أشرف مروان «أعظم جاسوس فى العالم» بطل مصرى بشهادة 3 رؤساء جمهورية ..أبلغ إسرائيل بموعد مضلل ساعد مصر على تحقيق أهدافها خلال 4ساعات .. صهر عبد الناصر خدع الموساد والـ CIA
الموجز - إعداد - محمد علي هـاشم
عمرو الليثى يروى تفاصيل رحلة البحث عن حقيقة أشرف مروان: «أعظم جاسوس فى العالم» بطل مصرى بشهادة 3 رؤساء جمهورية
تل أبيب تروج لبطولات وهمية بفيلم عن أشرف مروان.. هآرتس تزعم: "الملاك" عميل مزدوج للموساد.. ونائب بـ"دفاع البرلمان": كان وطنيا من طراز رفيع وشهد له الرئيس مبارك
هيكل: علاقة مبارك وأشرف مروان أكثر من طبيعية وكان يخاطبه "يا حسني"
صهر الزعيم خدع إسرائيل فى أكتوبر ودفعها لتجاهل تقارير ميدانية عن الحرب.. وأبلغها بموعد مضلل ساعد مصر على تحقق أهدافها خلال 4ساعات.. وإشارات مصرية: مروان بطل قومى
- فى إطار سعى إسرائيل المستمر لتشويه صورة رجل الأعمال المصرى أشرف مروان، الذى لعب دورا مهما فى خطة الخداع الاستراتيجى التى وضعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات خلال حرب أكتوبر المجيدة، وقدم خدمات كبيرة للقوات المسلحة والإدارة السياسية المصرية، بحسب ما أعلنه الرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل سنوات، مع بدء الحديث الإسرائيلى عن أشرف مروان ومحاولات تشويهه، أعلنت إسرائيل أنها بدأت مؤخر إنتاج فيلم سينمائى عن حياة "أشرف مروان".
الخطوة الإسرائيلية لإنتاج فيلم سينمائى عن قصة حياة صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ومدير مكتب الرئيس السادات إبان حرب السادس من أكتوبر 1973، تمثل تحركا جديدا من خطوات وتحركات لم تتوقف طوال السنوات الماضية، لتشويه سمعة رجل الأعمال الراحل أشرف مروان، بعد وفاته بعشر سنوات فى ظروف غامضة بمنزله بالعاصمة البريطانية لندن.
الفيلم الإسرائيلى المشبوه يستند لكتاب "أورى يوسف" عن أشرف مروان
يزعم القائمون على الفيلم، أن أشرف مروان أمد جهاز الاستخبارات الإسرائيلى "الموساد" بالعديد من المعلومات، منها موعد الضربة الجوية المصرية الأولى للمواقع العسكرية الإسرائيلية فى سيناء بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973، كما وفر لها معلومات عن صفقات السلاح بين مصر والاتحاد السوفيتى، بحكم منصبه الحساس فى رئاسة الجمهورية.
الفيلم الذى أُخذ السيناريو والحوار الخاصين به عن كتاب "الملاك أشرف مروان"، لأستاذ العلوم السياسة والخبير فى شؤون الاستخبارات "أورى بار يوسف"، الذى أحدث ضجة كبيرة فى إسرائيل كونه تحدث لأول مرة عن كونه عميلا مزدوجا، يزعم أن "مروان" كان يمد تل أبيب بمعلومات حساسة جدا عن تحركات الجيش المصرى، بحكم كونه صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأنه استغل منصبه الحساس خلال رئاسة السادات، فى توفير معلومات أخرى عن الاتفاقات وصفقات التسليح الدولية للجيش المصرى.
الشهاوى: إسرائيل تحاول تحقيق بطولات وهمية على حساب شخصيات وطنية مصرية
من جانبه، قال النائب تامر الشهاوى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن ما تحاول إسرائيل الترويج له عن أشرف مروان، وادعاءها أنه كان عميلا مزدوجا، روايات فارغة وزائفة.
وفند "الشهاوى"، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، الأكاذيب التى تدعيها إسرائيل عن أشرف مروان، مؤكدا أن أكبر دليل على كذب المخابرات الإسرائيلية أنهم يدعون دائما أنه أرسل لهم موعد الضربة الجوية المصرية قبل انطلاقتها، والرد هنا "إذا كان أشرف مروان فعل ذلك كما يزعمون، فلماذا لم يتخذوا إجراءات عسكرية استباقية قبل الضربة الجوية فى حرب أكتوبر، أو على الأقل الاستعداد لها عبر الدفاعات الجوية؟".
وأكد النائب تامر الشهاوى، أن ما تدعيه إسرائيل بشأن عمل أشرف مروان لصالح "الموساد" ادعاء كاذب وباطل، كونه رجلا وطنيا من الطراز الرفيع، وهو ما أكده الرئيس الأسبق حسنى مبارك، مشددا على أنه لا يجب السير وراء هذه الروايات الإسرائيلية الزائفة، التى يهدفون من ورائها لمخاطبة الرأى العام فى إسرائيل بهدف تحقيق بطولات وهمية وغير حقيقة لأجهزتهم الأمنية على حساب شخصيات وطنية مصرية مثل أشرف مروان. ( اليوم السابع )
وفيما يلي بعض ما نشر عن أشرف مروان في وسائل الإعلام المصرية
*******************
عمرو الليثى يروى تفاصيل رحلة البحث عن حقيقة أشرف مروان: «أعظم جاسوس فى العالم» بطل مصرى بشهادة 3 رؤساء جمهورية
• عبدالناصر عينه مساعدًا له.. والسادات كرمه عام 74 ومبارك كرمه بعد وفاته
• لو كان مروان جاسوسًا لأعدمه عبدالناصر فورًا
• اختفاء مذكرات مروان يوم وفاته يدل على تورط أجهزة مخابراتية فى عملية الاغتيال
• جيهان السادات نفت تسريبه موعد حرب أكتوبر لإسرائيل لأنه لم يكن يعلم به.. ومنى عبدالناصر كشفت عن زيارته للسادات فى منزله قبل حادث المنصة بـ6 أيام
• الكتاب ينفرد بنشر وثيقة من سجلات رئاسة الجمهورية تكشف منحه صلاحيات كبيرة جدًا وتعامله باسم الدولة مع الأجهزة الأمنية خصوصًا فى الملف الليبى
• غامرت بدخول منزله فى لندن لأثبت أنه يمكن اختراقه.. وخادمة كشفت عن صرخة سمعتها قبل سقوطه من الطابق الخامس بلحظات
• اعتراض المشير أحمد إسماعيل على تعيينه سكرتيرًا للمعلومات برئاسة الجمهورية يكشف أن السادات كان يكلفه بمهام خاصة دون علم أحد
• كتاب «العميل بابل» الذى نشرته «دار الشروق» نجح فى تغيير القضية من واقعة انتحار إلى جريمة قتل.. والطبعة الثالثة ستضم شهادات جديدة
• الدولة مطالبة بأن توضح الخدمات الجليلة الذى قدمها لمصر وتحدث عنها السادات ومبارك وتحمل حتى اليوم عنوان «سرى للغاية»
مرت سنوات على وفاة رجل الأعمال المصرى أشرف مروان الذى رحل فى ظروف غامضة إثر سقوطه من شرفة منزله بعاصمة الضباب لندن يوم 27 يونيو 2007، ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف وسائل الإعلام المحلية والعالمية عن البحث عن إجابة سؤالين حاسمين: هل كان مروان عميلا مزدوجا زرعته مصر فى الموساد الإسرائيلى أم كان جاسوسا لصالح تل أبيب؟ وهل قتل الرجل فى لندن أم انتحر؟
فقبل أيام أعادت صحيفة الجارديان البريطانية فتح قضية مقتل رجل الأعمال المصرى أشرف مروان تحت عنوان «من قتل أخطر جاسوس فى القرن العشرين؟»، معلنة أن كل أسراره انتهت مع حياته بسقوطه من شرفة منزله بالعاصمة البريطانية لندن.
فى هذا التقرير حاولت الصحيفة البريطانية الإيحاء بأن مروان كان بالفعل جاسوسا لصالح إسرائيل وتجاهلت كل الأدلة والحقائق التى تثير على الأقل شكوكا هائلة حول هذا الإيحاء إن لم تكن تنسفه من الأساس.
«الشروق» التقت بالإعلامى عمرو الليثى الذى أجرى تحقيقا استقصائيا شاملا، عن وفاة مروان وكان سببا فى تغيير مجرى القضية من واقعة انتحار إلى جريمة قتل، ونشرته «دار الشروق» فى كتاب صدرت طبعته الأولى عام 2009، وسألته عن تفاصيل رحلة بحثه عن القاتل.
• لماذا قررت التحقيق فى مقتل أشرف مروان من خلال كتابك «العميل بابل.. قصة صعود وسقوط أشرف مروان»؟
ــ المشروع بدأ بتحقيق استقصائى عام 2007 يطرح سؤالا حير الجميع هو، من قتل أشرف مروان؟ وللإجابة عن هذا السؤال سافرت إلى العاصمة البريطانية لندن حيث مقر إقامة مروان، والتقيت بشهود عيان، بعضهم كانت لهم علاقة مباشرة بالرجل، وبعضهم كان على خلاف معه، والبعض الآخر لم يكن يعرفه إلا بعد أن وجدوا الجثمان مسجى على بعد 12 مترا من منزله فى حى ماى فير بلندن.
• هل أجريت هذا التحقيق بقناعه مسبقة أنه تم اغتيال مروان ولم ينتحر؟
ــ عملت فى هذا التحقيق الاستقصائى بحياد شديد باحثا عن الحقيقة فقط، وهذا ما دفعنى للعمل على خيوط متعددة فى القضية، فسجلت مع المقربين منه، والمعارضين له، وأيضا شهود العيان الذين لا يعرفونه، حتى أصل للحقيقة فقط. وأريد أن أؤكد أننى ليس لى رأى فى هذه القضية لكن بحثت فيها بشكل دقيق بدون وجهة نظر سابقة، ولكن لا أنفى أن المعلومات التى حصلت عليها أعطتنى انطباعا أوليا أن هذه الشخصية قتلت ولم تنتحر.
وكانت مفاجأة التحقيق تسجيلى لأول مرة مع شاهد العيان جوزيف ريباسى أحد العاملين فى شركات مروان الذى كشف لأول مرة أنه رأى شخصين ملامحهم شرق أوسطية أعمارهم لا تتجاوز 40 عاما، يقفون فى شرفة منزل أشرف مروان بعد سقوطه مباشرة، وهو الانفراد الذى غير مجريات القضية، من واقعة انتحار إلى جريمة قتل. فكانت هذه المرة الأولى الذى يساهم فيها تحقيق إعلامى فى الكشف عن جريمة قتل، فالعادة جرت أن تكتشف الأجهزة الأمنية القضية ثم يتابعها الإعلام، فكان التحقيق الذى أجريته فى الكتاب، سببا فى أن تستعين جهات التحقيق بشاهد عيان لم تستجوبه من قبل، وبناء عليه استدعت الشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) الشاهد ريباسى، وحولت القضية من واقعة انتحار إلى جريمة قتل.
• ما هى أبرز الاسئلة التى بحثت عن إجابات لها فى التحقيق؟
ــ بحثنا فى كل الملفات، وطرحنا كل الأسئلة، وكل وجهات النظر المتباينة مع المشاركين فى القرار أو المقربين من أشرف مروان والذين عملوا معه. طرحنا على جهاز الشرطة البريطانى سكوتلاند يارد، كيف لرجل ارتدى ملابس السفر ويستعد للسفر ووضع فى جيبه كتيب «الحصن الحصين» الذى يضم مجموعة من الآيات القرآنية والأدعية وكانت سيارته تقف بانتظاره أسفل البناية التى يقطنها، أن يلقى بنفسه من الشرفة وينتحر؟ كما سألت: كيف لرجل مريض لا يستطيع رفع قدمه أكثر من 30 سنتيمتر، يمكن أن يدفع بنفسه من شرفه طولها 180 سنتيمترا؟ كما أبديت التعجب من أن يكون ألقى بنفسه والجثمان بعيد عن المنزل بأكثر من 11 مترا، لأن الطبيعى إذا كان انتحارا أن يسقط بشكل رأسى، وهذا يعنى ان أحدا دفعه ولم يلق هو بنفسه.
• هل الكتاب يحقق ــ فقط ــ فى واقعة الانتحار فقط أم فى رحلة الرجل بشكل عام؟
ــ بالفعل الكتاب يرصد حياة أشرف مروان بشكل عام، فالكتاب يرصد كيف تم تعيينه فى المعامل المركزية للقوات المسلحة بعد تخرجه فى الجامعة، وهو لم يكن ضابطا فى عهد عبدالناصر، والذى انتقل بعدها للعمل سكرتيرا لرئيس الجمهورية، كما يكشف حقيقية ذهابه للسفارة الإسرائيلية فى لندن وما تردد عن أنه عرض عليهم خدماته. ويكشف أيضا علاقته بالرئيس السادات، وانفرد الكتاب بوثيقه نشرت لأول مرة من سجلات رئاسة الجمهورية أن السادات عام 1974 عينه سكرتيرا للرئيس للمعلومات، ومنحه صلاحيات كبيرة جدا بقرار جمهورى، وأن يتعامل باسم الدولة مع الأجهزة الأمنية وأنه كانت له صلاحيات فى الملف المصرى الليبى بشكل متكامل.
كما تحدث الكتاب عن دوره فى حرب أكتوبر، وحقيقة أنه أفشى موعد الحرب لإسرائيل، وهل كان أصلا يعلم بموعد الحرب، وفى هذا السياق قالت السيدة جيهان السادات إنه لم يكن يعلم موعد الحرب وأن من كان يعلم هم القادة العسكريون فقط، كما كشف الكتاب عن علاقته بأجهزة استخبارات مختلفة حول العالم وليس المصرية فقط، فكان على علاقة بالمخابرات الليبية والفرنسية والأمريكية والبريطانية، لدرجة أن البعض قال إنه كان ممنوعا من دخول بعض البلدان الأجنبية بسبب هذه العلاقات، ورصد الكتاب أيضا جانبا من حياته الخاصة من خلال زوجته منى نجلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر التى روت لنا حكايتهما منذ أن تعرفا وارتبطا عاطفيا عام 1966، كما كشفت كيف دخل منزل الرئيس عبدالناصر لأول مرة، ولماذا منحته والدتها دبلة زواجها من عبدالناصر ليتزوج بها، كما تحدثت أيضا عن تفاصيل الفرح الذى غنى فيه المطرب الراحل عبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، وثلاثى أضواء المسرح.
كما كشفت أيضا عن علاقته الطيبة بالرئيس السادات والتى استمرت حتى وفاته حيث أعلنت فى الكتاب حتى إنه زار السادات فى منزله قبل وفاته بـ6 ايام فقط.
• إلى أى مدى ساعدت المصادر التى اعتمدت عليها فى الوصول لنتائج؟
ــ كنت حريصا فى هذا الكتاب على الوصول إلى الحقيقة مجردة، من خلال الاستعانة بجميع العناصر والمعلومات، والنتيجة التى توصلنا اليها بالأدلة والبراهين فى هذا الكتاب تؤكد مقتل أشرف مروان.
وفى هذا التحقيق قمت بمغامرة اختراق لمنزله رغم التأمين ونجحت فيها، لأكشف للمشاهد أن منزل أشرف مروان يمكن أن يخترق، وسألت الخادمة التى كانت تعمل بالدور الرابع عن القضية والصرخة التى سمعتها قبل سقوط الجثمان.
لكن بطبيعة الحال كانت هناك إجابات شافية فى الكتاب على بعض التساؤلات وأخرى حتى الآن لم نجد لها إجابات شافية، لكن الكتاب وصل إلى قناعه تامة بأن أشرف مروان كما أشرت قتل ولم ينتحر، من خلال شاهد العيان الوحيد المجرى الذى بحثنا عنه كثيرا.
• هل كان القتل مرتبطا بكتابة مذكراته وما يمكن أن يكشف عنه فيها؟
ــ بالفعل هذه النقطة حيرت الكثير، لأن هذه المذكرات اختفت يوم وفاته، والكثير أكد أنه كان قبل وفاته يعكف على كتابة مذكراته، وكان هناك بعض المصريين ــ مثل د. مصطفى الفقى ــ على علم بها وقال فى شهادته أن مروان طلب منه أن يكتب له مقدمتها، وهذا يعنى أن الجهاز المخابراتى الذى شارك فى مقتله كان على علم بهذه المذكرات.
• هل الكتاب يحسم فكرة أشرف مروان جاسوس لإسرائيل أم لمصر أم عميل مزدوج؟
ــ بالتأكيد نحن أمام شخصية خرافية، ولها أبعاد مختلفة، لكن من خلال شهود العيان الجميع أكد أنه قدم خدمات جليلة للنظام المصرى، وإلا فإنه لم يكن ليصمت عليه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهو كان زوجا لابنته، وكذلك الرئيس أنور السادات الذى عينه سكرتيرا للمعلومات، فبالتأكيد إذا كان أشرف مروان خائنا وجاسوسا، فكان أول من سيحاسبه ويعدمه جمال عبدالناصر أو السادات، لأن هؤلاء زعماء الوطنية لديهم أغلى بكثير من أى علاقات شخصية، فلا أعتقد أن النظام السياسى المصرى كان يغض الطرف عن جاسوس، حتى إذا كان هذا الجاسوس «صهر الرئيس عبدالناصر».
ويكفى أن أجهزة الدولة أعلنت بعد وفاته، أنه تم تكريمه من الرئيس السادات وأنه قدم خدمات جليلة، حتى الآن لم تفصح الحكومة المصرية عن نوع هذه الخدمات التى قدمها للنظام والسياسة المصرية، وإن كانت هناك استنتاجات مصدرها الوحيد المعلومات التى حصلنا عليها من مصادر صحفية وإعلامية، لكنها لا ترقى لدرجة التأكيد التام، لأنها لم تصدر من مصادر رسمية موثقة.
• هل الدولة المصرية لا تعرف من الجانى أم لا تريد أن تعرف؟
ــ الحقيقة أن الكتاب بحث فى هذه النقطة كثيرا لكن لم يصل إلى إجابة شافية، عما إذا كانت الأجهزة الأمنية تعرف أم لا تعرف من الذى قتل أشرف مروان.
لكن أسرته وأبناءه فى الحوارات بالكتاب أكدوا أن أجهزة مخابرات أجنبية هى المستفيد الأول من اغتياله لأنه كان سيكشف تفاصيل كثيرة عن ضعف هذه الأجهزة واختراقها لصالح مصر، لكنهم أشاروا بأصابع الاتهام لجهاز الموساد الإسرائيلى.
• إذا كان مروان «نسيب» عبدالناصر ومقربًا من السادات وليس مكروها من مبارك.. فلماذا تخرج طول الوقت روايات تشوهه؟
ــ لا أحد يستطيع أن ينكر أن ملف أشرف مروان لاتزال فيه نقاط غامضة، عليها كثير من علامات الاستفهام، فلا يمكن أن يقنعنى أحد بأن شخصا يتعامل مع جهاز المخابرات الإسرائيلى والمفترض كما قيل إنه طلب منه إبلاغه بمواعيد حرب أكتوبر، فالدولة مطالبة بأن توضح الدور الذى قام به أشرف مروان، وإن كانت أعلنت فى تصريحات رسمية على لسان رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك، إن مروان قدم خدمات جليلة ولكن لم يتم تحديدها، وهناك صورة أخرى مهمة، وهى صورة تكريم مروان من الرئيس الراحل انور السادات، وكانت حيثيات التكريم أنه قدم خدمات كبيرة فى حرب أكتوبر، وهذه الخدمات لا تزال تحت عنوان «سرى للغاية»، ولا يتاح أن نعرفها أو ندركها، وفى رأيى فإن سبب كثرة التأويل، هو عدم خروج معلومات واضحة من مصادر رسمية مطلعة عن الدور الذى قام به أشرف مروان، لكن ينفى عن الرجل تهمة الخيانة ما أكدته الدولة على لسان مبارك والسادات أنه قدم أدوارا جليلة لمصر.
• هل إسرائيل هى الأخرى لا تعرف إن كان مروان مفيدا لها أم قام بتضليلها؟
ــ هناك اختلاف فى التصريحات بالجانب الإسرائيلى، واتهامات متبادلة بين إيلى زعيرا، وتسفى زامير، رئيسى المخابرات العسكرية الإسرائليين السابقين، حول ما إذا كان أشرف مروان مفيدا لإسرائيل أم لا، فالشيء الوحيد المؤكد أن أشرف مروان تعامل مع المخابرات الاسرائيلية، لكن السؤال المطروح والذى تم الرد عليه بوضوح هو: هل كان مروان يتعاون مع الموساد دون علم النظام المصرى؟.. والإجابات جميعا تؤكد أنه كان يعمل بعلم النظام المصرى، فليس معقولا أن رجلا بدرجة وزير وسكرتير الرئيس للمعلومات يسافر إلى إسرائيل ويلتقى بضباط المخابرات، والجانب المصرى لا يعلم، هذا شىء لا يمكن تصديقه، لأننا لدينا اجهزة مخابرات على أعلى مستوى.
• الكتاب أيضا يرصد الجانب الاقتصادى فهل يمكن أن تكون صراعاته فى عالم المال مرتبطة بمقتله؟
ــ هناك روايات تقول إن قتل أشرف مروان ارتبط بصراع اقتصادى، وليس لأسباب سياسية حيث كانت لديه جبهات للصراع متفاوتة، بين صراع سياسى مع أجهزة مخابراتية وصراع اقتصادى مع شركاء وخلافات مالية، داخل مصر وخارجها.
فأشرف مروان كان سياسيا ثم أصبح مسئولا عن التسليح بصفته رئيسا للهيئة العربية للتصنيع، وهذه النقطة عليها علامات استفهام كثيرة، ثم اصبح رجل اعمال بعد اعتزاله العمل العام.
• لماذا كان لهذا الرجل أعداء.. وما أسباب خلافه مع محمد الفايد؟
ــ مروان كما رصده الكتاب شخصية متناقضة، البعض كان يراه شيطانا والبعض الآخر يراه ملاكا، والكتاب يكشف عن خلافات كثيرة له مع شركاء له على أراض بمصر، واضطر فى يوم من الأيام أن يشيع إصابته بمرض تآكل شرايين القلب وأنه سيموت خلال عام، ثم فاجأ الجميع بأن هذه التقارير هو من سربها لخصومه وأنها غير صحيحة، وأنه يعيش حياته بصورة طبيعية.
أما خلافه مع محمد الفايد فكان كبيرا، حيث وصل للمحاكم واستمر 18 سنة أنفقا عليها مئات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية، وكان هذا الخلاف سببا فى أن يتهم مروان بأنه قد يكون سببا فى مقتل دودى الفايد والأميرة ديانا، لكن الكتاب رد على هذه النقطة، وأكد أنه غير متورط فى هذه العملية.
• الكتاب يكشف عن أن المشير أحمد إسماعيل أبلغ السادات اعتراضه على اختيار أشرف مروان سكرتيرا للمعلومات فى ظل الشبهات التى تطارده.. فهل كان وزير الدفاع الذى كان رئيسا للمخابرات لا يعلم دور أشرف مروان؟
ــ هذا سؤال منطقى، والحقيقة فقط عند الدولة، فنحن لم نستطيع الوصول إلى اجابة شافية فى هذا الشأن، فهل كان اعتراض المشير أحمد إسماعيل لأن لديه تحفظات على أشرف مروان، هل كان يعرف الدور الذى قام به أشرف مروان ام لا؟.
هناك تفاصيل فى شئون الدولة العليا تحت مسمى أمن قومى، البعض يرى أن الرئيس السادات كان يكلفه بهذه المهام دون علم المخابرات ووزير الدفاع، وبالفعل أكثر من مصدر أكد أنه يحق لرئيس الجمهورية أن يكلف من يريد ببعض المأموريات الخاصة بأمن الدول.
• أخيرا.. هل ما زلت متابعا للقضية وتطوراتها؟
ــ بالفعل مازلت حتى الآن مهتما ومتابعا للقضية، فالكتاب عندما نشرت طبعته الأولى عام 2009 كان يضم عددا من الشهادات، وأعلن الآن أن الطبعة الثالثة ستضم شهادات اخرى جديدة قد تضيف للقارئ الكثير وجميعها مسجلة صوت وصورة حتى تكون أدلة دامغة لمن يريد أن يعود إليها. ( الشروق )
*******************
هيكل: علاقة مبارك وأشرف مروان أكثر من طبيعية وكان يخاطبه "يا حسني"
خصص الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الحلقة الثالثة عشرة من عرضه لكتابه" مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان" للحديث عن لغز أشرف مروان الذي حير الكثيرين وسر علاقته بمبارك"
وقال هيكل: إن العلاقة بين الرئيس حسني مبارك والدكتور أشرف مروان وثيقة فيما بدا لي وكان ما لفت نظري مبكراً إلى أن هذه العلاقة بين الاثنين أبعد من حدودها الطبيعية، هو مشهد في مكتبي في شهر مارس سنة 1974، وكان حسني مبارك قائد الطيران وأشرف مروان، مديرًا لمكتب الرئيس للمعلومات وكان أشرف مروان يزرني مثل آخرين غيره حاولوا تصفية الأجواء وإعاده العلاقات بين الرئيس السادات وبيني وكان الخلاف بيننا قد احتدم وابتعد عن الأهرام بعد أن عارضت سياسته في مجموعة مقالات نشرت في الأهرام ثم نشرتها فيما بعد فى كتاب مستقل بعنوان( مفترق الطرق).
وأضاف هيكل قائلا:" وأثناء وجوده فى مكتبى ذلك اليوم فى مارس سنة 1974 قال لى أشرف مروانة ضمن ما قال: إنه سوف يذهب غداً إلى ليبيا لمقابلة القذافي وشرح لي داعيه للرحلة، ولم أتحمس لما سمعت فقد كان ملخصه أن الرئيس السابق أنور السادات يرغب أن يقوم الأخ العقيد بشراء طائرة للرئاسة المصرية، ولأنه يعتقد أن الوقت قد حان( بعد حرب أكتوبر ) لتكون للرئاسة المصرية طائرة تليق بها كما هى الحال مع آخرين من رؤساء الدول العربية (بالذات ممالك ومشيخات النفط).
وكان اعتماد أشرف فى هذه المهمة على علاقة نشأت بينه وبين السيد عبد السلام جلود (رئيس وزراء ليبيا) وكذلك رأى أن يكون جلود مدخله إلى إقناع القذافى بتمويل شراء طائرة رئاسية مصرية، وفى مكتبى ذلك الوقت من سنة 1974 وأشرف مروان يحكى عن مهمته وجدته ينهض فجأه كمن تذكر أمراً ويتصل بمبارك ويخاطبه باسمه الأول حسنى (هكذا بلا ألقاب ) جهز طائرة من عندك للسفر غداً إلى طرابلس وأريدك بنفسك على الطائرة، والذى حدث فى شأن موضوع الطائرة الرئاسية أن علاقة القذافى بالرئيس السادات تدهورت فجأة كالعادة لأسباب يطول شرحها ورفض القذافى أن تقوم ليبيا بشراء طائرة رئاسية للسادات وعرف السيد كمال أدهم مدير المخابرات السعودية من أشرف مروان بالرفض الليبى، وقرر الملك فيصل وكمال أدهم وهو شقيق زوجته الملكة عفت أن يكون هو صاحب هدية الطائرة الرئاسية وقد كان وعندما وصل الرئيس مبارك الى رئاسة الجمهورية.
وبعد انقضاء مدة الرئاسة الأولى والقانية كانت الطائرة الرئاسية هدية السعودية قد تخلفت عما استجد على الطائرات الملكية والرئاسية من مظاهر الأبهة والترف خصوصاً بعد ذلك الفيض المنهمر من ثروات النفط وجرت مفاتحه القذافى مرة أخرى وكانت العلاقة قد تحسنت والظن أن هذا التحسن فى العلاقات يكفى لإقناع القذافى أن تشترى ليبيا طائرة جديدة للرئاسة المصرية وكذلك كان وحدث أن الديكور الداخلى للطائرة الجديدة وهو من رسم المصمم الفرنسى الشهير "بير كاردان" لم تجئ الوانه متوافقة مع ذوق من يعنيهم الأمر فى القاهرة.
وبالفعل تم تغيير الديكور الداخلى للطائرة بألوان مختلفة تلقى القبول، وفى تلك السنوات على طول السبعينيات توثقت العلاقة بين الرجلين حسنى مبارك وأشرف مروان وزادت قرباً عندما أصبح أشرف مروان ضمن المسئولية عن مشتريات السلاح بعد اعتماد سياسة تنويع مصادره ويلاحظ حتى من قبل ذلك أن الرجلين معاً كانا قريبين بحكم الاختصاص من صفقة الميراج الليبية مع فرنسا(1970-1974) فقد كان مبارك باعتباره قائد الطيران هو الرجل المسئول عما يجئ لمصر من تلك الصفقة، ثم إن عقد الصفقة قام به أساساً ضباط من سلاحه قصدوا إلى باريس بجوازات سفر ليبية (لكن الفرنسيين كانوا يعرفون الحقيقة ).
وفى نفس الوقت فإن اشرف مروان فى ذلك الوقت عن العلاقات الليبية لم يكن بعيداً عن التفاصيل، ويستوقف النظر فى تلك الفترة أن دخول أشرف مروان فى قضايا التسليح كان ظاهرا على مستوى القمة قفقد حضر اجتماعا رسميا للرئيس السادات مع وزير اخارجية الأمريكية هنرى كسنجر وكان الاجتماع فى بيت الرئيس السادات فى الجيزة يوم10 أكتوبر 1974وترى وثيقة رسمية من الوثائق السرية لوزارة الخارجية عنوانها مذكرة عن مناقشة أن الاجتماع حضره من الجانب المصرى مع الرئيس السادات كل من إسماعيل فهمى وزير الخارجية ومحمود عبد الغفار وكيل الوزراة وأشرف مروان ومن الجانب الأمريكى هنرى كسنجر وجوزيف سيسكو والسفير هيرمان إيلتس (سفير الولايات المتحدة فى القاهرة ) وبيتر رودمان(من هيئة الأمن القومى الأمريكى).
وتحت عنوان فرعى يقول" الأسلحة السعودية الى مصر "،يتضح من المناقشة أن السعودية عقدت صفقة أسلحة أمريكية لمصر بقيمة 70 مليون دولار، وأن هناك وفداً سعودياً يتعاون حول الصفقة موجود فى واشنطن وفى الصفحة الثالثة من محضر المناقشة تقول المذكرة (حوار جانبى يدور بين الرئيس السادات وأشرف مروان "السادات") نحن نتحدث مع السعوديين عن صفقة الأسلحة التى يمولونها " وأنت قلت لى إننا سوف نتحدث مع الملك فى هذا الموضوع وأعتقد ان الصفقة يمكن توقيعها قبل شهر ديسيمبر ونحن على استعداد للتوقيع أيضاً فى حدود 70 ملايين دولار فى هذه السنة "كيسنجر " أنان نجد صعوبة كبيرة من السعوديين ولانستطيع أن ندفعهم الى عمل شئ وقد ازعجوا سفيرنا البروتستانتى المتدين لأن كل مايطلبونه هو البنات والمال ولم يسألوا أنفسهم بعد ماذا عليهم ان يفعلوا؟ وهنا تدخل الدكتور أشرف مروان فى المناقشة قائلاً "مروان" إن الملك سوف يحيل الموضوع الى "سلطان" يقصد الأمير سلطان وزير الدفاع وسلطان ليس سعيداً بمسأله الذخيرة التى يقال لهم الآن إن تسليمها سوف يكون بعد14 شهراً
"كيسنجر" موجها الحديث إلى سيسكو" "جو اهتم بهضا الموضوع"
"مروان" ألا يمكن قصر موضوع السلاح على شركات دون تدخل للحكومة "أى يجرى التفاوض بين السعوديين وبين الشركات الأمريكية مباشرة دون تدخل رسمى .
"سيسكو" تلك مسالة صعبة لآن المر يحتاج إلى تصريحات من الحكومة الأمريكية ببيع السلاح
"مروان" لكن نحن لانريد أن يكون لوزارة الداخلية دور فى موضوعات السلاح
"كيسنجر عليكم أن تعرفوا أن وزارة الدفاع يتعين عليها مسألة السلاح أن تعمل على أساس أسعار مقررة.
وبعد اختيار مبارك لمنصب نائب الرئيس سنة 1975 كانت أول مهمة كلف بها أن يقوم بزيارة رسمية لباريس فى يونية من تلك السنة 1975 والهدف منها الاتفاق على شراء وتصنيع صواريخ فرنسية فى مصر وكان مروان مصاحباً لمبارك ولم يكن قد تولى بعد مسؤلية هيئة التصنيع الحريى (والتفاصيل حول هذه الصفقة منشورة فى المجلة المعتمدة لشئون الطيران فى العالم
وكرت السنين إلى أوائل الألفية الجديدة ومع حلول سنة 2000 وأشرف مروان مقيم فى لندن بدأت الأخبار تتسرب فى إسرائيل تلمح إلى أنه كان عميلاً إسرائيل الذى أخطر الموساد بتوقيت نشوب الحرب فى اكتوبر 1973.
ثم حدث فى ذكرى اكتوبر 2005 وهى مناسبة يقوم فيها رئيس الدولة عادة "السادات" أو مبارك بعده بزيارة ضريح جمال مبارك وعند خروجه كان مروان الأقرب إليه بين مودعيه.
كانت التسريبات التى خرجت من لجنة الأمن والدفاع فى الكنيست ومن مجالس عسكرية سرية خاصة تشكلت للتحقيق فيها شديدة الحساسية والخطورة وهى باختصار آثر من آثار الصادمة التى واجهتها إسرائيل فى الأيام العشرة الأولى من حرب أكتوبر1973 فقد حدث وقتها أن إسرائيل شكلت لجنة تحقيق خاصة رأسها القاضى آجرانات لكى تبحث اسباب ماوقع وتحدد المسئولية عنه وكانت النقطة المركزية فى التحقيق هى: هل فوجئت إسرائيل أو لم تفاجأ؟ وإذا كانت قد عرفت من مصدر سرى فلماذا تأخرت فى الاستعداد ساعة الحسم؟
وكانت لجنة التحقيق الخاصة وهى مشكلة بقرار من رئيسة الوزراء جولد مائير قد توصلت إلى نتائج أعلنت ملخصاً مقتضباً جرى إعلانه مع إجراءات عقابية طالت عدداً من المسئولية وبين ما اتخذ من إجراءات توجيه لوم إلى وزير الدفاع موشى ديان وإزاحة رئيس أركان الجيش الإسرائيلى الجنرال ديفيد بن أليعازر من منصبه وإحالة الجنرال إيلى زائيرا (مدير المخابرات العسكرية إلى التقاعد). (الأهرام)
صهر الزعيم خدع إسرائيل فى أكتوبر ودفعها لتجاهل تقارير ميدانية عن الحرب.. وأبلغها بموعد مضلل ساعد مصر على تحقق أهدافها خلال 4ساعات
من الكتابات الإسرائيلية نفسها يمكننا أن نفهم كيف خدع أشرف مروان كبار القادة الإسرائليين؟ وعلى رأسهم رئيسة الوزراء جولدا مائير، ووزير الدفاع موشى ديان، ورئيس جهاز الموساد تسفى زامير، وأخيرًا رئيس الاستخبارات العسكرية إيلى زاعيرا، فباختصار شديد قضت عملية "مروان" – حسب العقيدة السوفيتية التى كانت تعتنقها مصر وقتها على المستويين العسكرى والاستخباراتى- تزويد إسرائل بـ 95% معلومات صحيحة ولكنها محسوبة بدقة، مقابل تمرير معلومة خاطئة تقضى على أهمية المعلومات المسربة فى الوقت الحاسم، وكانت مهمة أشرف مروان ببساطة حسب ما قاله إيلى زاعيرا فى مذكراته هى زرع "مفهوم" فى إسرائيل بأن مصر لن يمكنها شن الحرب ما لم يتحقق شرطين أساسين، الأول: الحصول على طائرة مقاتلة قاذفة تستطيع قصف المطارات فى عمق إسرائيل، والثانى: الحصول على صواريخ سكود لقصف المدن الإسرائيلية حال استهداف إسرائيل للعمق المصرى كما فعلت فى أواخر حرب الاستنزاف، وقبل حرب أكتوبر لم يتحقق هاذان الشرطان، وكان هذا "المفهوم" راسخًا بقوة لدى دوائر صنع القرار الإسرائيلية قبل أن يتولى "زاعيرا" منصبه فى أكتوبر 1972 ، ولم يقل أشرف مروان هذا صراحة لإسرائيل ولكن قادتها استنتجوا هذا "المفهوم" من خلال وثيقتين سربهما أشرف مروان وتسجلان محاضر جلسات بين عبد الناصر والسادات والقادة السوفييت، وطالما لم يتحقق هاذان الشرطان فإن الحرب ستكون مستحيلة.
وقبل الحرب حذر أشرف مروان إسرائيل 3 مرات من أن مصر ستشن هجومًا عليها إلا أن هذا لم يحدث، وبحسب كتاب "الملاك" سالف الذكر، فإن رئيس جهاز الموساد ضغط على أشرف مروان فى لقاء 5 أكتوبر ليحصل منه على تأكيد بأن الحرب حقيقية هذه المرة، وكان رد مروان :"وكيف لى أن أعرف فالسادات يمكنه أن يغير رأيه فى اللحظة الأخيرة"، وقد تأكد بعد ذلك أن الثلاث تحذيرات السابقة لم يكن لها أى أساس من الصحة، كما أن السادات لم يكن بإمكانه التراجع عن الحرب فى اللحظة الأخيرة لأن الغواصات المصرية كانت قد خرجت بالفعل لإغلاق مضيق باب المندب، وبالنسبة لهذه الغواصات فإن الحرب كانت قد بدأت بالفعل لحظة تحركها يوم 27 سبتمبر 1973.
ولكن لماذا أخبر مروان إسرائيل بتلك المعلومة؟.. للإجابة على هذا السؤال الصعب علينا أن نعود لما قبل الحرب بأيام، فقد رصدت إسرائيل حشودًا لقوات سورية ومصرية على الحدود، لكن إسرائيل كانت مطمئنة فى ذلك الوقت من أن هجومًا مشتركًا لن يحدث بسبب نظرية "المفهوم" سالفة الذكر، وفسرت الحشود السورية بأنها "استعداد لرد انتقامى" على المعركة الجوية التى دارت بين الطيران السورى والإسرائيلى يوم 13 سبتمر عام 1973 وخسرت فيها سوريا 13 طائرة، فيما فسرت القيادة السياسية الإسرائيلية الحشود المصرية بأنها تأتى فى سياق مناورات الخريف السنوية، لكن هذا التصور تغير فجأة صباح يوم 4 أكتوبر- اليوم السابق مباشرة لاتصال أشرف مروان بالموساد- حيث قام الاتحاد السوفيتى، بعد أن أبلغ بموعد الحرب، بإجلاء أسر مستشاريه من مصر وسوريا فى توقيت متزامن، الأمر الذى أدى إلى إعلان حالة الطوارئ فى الجيش الإسرائيلى، وبحسب مذكرات الرئيس السادات فإن الإجراء السوفيتى قد أزعج القادة المصريين بشدة حيث اعتبروه بمثابة اعتراف سوفيتى بأن ثمة حرب قادمة وأنه يخشى على أسر مستشاريه فى مصر وسوريا.
ومما سبق يتضح أن القيادة السياسية المصرية كانت مقتنعة فى صباح الرابع من أكتوبر بأن الإسرائيلين قد استتنجوا من الخطوة السوفيتية أن ثمة حرب على وشك الحدوث، وكان لابد من تخدير الإسرائيلين ومنحهم موعدًا مضللًا عن الحرب.. ونعود إلى كتاب الملاك، حيث يقول المؤلف عن لقاء الخامس من أكتوبر "بدا مروان متوترًا، وقال: تأخرت عليكم لأننى أمضيت المساء بأكمله فى قنصليتنا بحى كينسنجتون. وكنت على التليفون مع القاهرة محاولًا معرفة آخر الأخبار هناك. إنه (السادات) ينوى شن الحرب غدًا".
ويضيف: "بدا مروان من طريقة عرضه للمعلومات إنه يدرك معرفة الإسرائليين بهذا الخبر، وكانت لدى المصريين قناعة بأن الإسرائيليين سيعرفون أن هناك حربًا ستشن عليهم قبلها بيومين كاملين، غير أن مروان ربما حاول أن يبدو فى عرضه الموقف للإسرائليين وكأنه المرجع الوحيد لمن يريد معرفة ما يحدث فى مصر، رغم حقيقة أن معلوماته تظهر أنه لم يكن يعلم بالأمر ويتيقن منه إلا منذ عدة ساعات".
ولكن "مروان" كان يعرف بموعد الحرب قبلها بمدة طويلة، فبحسب إيلى زاعيرا، رافق "مروان"، السادات فى زيارته السرية إلى السعودية للتنسيق حول قطع النفط خلال الحرب وأخبر السادات الملك فيصل بأن الحرب ستنشب فى الخريف.
رغم أن مصر لم تصدر أى معلومات رسمية تفصيلة حول أشرف مروان ودوره فى حرب أكتوبر، إلا أن ثمة إشارت صدرت من القيادة السياسية المصرية حول دور مروان سنلخصها فيما يلى:
1-تسريب فيديو للرئيس أنور السادات يكرم فيه أشرف مروان بأكبر وسام عسكرى مصرى لـ"دوره فى حرب أكتوبر".
2-فى ظهـر يوم الـ 6 أكتوبـر 2004، ظهرت المفاجئة المدويـة للذين يعتقـدون داخل أجهزة الاستخبارات الإسرائيليــــة بأن مــروان كان مخلصا لهم، حيث بث التليفزيون المصرى فيلما قصيرا يظهر الرئيس الأسبق حسنى مبارك وهو يحتضن أشـرف مـــروان قبل أن ينطلقا معا لوضـع باقة من الزهـور على قبـر الزعيم الراحل جمـال عبـد الناصر، الشريط نفسه نشر لأول مرة فى موقع صحيفة يديعـوت أحرونـوت باللغة العبريـة، وفيه يقف أشـرف مــروان بعد 31 عامًا من حـرب أكتوبـر ويصافح بود حقيقـى الرئيس مبارك أمام الكاميرات فى مراسم النصر، ويرافق الشريط تعليق قصير يقول: "وهكذا، لم يتبق مجال للشك، فما كان الرئيس المصرى حسنـى مبـارك ليعامل أكبـر خائـن عرفتـه مصـر فى تاريخها هذه المعاملة.. صـورة واحـدة تسـاوى ألـف مناقشـة بيـن المثقفيـن"، ونشرت صحيفة "يديعـوت أحرونــوت" فى مايـو 2005 تقريرًا عن هذا الشريط الذى يجمـع مبــــارك ومــروان، اعتبر فيه محرر الصحيفـة لشئون أجهـزة الاستخبارات والقضايـا الاستراتيجية أنه "سينهى الجدل الدائر منذ 32 عامًــا فى إسرائيــل حول مـــروان بأنه بطل قومى مصـــرى".
3- سمح عمـرو موســى وزير الخارجيــة الأسبق، بعد كشفت إسرائيل عن اسم مروان، لابنته بالزواج مـن ابــن مـروان فى الوقـت الذى كـان فيه موســى فى منصب يسمح لـه بالاطلاع على المعلومات الأشد سرية فى الاستخبارات المصريـة بحكم عمله.
4- وبعد اغتيال "مروان" فى لندن يوم 27 يونيو 2007، أصدر الرئيس الأسبق حسنى مبارك بيانا رسميا أكد فيه أن مروان "كان وطنيا مخلصا وقام بالعديد من الأعمال الوطنية لم يحن الوقت للكشف عنها"، كما أرسل "مبارك" نجله "جمال" ليتقدم الجنازة التى حضرها كبار رجال الدولة وعدد من قيادات المخابرات المصرية، وشيعت الجنازة من مسجد عمر مكرم حيث أقيمت صلاة الجنازة التى أمها د. محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق، وكانت جنازة لا تليق إلا بالأبطال القوميين.
وأخيرا ولكى نحسم تلك القضية علينا أن نطرح هاذين السؤالين، الأول: السبب الذى يدفع ضابط مصرى متزوج من ابنه جمال عبد الناصر لكى يتجه بنفسه إلى السفارة الإسرائيلية ليقامر برقبته ويعرض خيانة وطنه؟ الإسرائيليون يقولون إن الدافع هو المال، ولكن ألم يكن فى إمكان مروان أن يستغل نفوذه كصهر الرئيس ويكون فاسدا بدلا من أن يكون خائنا ليحصل على المال؟.. السؤال الثانى لماذا كشف الإسرائليون عن اسم أشرف مروان خلال حياته، إذا كان فعلا عميلا لإسرائيل، رغم أن ذلك يتعارض من أهم قواعد الاستخبارات؟ ( اليوم السابع )