(قفشات أفلام): عاشق للإفيهات المصرية

كسرة- دنيا ماهر
1
(ده حتى مش كويس أبداً على عقلي الباطن)
 
تسمع صوتي في الهاتف: كده برضه يا سونة يا قاسي؟ ما تسألش فيا؟ أحبك موااه، أعبدك موااه، أدوب في هواك. فتضحك عالياً وترد: بنت سلطح بابا. تنفجر ثانية في الضحك. أتعمد استخدام «الإفيهات» وأنا أتحدث مع دارسة الفنون الجميلة- التي كانت صديقتي- والتي تعتقد الآن أن الفنون «حرام»، فلا تسمح لأطفالها بمشاهدة فيلم «إشاعة حب» حتى لا تتشوه فطرتهم بالشرور، قابلت ابنتها، تشبه أمها كثيراً حين كانت ما تزال تحفظ الأفلام بالمؤثرات الصوتية، وتهلكنا ضحكاً حين تعلن نهاية أي موضوع بتلقائية:
-إيييييييءء (من المفترض أنه صوت فرامل سيارة)
 
قطع
 
-صدق الله العظيم (صوت المقرئ في عزاء من صدمته السيارة …معروفة)
 
الابنة الآن تتحدث في السياسة، ترص أقوالاً تراثية بجانب أحلام وردية، أعدد لها أخطاء المدينة فتثير حفيظتي بخيبة تبدوا مثالية، وتحدثني عن الحكومة أقول: ما الفول من الطعمية والطعمية من الفول يا مسعود، تنظر لي بريبة؟ من مسعود؟ تضحك أمها، ترفض الابنة الهجرة وأستمر أنا : فجلة حبنا، ليكي عندي نقضي كل ويك إند في الخرابة مع الصرصار (أمط الكلمة الأخيرة)، تستمر الابنة بشرح وجهة نظرها رغم تأففها الواضح ثم نطقت كلمة وفاق، هنا قاطعتها بكل حماس: دي سياسة أمك.
وانفجرت أنا وأمها في الضحك لكن احمرار عين الفتاة ووجهها ثم هرولتها إلى غرفتها حولا ضحكتي لذهول، نظرت للأم: هي عمرها ما اتفرجت على مسرحية المتزوجون؟
 
من بين ضحكتها تقول: صرم يا نفيسة، احنا ما بنتفرجش على الحاجات دي.
 
ثم جرت تكمل ضحكها وهي تسعى خلف ابنتها، كنت أنظر لها وأفكر، كيف لا تفتقد ذلك النوع من التواصل مع ابنتها؟ لماذا وتحت أي ظروف كفت عن احتياج توريث ثقافتها؟ كيف ترى وتقيم نفسك حتى تحب إنجاب جيل لا يشبهك؟ حينها، شككت أن صديقتي القديمة المحبة للحياة ونفسها لم تعد بالضبط موجودة، هو احنا غلابة يا مسعود؟ فشر، احنا مساكين يا روحي.
 
2
(نجيب التعليم من أوله: لقد زجحت لك كذكرتين)
 
الإفيه، هو المؤثر الذي يضاف للعمل الفني، مأخوذ عن الكلمة الفرنسية effet والتي تعني المؤثرات، وشاع استخدامه أيضاً في اللهجة المصرية للإشارة لجمل حوارية مضحكة (قفشة/نكتة) في عمل درامي، وقد تنتشر بعض تلك الجمل الحوارية/القفشات انتشاراً واسعاً بين الناس فيستخدمها حتى من لم يشاهد العمل الدرامي مصدر الجملة، فالإفيه الذي ينتخبه الناس ينفصل عن العمل الدرامي، ويصبح كائناً اعتبارياً في ذاته يتخطى حتى المفهوم البسيط للقفشة التي بدأ منها، ليلعب أدواراً متعددة في ثقافة التعبير المحكية –إن جاز المصطلح- فمنها ما يستخدم كنوع من الاستعارة، عبارة قصيرة موازية تلخص حالة كاملة، ومنها ما يجرى مجرى المثل وخلاصة الحكمة، وفي الحالتين يمتزج بالسخرية التي غالباً ما نشرت العمل الدرامي في الأساس.
 
تترسخ ثقافة استخدام الإفيه في مصر التي عرفت السينما والمسرح منذ ما يزيد عن القرن، حتى لا يكاد يخلو حوار من إفيه درامي ما، والمكتبة لا تنضب بل يضاف إليها مع كل عمل درامي جماهيري جديد، كما يستخدم الإفيه في مواقف متنوعة ومستعجبة كالتظاهرات السياسية والمناوشات العائلية.
 
3
 
(الشاويش عطية: يابجم)
 
حادثة سير على كورنيش المعادي، كالعادة تتحول لمشاجرة، أبدأ في التوتر، يترجل سائق الملاكي بجلبابه ولحيته، يصرخ في سائق الربع نقل، أقلق أن يظهر سلاح ناري الآن وينفجر الموقف، يستمر الصياح: دي دخلة يا صنم يا ابن الصنمة يا بجم يا ابن البجم يا هلفوت يا ابن الهلفوتة.
 
أضحك من قلبي، فالرجل يستعير السباب من الشاويش عطية في فيلم ابن حميدو، يزعق عابر على موتوسيكل ساخراً من العراك: هي الرجالة دي مش لابسة بنطلوناتها ليه يا وديع؟
 
4
(مش ولأ؟…. بتكلموا بعض بالشفرة؟)
 
غالباً ما تطور كل مجموعة مفرادتها من «الإفيهات» بناء على بيئتها وطريقة معيشتها واهتمامتها – بل وأدعي- بناء على مستوى وعيها أيضاً، فنلاحظ أن استخدام الإفيه قد يكون مخالفاً أو مختلفاً من جماعة اجتماعية لأخرى، فنرى دلالة الإفيه وطريقة استخدامه تتنوع وتتطور،على سبيل المثال لا الحصر، هذه بعض الإفيهات التي أتداولها في مجموعتي الاجتماعية (الشلة) ودلالاتها فيما بيننا:
 
- غصب عن عين أهلك هتتعلم يعني هتتعلم (تقال بطريقة الكبير حسن مصطفى) دلالة على الإصرار الأعمى المخلوط بالإجبار.
 
- يبقى انت اللي قتلت بابايا آه يا بابايا (بطريقة المبهجة شويكار) تستخدم للتعبير عن حالة (بيرازوا فيا) بأداء روبي الشرقاوية، بمعنى رمي البلاء، التجني، المضايقة.
 
- أنا واحدة ست، أنا عندي برد (أيوة شويكار برضه) دلالة على نية الاستغلال والسهتنة.
 
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية – كناية عن الخيبة الشديدة وسوء التصرف.
 
- أنا ابن بلد ومدقدق (بلكنة) -تدل على السذاجة والغشم.
 
- على يدي (بأداء الأستاذ فؤاد المهندس) – كونتا كان قاعد هنا وكنتي كان قاعد هنا ….شهادة زور …. معروفة.
 
- كلنا إيد واحدة يا بهجت – اتلم المتعوس على خايب الرجا.
 
- إنت مش قلتلي روح اشتري بيبس؟ (لابد تفرقع كلمة بيبس مثلما فعلها سعيد صالح) – معناها ضاعت المصلحة.
 
- كل شيء موجود بس مستقل بذاته – كناية عن الخراب.
 
- قلة حبنا -الرومانسية المفرطة لحد الهبل.
 
- يا سيدي يا سيدي على الخبرة – معناها أنت بتفتي صح؟
 
- طيب لحظة واحدة، أروح اتحزم وأجيلك – خيبة أمل في مستوى ذكائك.
 
- دي علامة يا مارد؟ – انت بقى من الناس اللي بتصدق في ميتافيزيقا وكدة؟
 
- الباز أفندي راجل ساقط ابتدائية فاهم الأشياء مطلع وقاري – يتحدثون عن مدعي أو شخص يؤمن بشكل أعمى.
 
- إنت شديد قوي على الموظفين بتوعك يا سيد بيه (بمعنى خف تعوم).
 
- يا تعملوا لهم سندوتشات حلاوة بالقشطة يا توفروا لهم الكلة سعادتك (تعبير عن أن أمر بديهي).
 
- أنتوا ازاي تتهجموا على الناس في بيوت الدعارة كده؟ (دلالة على البجاحة).
 
- أيوة يعني همة ليه نايمين لحد دلوقت؟ – معناها مش فاهم وعارف إني غبي.
 
- شيلوا الميتين اللي تحت – بنفس دلالة ما شافوهمش وهمة بيسرقوا شافوهم وهم بيتحاسبوا.
 
- يا سوسو – ما تجمد يا فندم.
 
- بابا مين يا ولا؟ بابا أنت يا حبيبي ( كناية عن الاتهام الباطل-التدبيس).
 
- روح يا حمادة العب مع الأسد (معناها طير أنت).
 
- أنا شربت حشيش يا سعاد ( المبالغة في الصدمة الناتجة عن جهل).
 
- سيري يا نورماندي – بمعنى ياكش تولع.
 
- هو دراعك بيوجعك قوي ياض يا مرسي؟ – للتعبير عن مأزق، قرار صعب.
 
- نحن غرابا عنك عنك – عالم كفرة.
 
- اعمل نفسك ميت – دعوة للتهرب من موقف سخيف.
تعليقات القراء