرة، ليتعرفوا على حقيقة ما جرى لهم، وما يدور في أرض المعركة "كان برنامجنا في بيت كل إسرائيلي، واحنا كنا بنرد على كل كذبة يقولوها، بنعرفهم خسايرهم وانتصارتنا" يقولها بفخر الدكتور حسن علي حسن، أحد مُذيعي البرنامج وقارئ بيانات النَصر باللغة العبرية.

كان يوم السادس من أكتوبر في بدايته تقليديًا، هدوء داخل الاستديو الخاص بالبرنامج داخل ماسبيرو، قضى 3 ساعات من 6 صباحا حتى التاسعة، ثم غادر المكان متجهًا إلى منزله في منشية بكري، لم ينم، ظل جالسًا يستمع إلى الراديو "بقيت بقلب بين الإذاعات، وبالصدفة سمعت إشارة في الإذاعة الإسرائيلية فاستغربت" هو يوم إجازتهم "قولت يبقى فيه حاجة غريبة بتحصل، فشغلت وفضلت أسمع".

"الحرب بدأت.. القوات المصرية عبرت القناة" سمعها حسن بالعبري بصوت المذيع الإسرائيلي "بيقولها بفزع رهيب، وانا في منتهى السعادة" قفز الرجل الثلاثيني حينذاك من مقعده، ارتدى ملابسه على عجالة، وحين سألته زوجته وهو يخرج من البيت إلى أين يذهب "قولتلها مصر بتحارب" بينما يهرول إلى الشارع ليستقل تاكسي ويُخبره بالتوجه إلى مبنى ماسبيرو.

على نار مرت المسافة بين منزله ومقر عمله "طول الطريق عايز أعرف عملنا إيه" لذا حين وصل إلى ماسبيرو قطع درجات السلم إلى الاستديو في ثواني "لقيت الناس كأنها في فَرح، روح معنوية مرتفعة، بيباركوا لبعض، والناس بتتهافت عشان تشتغل وتلحق تذيع البيانات" كان الاستديو مزدحمًا بكافة العاملين والمُذيعين الذي وصل عددهم إلى 20 شخص حضروا جميعا دون استدعاء.

الاستديو الهادئ تحول إلى خلية نَحل "بيانات النصر أول ما توصلنا، نترجمها ونذيعها على طول" حين وقف الرجل أمام الميكرفون ومُرر اخبار قواتنا المُسلحة خفق قلبه "مش عارف أسيطر على نفسي من السعادة، كان واضح جدًا في صوتي" بيان تلو الآخر يؤكد تكبيد العدو أكبر خسائر في التاريخ، وزحفنا المُقدس تجاه أراضينا، وما فعلته الضربات الجوية ورجالنا في أرض المعركة "وكل ما هما يطلعوا بيان، كنا نسمعه ونطلع الحقيقة ونكدبهم بعدها بدقايق".

مر اليوم سريعًا، بدا الانهاك على الجميع "بس مرضيناش نمشي، بيتنا في الاستديو حوالي 3 أيام، كنا بنام على الموكيت ومكنتش بنفكر فيه حاجة غير بلدنا" قام المسؤول عن البرنامج الإذاعي أحمد الحملي بتوزيع المهام بين متابعين للأخبار العربية وآخرين يرصدون ما تقوله دولة الاحتلال الإسرائيلي "وأنا وباقي زمايلي بنذيع الأخبار" بينما يصل إليهم ولولة مُذيعي تل أبيب على خسائرهم.

لم يتوقف دورهم فقط على البيانات العسكرية، اقترح الحملي فكرة سديدة "إننا نسجل مع الأسرى الإسرائيليين، ونذيع عشان أهاليهم هناك يعرفوا مصيرهم" انطلق مسؤول البرنامج إلى الجبهة لنقل حكايات وكلمات الندم على لسان الأسرى "وبقينا نعمل تنويه لمعاد الإذاعة، ونقول اسم الأسير اللي هيتكلم" تبث اعترافاتهم وحديثهم عن القادة الذين تركوهم وحدهم دون مدد أو غوث وحسرتهم على ما آلت إليه الأمور "عشان إسرائيل تعرف إن معنوياتهم في الأرض"

بعد أيام هدأت وتيرة الحَرب، اطمئن الجميع على تحقيق مصر لانتصار كبير "هنا رجعنا لبيوتنا وقسمنا التواجد في الاستديو علينا عشان نفضل نأدي دورنا" لكنه ظل متابعًا حتى خلال تواجده في بيته ما يدور "والارتباك الكبير اللي كان باين في إذاعة إسرائيل وقلقهم من اللي حصل" يجعله ذلك مُنتشيًا وسعيدًا.

بعد 45 عاما من حرب أكتوبر، مايزال حسن- المدير العام السابق لشبكة الإذاعات الموجهة- حين يتذكر تلك الأيام المجيدة يتأثر بوجوده في تلك اللحظة الهامة من تاريخ البلاد "سعيد إني عمل دور كان مهم إني أعمله، وشارك في حدث مبيتكررش في العُمر مرتين" يغلبه الحماس خلال سرده عن ما جرى كأنه يعيش التجربة الآن "أيام عظيمة، وعشت اليوم اللي سمعت فيه الإسرائيليين مكسورين بعد ما كانوا بيتكلموا دايما بعنجهية، بس خلاص أيام دي ولت". ( مصراوي )

تعليقات القراء