كرهت جمهوري وأتمنى يصمت.. وسأجد جزائي العادل في الجنة.. وهذه أقوى صدمة واجهتها في حياتي.. تفاصيل 7 أيام من مذكرات سناء جميل

الموجز

تُعتبر الفنانة «الصعيدية» سناء جميل، والتي تُعتبر أهم الفنانات في مصر والعالم العربي والتي ارتبطت بجمهورها بشكل كبير على حيث أبهرت المشاهدين بأدائها السهل الممتنع.

الكواليس المهنية والشخصية في حياة الفنانة الكبيرة سناء جميل، من خلال عرض ما كتبته خلال 7 أيام في أجندتها الخاصة التي تدوِّن فيها مذكراتها، بتاريخ 20 يونيو 1959، والتي نشرته مجلة الإذاعة والتليفزيون.

مواقف حدثت على المسرح

تباينت مواقف الفنانة التي روتها ما بين مواقف حدثت لها على المسرح كرهت خلالها الجمهور، وأخرى عن علاقتها بالراحلة نادية فهمي، وكذلك عن انفعالاتها في التمثيل والجزاء الذي تتمناه، وغيرها الكثير، وهو ما نستعرضه في السطور التالية.

السبت

سألتني فتاة من أسرة كبيرة، المستقبل أمامها مفروش بالورود.. إلى بيت وزوج واستقرار، سألتني هذه الفتاة التي أعلم أنها تحب التمثيل وتجيده إجادة أذهلتني: هل احترف التمثيل؟

صمت ولم أجب.. بل حاولت التهرب من الإجابة على سؤالها.. إذا قلت لها: نعم.. فمعناه أنني أطلب منها أن تقتلع الورود اليانعة.. وتترك الأشواك تدمي قدميها، وأنا أشفق عليها من هذا الطريق الطويل الوعر.

وإذا قلت لها: لا.. فمعنى ذلك أنني لا أؤمن برسالة الفن، وأريد أن أحرمه من كفاءة جديدة.. وأنا على العكس أعبد فني وأقدسه.. إنني حائرة لا أدري ماذا أفعل.


الأحد

كرهت جمهوري هذه الليلة

قد يتبادر لذهنك لأول وهلة أنه لم يصفق لي كثيرًا.. ولكن العكس هو الصحيح، فقد أحسست بغيظ كبير، وأنا في ذروة الانفعال، أعيش لحظة مليئة بالمشاعر.. عندما فوجئت بالمسرح يدوي بالتصفيق، لقد شعرت ساعتئذ أن تصفيق الجمهور إهانة لمشاعري.. وسخرية لروعة الموقف.

كنت أتمنى لو كافئني جمهوري بالصمت.. الصمت العميق الذي يشعرني أن جمهوري يذوب معي في إحساس واحد.

وذكرتني هذه الليلة بالليلة الأولى التي عشت فيها دوري في مسرحية "الوارثة"، عندما انطلقت كل خلجة بل كل إحساس تصرخ: "إنني لا أريد منه أن يسليني.. بل أريد منه أن يحبني"، وفجأة دوى المسرح بالتصفيق، فأحسست في تلك اللحظة أن جمهوري قد ألقى علي دشا من الماء المثلج.

الاثنين

خاطر عجيب انتابني الليلة.. هاكم تفاصيله.. اثنان.. أحدهما يعيش على المسرح بأعصابه ويمنح دوره كل نفسه ومشاعره بل كل خلجة من خلجات نفسه!

والثاني.. يعلق على وجهه معالم الدور.. ويرسم على نفسه صورة ممثل بارع!

الاثنان يتناولان أجرهما وينتهي الأمر !

هل هناك جزاء آخر؟

في الدنيا لا أظن.. وهذا ما يقوي اعتقادي بأننا سنجد الجزاء العادل في الجنة.

الثلاثاء

حاولت أن أكون مهرجة ناجحة ! أعلق على شفتي ابتسامة استقبل بها ضيوفي الذي جاءوا ليحتفلوا بيوم العيد معي!

ولكني فشلت في أداء دوري لأول مرة في حياتي !

عجزت أن أخفي صورة وجه العزيز "سعد" من عيني.. وسعد هذا هو اسم الخروف الذي ظل يملأ بيتي بالسرور والبهجة أكثر من أسبوع.. في خروجي ودخولي أقول له "ازيك" وهو يستقبلني ويودعني بكلمة "ماء"، وكأنه يقول "سلامات".

وجاء الرجل القاسي وحرمني منه.. وخيل إلي أنه ذبح أعز أصدقائي.. ودخلت حجرتي وأغلقتها على لأمسح الدموع التي سالت على وجنتي في سكون.

الأربعاء

في سهرة الليلة دار هذا الحديث بينما كنا نختار صورة ننشرها مع هذه الأجندة..

قالت صديقتي وهي تمسك إحدى الصور: هذه الصورة لسناء الجميلة الباسمة الاجتماعية التي تريح نظر القارئ

وقلت أنا: ولكن الصورة الأخرى فيها تعبير.. واحدة بتقول للزمن "اخص عليك"

- ولكن جمهورك يريد أن يراكِ سعيدة دائما

-وأنا أريد أن أثبت أن الفنان يستطيع أحيانا أن يكون ملك نفسه

وانتصرت.. فما رأيك؟

الخميس

كان أسرع مني !

خطفها بسرعة مثيرة.. وتركني أنا وضميري وصورتها نتعذب معا

لقد خطف القدر نادية فهمي.. الفنانة الإنسانة.. قال "أولاد الحلال" لي عنها الكثير.. واستمعت إلى كلامهم للأسف، وتغيرت معاملتي لها.. وقبل سفرها إلى رحلة الموت بساعات، جاءتني وقالت كلاما أحسست بعده أنها إنسانة.. وإنسانة كبيرة.

وقررت أن اعتذر لها بصورة عملية.. فأفتح لها نفسي وقلبي حتى أمحو أخطائي.

وانتظرتها.. فقد كنت على موعد معها في الصباح.. وبدلا من أن تجيء نادية.. جاءت جثتها.. وكانت أقوى صدمة واجهتها في حياتي.

الجمعة

كنت أمثل دور الدمية في مسرحية "بيت الدمية" لهتريك ابسن في البرنامج الثاني. إنه دور المرأة الثائرة على القيود التي تجعلها تعيش في مجتمعها كدمية، وتمنيت أن أمثل هذه المسرحية في التليفزيون، فقد كانت الانفعالات تملأ وجهي والأحاسيس تهزني.. والميكروفون غير قادر تماما على أن ينقل كل شيء أريده أن يصل إلى عين المستمع قبل أذنه.. فهل تتحقق هذه الأمنية؟.

 

تعليقات القراء